ارشيف من :مقالات
الرحلة الأخيرة من كفريا والفوعة
يروي الناجون من حصار كفريا والفوعة ممن كانوا في الدفعة الأخيرة الخارجة من الحصار الظالم والطويل لموقع "العهد" الإخباري ما جرى معهم حين قام الإرهابيون باحتجاز باصاتهم لساعات طويلة والنيل منهم ومن كراماتهم قبل أن يفرجوا عنهم بإيعاز من السلطات التركية التي تحطمت أحلامها في سوريا.
رحلة وسط حفلات الشتائم المذهبية
رغم الحجارة الكثيفة التي قذفها الإرهابيون باتجاه نوافذ حافلات أهالي كفريا والفوعة الخارجين لتوهم من أطول حصار شهدته فصول الأزمة السورية، ورغم كم الشتائم المذهبية والعنصرية التي أطلقت باتجاه من شقوا باعتداد محيط الكراهية المتلاطم حول حافلاتهم فإن الأمور كانت توحي بأنها تسير في الإتجاه الصحيح لولا أن الإرهابيين قد أوقفوا آخر عشرين حافلة وتوعدوا بعدم إخراج من فيها باتجاه مناطق سيطرة الحكومة السورية، حتى يتم "إطلاق سراح معتقلين" فضل غالبيتهم تسوية أوضاعه على الإلتحاق برفاق الإرهاب إلى إدلب. عند هذا الحد من مناكفة موتورين، لا يملكون القدرة على كبح أحقادهم وشعورهم المستدام بالخيبة من عملية خروج غرمائهم مرفوعي الرأس من هذا الحصار الخانق، بدت الأمور وكأنها تتجه نحو تكرار مشهد تفجير الراشدين الذي مثل واحدا من أكبر فصول الغدر الإرهابية بالآمنين من النساء والأطفال.
أبو حسين، مقاتل من اللجان الشعبية المدافعة عن كفريا والفوعة، تحدث لموقع "العهد" الإخباري عما حصل مع الدفعة الأخيرة من الخارجين والتي كان من ضمنها "فوجئنا بعملية الخروج وبالإتفاق الذي تم التوصل إليه، كانت لدينا الرغبة في القتال حتى آخر نفس، لولا أننا كنا متيقنين في صميم أنفسنا بأننا عائدون عما قريب برفقة الجيش السوري لنحرر كل إدلب وليس كفريا والفوعة فقط".
ويضيف أبو حسين "منذ اللحظة التي استقلينا فيها الباصات بدؤوا بشتمنا وتناول ديننا بشكل عنصري سافر من خلال وصفنا بالكفار قبل أن يتوعدونا بعدم الوصول أحياء إلى معبر الحاضر".
سيناريوهات متعددة لموت واحد
قصة الإرهاب هذه التي بدأنا الإستماع إليها مع أبو حسين أكملها لموقع "العهد" الحاج رضا الذي تحث عن ذات الشتائم حين وصلت الحافلات إلى تفتناز "توقفنا في منطقة الجامعة، صاح بي أحد الإرهابيين غاضبا - أطفئ هذه السيجارة وإلا فإني سأطفئها في وجهك – وضعته على المحك بتجاهلي لوعيده فلم يفعل شيئا سوى اجترار المزيد من الشتائم المذهبية".
يشرح الحاج رضا لحظة وصول الدفعة الأخيرة من الحافلات إلى منطقة العيس بالتزامن مع مقتل سبعة من الإرهابيين في انفجار لغم أرضي زرعته اللجان المقاومة حول كفريا والفوعة "أوقفونا لساعات في الباصات قبل أن "يصطفوها" على شكل مربع، فاعتقدنا حينها بأنهم سيقومون بتفجيرها بنا انتقاما لمن قتل باللغم قبل ساعات وتكرارا لمشهد تفجير الراشدين"، مضيفاً "خاطر آخر دار في اذهاننا حين استقدم الإرهابيون سيارة إسعاف فاعتقدنا أننا بصدد رؤية مسرحية جديدة للكيماوي سنكون نحن وقودها هذه المرة".
تركيا المهزومة تضغط على المسلحين
قام الإرهابيون باحتجاز الدفعة الأخيرة من أهالي كفريا والفوعة قبيل وصولها إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية والسبب المعلن الذي ساقه هؤلاء كان الإحتجاج على "عدم وصول العدد المطلوب من الإرهابيين المفرج عنهم من سجون الحكومة السورية إلى الشمال السوري، حيث وصل مئتان وخمسون إرهابيا من أصل ستمائة آخرين فضل غالبيتهم تسوية أوضاعهم، الأمر الذي عده الإرهابيون خرقا لبنود التسوية وتوعدوا لأجله بالثأر من الدفعة الأخيرة من الحافلات التي كانت لا تزال محتجزة لديهم.
يروي الحاج عباس لموقع "العهد" الإخباري أنه وبقية الخارجين في الدفعة الأخيرة قد جهزوا أنفسهم لأسوأ السيناريوهات "جهزنا أنفسنا لكل الإحتمالات وكان اتفاقنا جميعا بأنه يجب أن لا نموت هكذا مستسلمين، بل سنقاتل ولو بأيدينا". مضيفا "بدا الإرهابيون على مسافة قصيرة من أنظارنا وكأنهم يتجرعون السم حين جاء من قادتهم من أبلغهم بشيئ ما، ليتبين لنا لا حقا أن الجانب التركي المنصاع للضغوط الروسية قد مارس بدوره الضغوط على مرتزقته حتى لا يقوموا بارتكاب أية حماقة".
ليختم الحاج عباس حديثه لموقع العهد الإخباري "عند ذلك عبرنا مبتسمين وسط زحام الكراهية العاجزة تجاهنا والمفلسة إلا من الكلمات البذيئة التي نترفع عن ذكرها".