ارشيف من :نقاط على الحروف

’لمى خاطر’ عندما ’تخون’ الكلمة

’لمى خاطر’ عندما ’تخون’ الكلمة

إذا كانت الكاتبة الفلسطينية "لمى خاطر" قد امتشقت القلم طيلة سنوات طوال للدفاع عن الأرض والحياة، فباعتقال قوات الاحتلال لها قد "خانتها" كل العبارات، وابتعدت عنها كل الجُمَل.. "خانتها" كل العبارات لأن مشهد عناقها لطفلها الصغير أمام جنود العدو احتل كل المشاهد، وقام بالتغطية على كل الكلام. فلا كلام يصلح أو يرقى أمام لحظة إنسانية لوالدة تودّع طفلها، وهي "تذهب" مُرغَمة وبقوة السلاح إلى معتقلات الاحتلال! ولتتضمّن مشاهد اعتقالها في منطواها إجابات على وجود الإنسان الفلسطيني وهو يشق طريقه دون سند خارجي، وعبث داخلي، وقهر مستمر من الاحتلال، ورغم ذلك، تبقى إرادة التحدي، وكلمة المقاومة تشق طريقها باتجاه الشمس والحرية. ولعل ذلك ما عبّر عنه غسان كنفاني في رواية (ما تبقى لكم) على لسان البطل "حامد": "أورثني يقيني بوحدتي المطلقة، مزيدًا من رغبتي في الدفاع عن حياتي دفاعاً وحشيا؟".

وهنا يحق لنا التساؤل: هل كان دفاع "لمى خاطر" عن نفسها، وولدها، ووطنها، في لحظات اعتقالها الأولى دفاعًا "وحشيًا" عندما عرّت الجنود من إنسانيّتهم، وقذفت بهم إلى غابات التوحّش بكل اقتدار؟! أم أنها اختارت في لحظة ما أن تنتصر لإنسانيّتها، وتوغل بها لتكشف زيف ادعاءات الاحتلال الذي يقهر الإنسان؟!

باعتقادي أنها اختارت أن تدق الجدران، وتقرع أجراس الإنسانية فينا، أنه في لحظات الضعف الإنساني يمكن أن تكون مقاومتنا أقوى، ويمكن أن تنتصر على "الأقوياء". فكانت "لمى خاطر" في تلك اللحظات وما بعدها، شاهدًا فاعلًا وحقيقيًا على عري هذا الاحتلال وأعوانه والمضبوعين منه...

وهنا أستعيد بعضًا من قصيدة الشاعر الفلسطيني "أحمد دحبور" "حكاية الولد الفلسطيني"، التي يقول فيها:

"لأن الورد لا يجرح قتلت الورد/ لأن الهمس لا يفضح/ ساْعجن كل أسراري بلحم الرعد/ أنا الولد الفلسطيني/.. ويوم عجزت أن أفرح/ كبرت../.. ويوم كبرت لم أصفح/ حلفت بنومة الشهداء بالجرح المشعشع في: لن أصفح/ أنا الرجل الفلسطيني/ أقول لكم: راْيت النوق في واد الغضا تذبح/ رأيت الفارس العربي يساْل كسرة خبز من حطين ولا ينجح/ فكيف بربكم أصفح؟..

فهل يصفح "يحيى"؟ أم "بالجسد الفتي تعبد الهيجاء سنرفع جرحنا وطننا نسكنه سنلغم دمعنا بالصبر بالبارود نشحنه/ ولسنا نهرب"..

 

2018-08-03