ارشيف من :صحافة عربية وعالمية

مجلس الأمن يدعو إلى حكومة اتحاد وطني توحي بما يحضر دولياً للمنطقة

مجلس الأمن يدعو إلى حكومة اتحاد وطني توحي بما يحضر دولياً للمنطقة

ركّزت الصّحف اللبنانية الصّادرة من بيروت صباح اليوم على ملف عودة النازحين السوريين الى وطنهم في الوقت الذي تضغط فيه المناوشات السياسية وتفعيل العلاقة مع سوريا على الرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل الحكومة. لكن مجلس الأمن بمطالبته بحكومة اتحاد وطني، أمّن له الغطاء الدولي. والسؤال ما هو الثمن وما هو مطلوب من لبنان؟

دوليًا، عادت قواعد الاشتباك الصهيوني السوري الى الواجهة مجدّدًا أمس مع إسقاط السوخوي، حيث فتحت حكومة الاحتلال منصة الرسائل العسكرية منذ قمة هلسنكي والتفاهمات التي لم تجلب لها ما طلبت لجهة مخرج يحفظ ماء الوجه، وتستطيع تقديمه كإنجاز أمني يغطي هزيمة المشروع الذي استثمرت عليه لتدمير الدولة السورية.

"النهار": 30 ألف سوري في لبنان قاتلوا ضد النظام

اذا كانت أزمات التأليف الحكومي والأوضاع الاقتصادية وتداعيات النزوح السوري تلقي بظلالها على لبنان، فإن موضوع الحريات لا يزال يحظى بمتسع من الاهتمام، وأهمها حرية التعبير، بعد تزايد استدعاء الناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وآخرهم شاب وجه كتاباً مفتوحاً الى رئيس الجمهورية يشكو فيه حاله وأحوال البلاد وأقرانه من الشباب. وعليه، نفذت مجموعة من الناشطين اعتصاماً مساء أمس في ساحة سمير قصير قرب مبنى "النهار" تحت عنوان "ضد القمع". ورأى المنظمون ان لبنان بات "يشهد تراجعاً غير مسبوق في حرية التعبير وفي مستوى الحريات بكل أشكالها. منذ قرابة سنتين تتوالى الاعتقالات والتوقيفات على خلفية كتابات أو منشورات على صفحات التواصل الاجتماعي. ويتواصل توقيف صحافيين وناشطين لأسباب تتعلق بآرائهم ومواقفهم من الطبقة السياسية الحاكمة ومن ملفات الفساد المتراكمة... الحريات في خطر، وكأن البلاد تعود الى زمن الدولة الأمنية".

أما سياسياً، فاستمر تبادل الرسائل غير الودية ما بين الأطراف، وتمنى مكتب رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري على وسائل الاعلام "مواكبة المستجدات المتعلقة بعودة النازحين، بما يوفر لها مقومات النجاح والتطبيق الآمن، والابتعاد عن إغراقها في متاهة التجاذبات الداخلية". وينطبق على هذه الدعوة قول "الحكي الك يا كنة واسمعي يا جارة"، اذ ان المزايدات على رئيس الوزراء في موضوع النازحين والتواصل مع روسيا بلغ ذروته في اليومين الأخيرين.

وفي خلاصة التحركات والاتصالات ان فريقاً روسياً سيزور بيروت غداً الخميس لمتابعة التواصل مع الحكومة اللبنانية في شأن اعادة النازحين السوريين، لكن مصادر متابعة قالت لـ"النهار" إن تلك العودة لن تتحقق بين ليلة وضحاها، ولن تثمر اللقاءات في الأسابيع المقبلة بل انها ستضع الحل على السكة في انتظار تهيئة الظروف المحلية في الداخل السوري لتنظيم عودة أعداد كبيرة لاحقاً. ويشمل الحل تسوية اوضاع عدد كبير من المعارضين السوريين يبلغ نحو 30 ألفاً قاتلوا الجيش السوري، ولا يجرؤون على العودة من دون تسويات حقيقية. وهو ما سبق للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم أن بحث فيه مع القيادة السورية عندما طرح امكان العفو عن هؤلاء وبالتالي تسهيل عودتهم.

وكان الرئيس المكلّف التقى أمس القائم بأعمال السفارة الروسية فيتشيسلاف ماسودوف ومساعد الملحق العسكري دينيس خيتريى ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، للبحث في المقترح الروسي.

"الأخبار": مجلس الأمن يحمي الحريري: مقدمة لما سيطلب من لبنان؟

مع تصاعد الكلام تدريجاً حول ملف العلاقات اللبنانية - السورية وإعادتها إلى طبيعتها عبر القنوات الرسمية، والتجاذب السياسي بين مؤيد ورافض، يتأرجح مسار تشكيل الحكومة.

