ارشيف من :أخبار لبنانية
منسوب التفاؤل بتشكيل الحكومة يتراجع
يبدو واضحا ان التشكيلة الحكومة الحكومية لن تبصر النور في القريب، فبعد أن بث الرئيس المكلف بعض أجواء التفاؤل منذ أيام خلال زيارته إلى قصر بعبدا، لم تترجم الوقائع على الأرض أي تطور ايجابي في هذا المجال.
وباستمرار العقد على حالها، كان واضحا أن المشكلة في ملعب الحريري، الذي أجمع حزب الله والتيار الوطني الحر على أن المعضلة لديه تكمن في عدم اعتماد معايير موحدة في تشكيل الحكومة العتيدة.
"البناء": غياب المعايير الموحّدة يؤخّر ولادة الحكومة
على الرغم من أن مفاوضات تأليف الحكومة تسير على خطى بطيئة جداً، غير أن ذلك لن يمنع تشكيل الحكومة قبل عيد الجيش إذا صدقت النيات. فالتجارب السابقة خير دليل على ذلك. فحكومة استعادة الثقة تألفت فجأة مساء يوم الأحد في 17 كانون الاول من العام 2017، في أعقاب أجواء تشاؤمية خيّمت على الاسبوع الذي سبق التأليف وأنذرت بأن الحكومة بعيدة المنال.
ومع ذلك، تؤكد مصادر متابعة لعملية التشكيل لـ»البناء» أن «اتصالات الأسبوع الماضي لم تخرج بأية أجواء إيجابية، بدليل أن عطلة الأسبوع كانت خالية الوفاض من أي بحث في التوليفة الحكومية، علماً بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان قد تمنّى على الرئيس المكلف سعد الحريري الاستمرار في لقاءاته واتصالاته مع المكوّنات الأساسية من أجل الوصول الى صيغة حكومية ترضي جميع الأطراف وتعتمد المعايير الواحدة الموحّدة بعيداً عن الاستنسابية. وفيما كان منتظراً أن يلتقي الرئيس المكلف رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل للبحث في الملف الحكومي، فإن الاجتماع لم يحصل لأسباب مردّها، بحسب مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» غياب أي جديد يذكر على الصعيد الحكومي، فيما من المفترض أن يقدّم الحريري على وضع معايير محددة، على أساسها تمثل الأحزاب في الحكومة بعيداً عن المطالب المضخمة. فالحكومة ستتشكل وفق النتائج التي أفرزتها الانتخابات.
وإذ غابت اللقاءات والاتصالات عن بيت الوسط بشكل كامل خلال عطلة نهاية الأسبوع، لفتت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ»البناء» إلى أن «الرئيس المكلّف سعد الحريري يقوم بجهود ولقاءات للمسارعة في تأليف حكومة وحدة وطنية، مشدّدة في الوقت عينه على أنه «يسعى لتذليل العقدتين الدرزية والمسيحية، فالخلاف بين التيار الوطني الحر وحزب القوات حيال الحصص الوزارية لا يزال يراوح مكانه، مع تمسك كل منهما بموقفه، هذا فضلاً عن تمسّك النائب السابق وليد جنبلاط بمطلب ثلاثة وزراء دروز».
فيما توقعت مصادر بيت الوسط لـ «البناء» ان «يستفيد الحريري من الأجواء الايجابية التي ظللت الاجتماع مع الرئيس عون الأربعاء الماضي والعمل على استكمال الاتصالات بدءاً من اليوم». وأشارت المصادر الى أن «لا موعد للقاء بين الحريري وباسيل حتى الساعة»، موضحة أن «اللقاء مع باسيل سيأتي في إطار جولة جديدة من المشاورات سيجريها الحريري مع قوى سياسية عدة لا سيّما جنبلاط ورئيس القوات سمير جعجع».
وبحسب معلومات «البناء» فإن «الحريري قدم طرحين لعون خلال اللقاء الأخير: الأول حكومة من 30 وزيراً وصيغة ثانية من 24 وزيراً تتضمّن وزيرين درزيين بدلاً من ثلاثة يسميهما جنبلاط وتستبعد تمثيل الحزب الديمقراطي، وبالتالي تشكل هذه الصيغة مخرجاً لحل العقدة الدرزية، كما تتضمن 3 وزراء لحزب القوات اللبنانية وبالتالي مخرجاً للعقدة المسيحية على أن تنخفض حصة كل الكتل الأخرى».
