ارشيف من :مقالات

بعد وقف قروض الإسكان .. الشلل يصيب السوق العقاري في الشمال

بعد وقف قروض الإسكان .. الشلل يصيب السوق العقاري في الشمال

لم يكن أكثر المتشائمين، ليتوقع أن تتراجع حركة السوق العقاري الى أدنى مستوياتها، بعدما شهدت فورة عمرانية على مدى عشر سنوات مضت. وها هي اليوم، باتت ترزح تحت وطأة "الكساد التجاري"، بفعل العديد من الأسباب، آخرها وقف قروض الإسكان المدعومة من قبل الدولة اللبنانية.

يعتبر السوق العقاري من أبرز الأسواق التجارية المؤثرة على الحركة الإقتصادية، كونه يلامس معظم القطاعات، ويساهم في تحريك عجلة البيع والشراء. لكنه اليوم، بات يعيش حالة من الجمود والركود، لعدة أسباب أبرزها: إغراق الأسواق بآلاف الشقق، وبالتزامن مع الإعلان عن وقف للقروض السكنية. وكغيره من الأسواق العقارية في لبنان، يعيش السوق العقاري في طرابلس والمنية حالة من الجمود التام، حيث لم يعد الإقبال على شراء الشقق السكنية موجوداً. بعدما كانت المنطقتان تشهدان إقبالاً كثيفاً من قبل أبناء عكار والضنية والبداوي، نظراً لما تشكلانه من نقطة وسطية بين معظم مناطق وقرى الشمال.

بحسب العديد من أصحاب المكاتب العقارية وتجار البناء فإن هنالك "أكثر من 5 آلاف شقة سكنية غير مأهولة وفارغة، موزعة بين  مناطق طرابلس والمنية". وهو ما دفع هؤلاء، الى تقليص عدد الشقق من 7 ألاف شقة سنوياً الى قرابة الألف شقة وأقل، ومن كان يشيد مبنيين في العام إكتفى بواحد. إضاقة الى تراجع حركة بيع الوحدات السكنية التي تُباع للمغتربين خلال السنة وبالتالي حصل ضعف في المبيعات العقارية، ولكن، يصر التجار على التأكيد، أن "القطاع ليس في حالة انهيار ولا إفلاس"، لكنهم يترقبون وينتظرون عودة سريعة لإعادة فتح مجال قروض الاسكان أمام المواطنين الراغبين في شراء مأوى لهم.

يشير  المهندس محمد مطر لموقع "العهد الإخباري"، وهو أحد تجار البناء المعروفين في منطقة المنية، الى أن السوق العقاري يشهد حالياً تراجعاً كبيراً وجموداً في حركات البيع والشراء، حتى أن حركة التسجيل العقاري في الإدارات الرسمية، تراجعت أكثر من 20%.  ويلفت مطر الى أن حالة الركود لن تحركها فقط عودة قروض الإسكان، بل أكثر ما نعول عليه اليوم هي حركة إعادة الإعمار في سوريا، بعدما انتهت الحرب، وهو ما سيساهم كثيراً في إعادة تنشيط ورفع كل القطاعات الإقتصادية من دون استثناء".

ويتابع مطر"رغم أن وقف قروض الإسكان أثر بشكل كبير على حركة البيع والشراء، لكننا نحاول ابتكار حلول أخرى لمساعدة المواطنين، ووجدنا أنه بالإمكان الإعتماد على التقسيط المباشر بين التاجر والمواطن الراغب في شراء وحدة سكنية، مقابل تسهيلات كبيرة تساعده في أريحية البيع والشراء، ونحن جاهزون للوقوف الى جانب المواطن بكل ما نستطيع من تسهيلات في الدفع".

في السابق وصل سعر متر البناء في المنية الى قرابة 1000 دولار (أي أن الشقة السكنية التي تبلغ مساحتها 120 متر مربع كان يبلغ سعرها 120 ألف دولار) فيما اليوم وبعد "المعمعة" في قطاع البناء، تدنت أسعار الشقق في طرابلس والمنية الى النصف، حيث بات بإمكانك تملك الشقة الـ 120 مترمربع، مقابل 85 ألف دولار، وفي حال الدفع "الكاش" يتدنى السعر الى 70 الف دولار امريكي. إضافة الى ذلك، يصف العديد من التجار حال السوق العقاري بأنه "يعيش على فتات الإيجارات التي يدفعها النازحون السوريون، بدل الشقق التي يسكنون فيها مقابل إيجار شهري، ولكن ماذا بعد عودتهم الى سوريا التي تبدو قريبة لا بل بدأت فعلياً".

وهو ما يطرح السؤال الأهم: الى أين سيصل حال القطاع العقاري؟

مصادر مطلعة أكدت لموقع "العهد" أن "إيرادات الخزينة العامة من التسجيل العقاري سجلت تراجعاً لافتاً منذ مطلع السنة الحالية حتى نهاية الشهر الحالي بنسبة ٢٠٪ رغم بدء تطبيق خفض ضريبة التسجيل العقاري من ٦٪ إلى ٣٪ على الشطر البالغ ٣٧٥ مليون ليرة من سعر الشقة. والسبب يعود إلى أن الخفض أقر ضمن سقف زمني مفتوح ولم يحفز حاملي عقود البيع الممسوحة على تسجيل عقاراتهم طالما أن هذا العقد يخدم لعشر سنوات".

مما لا شك فيه أنّ الواقع العقاري ليس على ما يرام، بعدما باتت المصائب تنهمر عليه كالمطر، لاسيّما وأن الدعم الحكومي للقروض السكنية قد يتأخر في ظل واقع التأليف المأزوم، وبالتالي غياب الراعي الرسمي المتمثل بالدولة اللبنانية والحكومة للبحث عن حلول جدية تساهم في إعادة انتشال هذا القطاع الحيوي من كبوته .

 

2018-07-28