منذ اللحظة التي بدأ فيها الكلام جدياً و«رسمياً» حول ملف العلاقات اللبنانية - السورية، جرت محاولات لاستطلاع ما وراء هذه المطالبة وتوقيتها، بعيداً من ملف النازحين السوريين والمبادرة الروسية. إذ إن ثمة جانباً أساسياً يتعلق بجوهر الخلافات الداخلية التي انطلقت من النظرة إلى هذه العلاقات، والرئيس سعد الحريري معني في شكل رئيسي أكثر من غيره من القوى المناهضة للنظام السوري والمطالبة بأن يكون للحكومة مجتمعة حق تقرير مصير مستقبل هذه العلاقات.

ولا يمكن أن يكون توقيت فتح هذا الملف بعيداً من الضغوط التي تمارس حالياً من أجل تأليف الحكومة، وتتركز في شكل أساسي على الحريري الذي لا يزال متريثاً في الإقدام على وضع التشكيلة التي يريدها فعلياً على الورق، وطرحها أمام رئيس الجمهورية.

ووسط كم العراقيل التي تقف مانعاً أمام تشكيل الحكومة، ثمة سؤال طرح في الأيام الأخيرة عن تفعيل العلاقة مع سوريا. هل هذا التوقيت، يتعدى معالجة النزوح السوري، ويهدف من ضمن حملة التصعيد الداخلي ضد الحريري وصلاحياته، إلى إحراجه فإخراجه. والسؤال له تتمة، هل المطلوب إخراج الحريري من الحكومة العتيدة، ومعه القوى السياسية التي يتضامن مع مطالبها في الحكومة، كالحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، وكلاهما معروف موقفه من النظام السوري. هذه الأسئلة ترتبط بجملة وقائع تدرجت منذ الانتخابات النيابية وصولاً إلى الجو التصعيدي منذ أن بدأ الحريري يرسم معالم مختلفة عن تلك التي وضعتها التسوية الرئاسية.

يستعيد سياسيون الكلام الذي قاله قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بعد الانتخابات النيابية عن فوز الأكثرية التابعة لحزب الله في المجلس النيابي وعن «حكومة المقاومة» كما أسماها. ومن ثم توالي الضغوط لتأليف الحكومة من دون الأخذ برأي القوى السياسية كلها التي فازت في الانتخابات، وصولاً إلى فتح ملف العلاقات اللبنانية - السورية. صحيح أن هذا الملف موضوع على الطاولة كما أنه من الصحيح أن الحريري كان سيضطر عاجلاً أم آجلاً إلى مقاربته، وسيكون في وقت من الأوقات مادة نزاع سياسي بين طرفين متناقضين في الرؤية لدور سوريا والنظام السوري. لكن تسريع طرح المشكلة، بعد سلسلة إشكالات مع الحريري، هو الذي طرح علامة الاستفهام. فهل يراد منه الدفع في اتجاه حكومة أكثرية من التيار الوطني الحر وحزب الله وحلفائهما، فلا تكون القوى المعارضة للنظام السوري فيها. وبذلك يترجم العهد ما قاله سليماني بحرفيته؟

يزيد من وطأة هذه الأسئلة أن حزب الله المعني أولاً وآخراً بتشكيل الحكومة، لم يتصرف علانية ولم يظهر بعد أنه يدفع في اتجاه إنتاج هذا النوع من الحكومات التي سبق أن عمل عليها مع الرئيس نجيب ميقاتي. والغموض الذي يكتنف موقف الحزب الذي لم يتحرك عملياً لتذليل العقد الوزارية الداخلية، يقابله ترجيح بأن الحزب وسط التجاذب الإقليمي والدولي حول سوريا وإيران، يتمهل في خطوة حادة من نوع تشكيل حكومة أكثرية. إذ إنه يعرف تماماً مدى خطورتها وانعكاساتها عليه وعلى لبنان، خصوصاً مع تنامي الدور الروسي في المنطقة والتقاطع الإيراني - الروسي في ضرورة خفض التوتر.

وقد جاء موقف مجلس الأمن ليعكس من جهته الجانب الدولي الذي يضع مجدداً خريطة طريق لمسار الوضع اللبناني الداخلي. ففي وقت تمارس الضغوط على الحريري داخلياً وتعود صورة التوتر السوري - اللبناني إلى الواجهة، يطالب مجلس الأمن بحكومة اتحاد وطني. علماً أن الحريري نفسه في مواجهته لحملة التضييق عليه حكومياً، يصر على تشكيل حكومة اتحاد وطني، رابطاً بينها وبين نتائج مؤتمر سيدر والإصلاحات الاقتصادية.