"الأخبار": باسيل لن يطلب اللقاء... والحريري إلى تصريف أعمال من السراي
من جهتها، رأت "الأخبار" أن كل المناخات التي تعمّد الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري ضخّها في الأيام الأخيرة، عن قرب ولادة الحكومة قبل عيد الجيش في الأول من آب، ذهبت أدراج الرياح. ثمة «هبة ساخنة» آتية هذه المرة من عند رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي قرر مغادرة المربع الذي حشر نفسه أو حشره فيه الآخرون. تأليف الحكومة من صلاحية الرئيس المكلف، وإذا كان عنده أي جديد فأنا مستعد للتواصل معه.
عند هذا الحد، يبدو أن الأمور ذاهبة نحو التأزم، وبالتالي إطالة فترة التأليف، حتى إن أحد الوزراء المشاركين يومياً في الاتصالات على أكثر من خط، وهو ينتمي إلى فريق 14 آذار، جزم بأنه لا يرى حكومة جديدة قبل الرابع من تشرين الثاني المقبل، موعد فرض العقوبات الأميركية الجديدة على إيران.
في التفاصيل أنه قبلَ أيام من عودة باسيل من الولايات المتحدة، قدم الحريري صيغة حكومية جديدة إلى رئيس الجمهورية، وأرفقها ببدائل محتملة. خرج الحريري من اللقاء مروّجاً أجواءً إيجابية بإبداء عون مرونة حيال طروحاته. وفيما كان متوقعاً أن تترجم الأجواء الإيجابية بعيد عودة باسيل من واشنطن، تبيّن أن مسار التشكيل يتعقّد أكثر فأكثر. فرئيس تكتل «لبنان القوي» حسَم الأمر أمام من استفسر منه بالقول، أمس: «ليس لدي أي طرح، وتأليف الحكومة من صلاحيات الحريري وليس من صلاحياتي».
وفيما كان متوقعاً حصول لقاء بين باسيل والحريري فور عودة الأول، لا يبدو أن اجتماعاً قريباً سيحصل بينهما. المستقبليون يقولون إن «وزير الخارجية لم يطلب لقاء الحريري حتى الآن»، في مقابل رفض عوني تحميل باسيل المسؤولية، مؤكدين أن «الرجل لن يجتمع برئيس الحكومة إلا في حال كانت هناك صيغة جديدة»، وبالتالي، ما طرحه الحريري «مكانك راوح». وأشارت إلى أن «باسيل مصرّ على رأيه في ما يتعلّق بإعطاء القوات ثلاث حقائب وزارية، ومن يُرِد لها أربع حقائب، فليعطها من كيسه وليس من كيسنا».
أكثر من ذلك، علمت «الأخبار» أن اتصالاً حصل بين وزير الثقافة غطاس خوري والوزير السابق الياس بو صعب، بمبادرة من الأول، الذي طلب نقل رسالة إلى باسيل مفادها ضرورة تحديد موعد لزيارة يقوم بها إلى وادي أبو جميل لاستكمال البحث من عند النقطة التي انتهى إليها لقاء رئيس الجمهورية والحريري، منتصف الأسبوع الماضي. المفارقة أن نتيجة الاتصال كانت سلبية لجهة اشتراط باسيل أن يكون الحريري قد حقق خرقاً في العقدتين القواتية والجنبلاطية، حتى إن أحد المقرّبين من باسيل أشار إلى أن العقدة القواتية قابلة للحل «لكن السؤال هو كيف سيوفّق رئيس الحكومة بين مطالب جنبلاط من جهة ومطالب التيار الوطني الحر المتمسّك بنيل حليفه طلال أرسلان أحد المقاعد الدرزية الثلاثة؟
إزاء ذلك، علمت «الأخبار» أن الحريري طلب من فريقه الاستعداد لاحتمال انتقال جدول مواعيده من منزله في وادي أبو جميل إلى السراي الحكومي، في ظل المعطيات التي تشي بانسداد آفاق التأليف، وخصوصاً أن من سبقوه إلى رئاسة الحكومة، وتحديداً الرئيس تمام سلام والرئيس نجيب ميقاتي، بادرا إلى تصريف الأعمال من السراي.
