ارشيف من :أخبار العدو
لا حرب على الأبواب
تتحدث عناوين الصحف ومواقع الإنترنت عن تصعيد في الشمال، لكن هذا ليس تصعيدا للمدى الطويل وهو لا يبشر بحرب على الحدود مع سوريا.
الحادثين الأخيرين المتمثلين في إطلاق الصواريخ من قبل الجيش السوري أول أمس واسقاط طائرة مقاتلة سورية من قبل الجيش الاسرائيلي أمس – هما نتيجتين ثانويتين للعملية الرئيسية التي تجري الآن: استكمال اعادة سيطرة الجيش السوري على جنوب الدولة.
"إسرائيل" غير منزلقة الى حرب مع سوريا، هي تحاول تحديد مصالحها الأمنية والدفاع عنها، في الوقت الذي ينهي فيه نظام الأسد مهمته.
طائرة "سوخوي" التي تم إسقاطها كانت في طريقها لمهمة ضد التمردين في جنوب هضبة الجولان السورية، في معظم أراضي الجولان استسلمت المليشيات المحلية للنظام، قوات الجيش السوري تتقدم تقريبا بدون مقاومة و"إسرائيل" تقلص الاحتكاك في المنطقة، وقريبا سيتم البحث في إغلاق إدارة "حسن الجوار" التي قدمت في السنوات الأخيرة الغذاء والدواء والعلاج لعشرات آلاف سكان القرى الواقعة خلف الحدود.
الموقع الأخير لمقاومة النظام بقي في الزاوية الجنوبية الغربية من الهضبة، حيث يوجد فيه حسب التقدير 1200 مقاتل من مقاتلي الفرع المحلي لـ"داعش"، الهجمات الجوية وإطلاق الصواريخ وقذائف المدفعية الثقيلة موجهة جميعها لإضعاف روح المقاومة لرجال "داعش".
لا تستطيع "إسرائيل" حقًا إشغال نفسها بمسألة ما هو هدف المطلقين أو الطيارين الذين يقتربون من حدودها، في الايام الاخيرة تم نقل تحذيرات عبر قنوات مختلفة منها مراقبي الامم المتحدة والقوات الروسية، التي قالت إن "اسرائيل" تنظر بخطورة الى خرق سيادتها، وهي ستعمل من اجل ازالة ما من شأنه أن يشكل تهديدا أمنيا لها.
طائرة "سوخوي" التي أقلعت من قاعدة سلاح الجو السورية "تي 4" قرب حمص في شمال سوريا كانت تطير من الشمال الى الجنوب لكنها اخترقت بمسافة 2 كيلومتر تقريبا "المجال الجوي الاسرائيلي"، الطائرة اسقطت من خلال بطاريتي باتريوت، وهو الاسقاط الثاني من نوعه خلال اقل من اربع سنوات.
منذ اللحظة التي سيتغلب فيها الجيش السوري والروس على المتمردين سيسود على الحدود وضع جديد، "إسرائيل" تحاول تصفير الوقائع في الجولان حسب اتفاقات الفصل من العام 1974، التي سرت هناك حتى انسحاب النظام قبل نحو اربع سنوات. ولكن اساس النقاش مع روسيا، الحليفة الحقيقية لسوريا، تركز على الاتفاق على اليوم التالي، أي على ابعاد القوات الايرانية من جنوب سوريا. هذه هي خلفية زيارة وزير الخارجية الروسي لافروف ورئيس الاركان غراسيموف إلى "اسرائيل" أول أمس. لقد جاء الاثنان لتهدئة المخاوف الإسرائيلية.
روسيا تعهدت بإبعاد إيران ومساعديها حتى 100 كم وليس 80 كم كما تعهدت في السابق عن الحدود، أما "اسرائيل" فتطالب بإخراج كل السلاح الإيراني بعيد المدى من كل الاراضي السورية، ووقف انتاج السلاح الدقيق المخصص لحزب الله على الاراضي السورية واغلاق المعابر الحدودية التي تستخدم لتهريب السلاح. وفي المستقبل "اسرائيل" ستصمم على طلبها الاصلي وهو ابعاد كل الايرانيين من كل سوريا. ويبدو أن الروس ردوا بالإيجاب.
ومع ذلك، يجدر طرح الاسئلة التالية: ماذا يساوي على المدى الطويل تعهد موسكو؟ كيف تنوي روسيا تنفيذ تفاصيل الاتفاق الجديد؟ كيف يمكن التأكد من أن مقاتلين شيعة بدون زي عسكري أو بزي الجيش السوري لا يتسللون بين القوات التي سيسمح لها بالبقاء في الجنوب؟ وهل "اسرائيل" لن تعطي ثقة مبالغ فيها للتعهدات الروسية. المشكلة الإيرانية الحالية ليست فورية. من المعقول أن طهران ستفحص الوضع الجديد وستنتظر قبل اتخاذ خطوات جديدة قرب الحدود. ايضا بهذا الشكل فإنهم في ايران فهموا ثلاثة امور من احداث الاشهر الاخيرة: أنه توجد لـ"إسرائيل" استخبارات ممتازة في سوريا، وأنها لا تتردد في المهاجمة هناك للحفاظ على مصالحها، وأن موسكو لا تعنيها اصابة المواقع الايرانية، ولكن يوجد لدى إيران الصبر.
في الشمال تدور لعبة استراتيجية بعيدة المدى، ويبدو أنه لم يقل فيها أحد بعد الكلمة الاخيرة.