ارشيف من :مقالات

تشكيل الحكومة رهن المنازلة بين واشنطن وطهران.. والرياض الخاسر الأكبر

تشكيل الحكومة رهن المنازلة بين واشنطن وطهران.. والرياض الخاسر الأكبر

في مقال سابق نشره موقع العهد الإخباري بتاريخ 27/6/2018، ذكرت أن ليس هناك في الأفق القريب أي مؤشرات تبشّر بقرب تشكيل الحكومة، على الرغم من اللقاءات الكثيرة التي عقدها الرئيس المكلّف سعد الحريري آنذاك مع الأطراف السياسية اللبنانية المختلفة داخل البلد وخارجه، وعلى الرغم من المواقف التي لا تزال تؤكد على أهمية التشكيل وضرورته، لكن حتى تاريخ كتابة ونشر هذا المقال لا تزال العقد الداخلية عموماً والخارجية خصوصاً، تقف حجر عثرة في سياق الحل والربط والتأليف.

طهران أوقفت الاجتياح الأمريكي..

لا تزال السعودية ودول الخليج تراهن على حدث ما في المنطقة وتواصل انتظار حصوله منذ أكثر من ثلاثة أشهر، حيث إن كل المؤشرات - وفق المنظور السعودي - كانت تمهّد بقرب "اجتياح" أمريكي، سياسي وليس عسكرياً، يفرض على الأطراف في المنطقة شروطاً جديدة وقواعد معدّلة، لا تؤدي الضرورة إلى تغيير خارطة المنطقة الجيوسياسية، ولكنها ستؤدي حتماً إلى إرساء آلية محدّدة في معادلة العلاقات الدولية، وحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تثمير نتائج زيارته واتفاقاته مع كوريا الشمالية، ولقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي، في فرض هذه المعادلة، ولكنه اصطدم بالمنطق الإيراني الذي أوقف الاجتياح.

.. وتخلط الأوراق

السعودية اليوم تترقّب، وليس موقفها هذا ناتج عن دراية وتمهّل لإستكمال تفاصيل الحدث المنتظر، بل إن المستجد الإيراني الذي تمثّل بتصاعد لهجة الخطاب السياسي بين طهران وواشنطن، والإجراءات التي اتخذتها طهران ونجحت في كسر القرار الأمريكي ودفع واشنطن إلى محاولة اجتراح الحلول الجديدة للالتفاف على العناد الإيراني، وهذا المستجدّ هو الذي أدى إلى خلط الأوراق وقلب المعادلات، وانعكس هذا المستجد على مجمل الأداء السياسي للرياض إزاء الملفات التي تعتبر نفسها أنها ممسكة بتفاصيلها ومنها الملف اللبناني، الذي بات واضحاً من خلال ما يتكشّف يومياً من معلومات عن أن أسباب عدم تشكيل الحكومة ناتج عن تدخلات خارجية، وسعودية على وجه الخصوص.

لبنان ممنوع من السقوط

وأمام هذه المتغيرات، ماذا ينتظر لبنان في الفترة المقبلة؟ يجيب مصدر مطّلع على الكواليس السياسية في الصالونات اللبنانية والعربية أن لبنان دخل في مرحلة جمود مؤقت، وحالة من الركود التي تكفل استمرار البلاد في الحياة السياسية، لا سيما أن الوزراء في حكومة يقومون بمهامهم في تصريف الأعمال، وأشار المصدر إلى أن المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها لبنان بكافة تجليّاتها وتمظهرها في التحركات العمالية وغيرها هنا وهناك ليست استثنائية، وتتشابه في أوجهها مع الكثير من البلدان الكبيرة والصغيرة في العالم، فضلاً عن أنه من غير المسموح دولياً وصول لبنان إلى مرحلة السقوط، وبالتالي لا بد من التأقلم مع هذه الحالة في الفترة الراهنة بانتظار ما تفرزه المنازلة الأمريكية - الإيرانية.

السعودية "فرق عملة"

ويختم المصدر بالقول إن الخاسر الأكبر مجدداً سيكون السعودية التي ليس لديها أي أوراق فعلية لتلعبها سوى الاستمرار في لعبة الحرب الوحشية على اليمن، معرباً عن اعتقاده أن ما يجري اليوم في أروقة السياسة الدولية يدفع إلى التأكيد بأن الأيام المقبلة ستفتح على تسويات بين اللاعبين الكبار، ويستشهد المصدر على ذلك بالدعوة إلى مراقبة تطوّر الوضع الميداني والسياسي في سوريا، ومستجدّات الموقف الأوروبي حيال واشنطن والملف الإيراني، فضلاً عن تحرك الوساطة العُمانية التي كانت لعبت دوراً في وقت سابق في السعي لحل الأزمة اليمنية وأجهضها الصلف السعودي، ولكن لبنان ليس اليمن، وبالتالي فإن السعودية ستذهب "فرق عملة" على طاولة الاتفاقات الدولية، وحينها يدق جرس الحل في لبنان.

 

2018-08-03