وفي الوقت نفسه، علمت «الأخبار» أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أسرّ أمام أقرب معاونيه، ليل أمس، بأن مسار تأليف الحكومة يزداد تعقيداً، وطلب التشاور مع بعض كبار الدستوريين حول وجود موانع تحول دون مبادرة السلطة التشريعية إلى التشريع في ظل وجود حكومة تصريف الأعمال. يأتي طلب بري في ضوء استشعاره أن فرصة تأليف الحكومة تبتعد يوماً بعد يوم، بعكس الأجواء التي أشيعت من بعبدا والحريري في الأيام الأخيرة.
وإذا كان من الصعب التقدير مسبقاً كيف ستكون مواقف القوى الأساسية في اليومين المقبلين، فمن غير المستبعد أن تنحو نحو التصعيد بعد انتهاء عيد الجيش، خصوصاً من قبل القوى الأساسية التي تتحمّل مسؤولية حل العقدتين الأساسيتين حكومياً، إلا إذا حصل تطور مفاجئ في الساعات الـ48 المقبلة، يعيد الأمور إلى نصابها.
في هذا السياق، ظل تيار المستقبل حريصاً حتى ليل أمس على التمسّك بمعطياته الإيجابية؛ فالحريري يراهن على الليونة التي تعاطى بها عون، مقدّراً أنها ستنسحب أيضاً على «الآخرين». ومن هنا ثمّة من يرى أن «باسيل إما أنه لا يريد الحلّ ويقف عائقاً أمام تشكيل الحكومة، وإما أن هناك توزيع أدوار بينه وبين وعون للضغط على باقي الأطراف».
برِّي لـ«الجمهورية»: ما زلنا ننتظر
صحيفة "الجمهورية" من جهتها تحدثت عن تراجع منسوب التفاؤل الذي ساد الخميس الفائت بعد لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، بعدما ارتفع الى حد الإيحاء بولادة الحكومة هذا الاسبوع. وفي ظل هذا التراجع تحدثت أوساط «المستقبل» عن حلحلة، ما زالت في بداياتها. فيما بدت الصورة ضبابية في عين التينة، خصوصاً انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم يلمس جديداً حتى الآن، وينتظر ما سيؤول اليه الحال. وهو ما سيقرره اللقاء الذي لم يحصل بعد بين الرئيس المكلف والوزير جبران باسيل.
بعد «أسبوع نقل المسؤوليات» عن عرقلة التأليف، يُفترض أن يكون هذا الاسبوع «أسبوع تحديد المسؤوليات»، بعدما باتت جميع المواقف معلنة. وبالتالي على المعنيين بالتأليف مواجهة اللبنانيين: إمّا بحكومة تحظى بموافقة رئيس الجمهورية، وإمّا بإطلاع الرأي العام على الاسباب الحقيقية التي تمنع تأليف الحكومة حتى الآن.
أمام هذا المشهد، أبدت مصادر مواكبة خشيتها من ان يكون ملف تشكيل الحكومة قد تحوّل بشكل كبير من داخلي الى خارجي، وقالت لـ«الجمهورية»: «ما يحصل غير مفهوم وغير مبرر، فالعقد الداخلية تُحلّ بالتوافق اذا كانت نيّات الجميع صادقة بتسهيل التأليف، امّا الابقاء على السقوف العالية والتشدّد في المطالب فلا يمكن تفسيره الّا إيعازاً خارجياً، او بوجود قطبة مخفية».
وأبدت المصادر اعتقادها بأنه «اذا لم تتشكّل الحكومة خلال ايام قليلة، فإنّ الامور ستزداد تعقيداً ولن يكون هناك حكومة قبل نهاية العام».