وربط حكومة الوحدة الوطنية بواجهتين دوليتين، كمجلس الأمن وسيدر، يعكس أمرين. الأول، له صلة مباشرة بالحريري إذ إنه يرفع مظلة دولية سياسية واقتصادية فوقه، ويؤمن له الحماية وسط حملة كثيفة من الشروط التي توضع عليه. وهذا الأمر ليس بسيطاً، خصوصاً أن الحريري يعمل على استعادة موقعه سعودياً، بحماية دولية. أما النتيجة الثانية، فهي أن تفعيل الحماية الدولية للوضع اللبناني، في ظل الترتيبات التي تشهدها المنطقة انطلاقاً من سوريا والدور الإيراني، قد يكون مقدمة لما سيطلب من لبنان دولياً. فكأن ثمة ما يحضر دولياً على مستوى المنطقة... وعلى لبنان أن يكون حاضراً كي يغطيه. وهذه التغطية لا تتأمن إلا على مستوى حكومة اتحاد وطني تتشارك فيها كل الأطراف والقوى السياسية. لأن أي حكومة أكثرية من جانب واحد لا تستطيع بظروفها وتركيبتها أن تلبي شروط المجتمع الدولي للتسويات المطلوبة.

"البناء": الجيش السوري يقترب من إنجاز سياديّ كبير جنوباً ويستعدّ للتوجه شمالاً

فتحت حكومة الاحتلال منصة الرسائل العسكرية منذ قمة هلسنكي والتفاهمات التي لم تجلب لها ما طلبت لجهة مخرج يحفظ ماء الوجه، وتستطيع تقديمه كإنجاز أمني يغطي هزيمة المشروع الذي استثمرت عليه لتدمير الدولة السورية، وتفتيت جغرافيتها واقتطاع جزء منها كحزام أمني وتتمة لمشروعها بضمّ الجولان المحتلّ، وحلمت بالحصول على انسحاب إيران وحزب الله من سورية لتصوير انتصار سورية على مشروع الحرب واستعادة الدولة لسيادتها على كامل الجغرافيا السورية التي استهدفها العبث الدولي والإقليمي، بصفته مجرد صفقة كانت «إسرائيل» جزءاً منها، بل العراب الرئيس لها، ووجدت ضالّتها بالعودة الانتقائية لبنود فك الاشتباك المعمول به منذ العام 1974 والذي أسقطته حكومة الاحتلال علناً، لاستبداله بقواعد اشتباك تتضمن إطلاق اليد لاعتداءاتها على كامل الجغرافيا السورية وإنشاء حزام أمني على حدود الجولان، ولما لم تلقَ دعواتها آذاناً صاغية من الحكومة السورية التي واصلت بصمت عملياتها لتحرير الجنوب السوري من سيطرة الجماعات التي رعتها وشغلتها حكومة الاحتلال، ذهب رئيس حكومة الاحتلال مراراً إلى موسكو أملاً بالحصول على مبتغاه، ولما فشل راهن على قمة هلسنكي، ولما فشل، وجاءه العرض الروسي بمفهوم فك الاشتباك الأصلي، لجهة وقف الانتهاكات للسيادة السورية جواً وبراً، وفتح ملف الانسحاب من الجولان وفقاً للقرارات الأممية 242 و338 التي تشكل سند اتفاق فك الاشتباك، ومن دون المقابل المرتجى بانسحاب إيران وحزب الله، بدأت الرسائل العسكرية «الإسرائيلية» للتلويح بأنّ خطر التصعيد سيورّط الجميع ما لم يتمّ الوقوف على المطالب «الإسرائيلية».

وفي هذا السياق كانت الغارة على مصياف وجاءت أمس، عملية إسقاط طائرة سوخوي سورية كانت تقوم بقصف أهداف تنظيم داعش في منطقة اليرموك جنوب غرب سورية، لكن ارتباك حكومة الاحتلال يزداد مع مضيّ الجيش السوري في عملياته وصولاً لتحرير كامل الجنوب السوري إلى نقاط انتشار الجيش السوري عام 2011، ومع احتمالات ردّ مؤلم على التحرّشات يأتي بالجملة وليس بالمفرّق، كما كانت ليلة الصواريخ الطويلة في الجولان، فيما يستعدّ الجيش السوري للتوجّه شمالاً مع المعارك التي تحرّكت إشاراتها الأولى في محاور ريف اللاذقية الشمالي، المتصل بمنطقة جسر الشغور وبأرياف إدلب، وحيث تنتشر جماعات جبهة النصرة وداعش.

2018-07-25