في الموازاة، تتحدث بعض المعلومات عن انّ الاطراف الاقليمية وخصوصاً سوريا، حريصة على ان تكون كفّة الحكومة المقبلة راجحة لها. ففي المرحلة المقبلة لبنان مدعو الى اتخاذ موقف من ملفات ذات بعد إقليمي تشمل سوريا وايران، وفي طليعتها: آليّة عودة النازحين السوريين الى بلادهم، واستعادة العلاقات اللبنانية ـ السورية بكامل أوجهها، والعقوبات المرتقبة على ايران ابتداء من السادس من شهر آب المقبل. واخيراً وليس آخراً مسألة إعادة إعمار سوريا.
عون
في هذا الوقت، جددت اوساط وزارية قريبة من قصر بعبدا دعوتها الرئيس المكلف «الى الإسراع في التشكيل وفق معيار واحد، وليأتِ بتشكيلة جديدة على هذا الأساس من اجل تحريك المياه في البركة الراكدة منذ ما قبل لقاء الخميس الماضي بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، حيث اتفقا على توسيع الإتصالات التي سيجريها الحريري من أجل تعديل آخر تشكيلة تقدّم بها على نحو يلبّي ملاحظات رئيس الجمهورية وملاحظات رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، بعدما التقيا على الملاحظات عينها المتصلة تحديداً بحصتي «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الإشتراكي».
بري
وسألت «الجمهورية» رئيس مجلس النواب نبيه بري عمّا استجدّ على خط التأليف وما اذا كانت هناك ترجمة جدية لمناخ التفاؤل الذي ساد خلال الاسبوع الماضي، فأجاب: «حتى الآن لا جديد، ما زلنا ننتظر».
وكان بري جَدّد امس التأكيد امام زوّاره «انّ الوقت ينفذ، وصار اكثر من ضروري ان ندخل في التأليف، خدمة للبلد بالدرجة الاولى لمواجهة الملفات الضاغطة على كل مفاصل البلد، وخصوصاً في المجال الاقتصادي الذي يعاني أزمة لا بد من الانتباه لمخاطرها، واتخاذ كل الاجراءات لمنع تفاقمها اكثر».
"النهار": باسيل "جسمه لبّيس"... لكنه ينتظر الحريري
واعتبرت صحيفة "النهار" ان لا انفراج قريباً في ملف تشكيل الحكومة وفق المواقف الاخيرة للافرقاء السياسية وتحديدا من جهة "حزب الله" و"التيار الوطني الحر". فالفريقان يطالبان بتوحيد المعيار الذي على اساسه يتم التشكيل، بمعنى اعتماد صيغة موحدة لتمثيل الجميع في الحكومة وفق نتيجة الانتخابات لا يعترض عليها او يشعر فريق بغبن. وحتى اللحظة لا فريق متفائلاً من قرب تشكيل الحكومة الا الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يرفع منسوب التفاؤل مع كل زيارة يقوم بها الى بعبدا، لكن ذلك التفاؤل لم ينعكس فعليا على الارض. ويبدو ان حظوظ اللقاء بين الحريري ورئيس "التيار" الوزير جبران باسيل لم تنضج ظروفه بعد.
وفق مصادر في "التيار"، فان "الطابة باتت اليوم في ملعب الحريري وبات الجميع بانتظار المعيار الذي على اساسه سيشكل الحكومة، وينتظر باسيل هذا المعيار ليحدد موقف فريقه السياسي النهائي من التشكيلة". واشارت لـ"النهار" الى ان "التشكيل ليس من مسؤولية باسيل بل الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية والكتل السياسية، فهو من يؤخر التأليف ومن يسرّع به".
وعن تحميل مسؤولية التأخير في التشكيل للوزير باسيل، قالت المصادر ان "باسيل جسمه لبيس، لكنه ينتظر الحريري كي يبادر ويضع معيارا واحدا للتشكيل وفق النتائج التي افرزتها الانتخابات، وغير صحيح ما يسوق ان "التيار" هو معرقل التشكيل. الحريري هو من لم يبادر كي نحدد موقفنا من التشكيلة المطروحة من قبله، ولسنا في وارد التشاور مع الكتل الاخرى لتشكيل الحكومة، فهذه مهمة الحريري وهو المخوّل التشاور مع الجميع لتسهيل التشكيل".