ارشيف من :مقالات
من يمنع الكهرباء عن الشعب اللبناني؟
على مدى الأعوام الماضية وقفت الجمهورية الإسلامية في إيران مع الشعب اللبناني في كل أزماته. إلى جانب دعمها للبنان في مواجهة أعدائه من الكيان الاسرائيلي الى التكفيريين، سعت الجمهورية الاسلامية للوقوف الى جانب هذا البلد في مجال تنمية قدراته وبناه التحتية. ملف الكهرباء كان دوماً نُصب أعين المسؤولين الايرانيين الذين وصل بهم الأمر حد "الطلب" مراراً من المعنيين في لبنان الاستفادة من القدرات الايرانية، وتقديماتها لإعادة التيار الكهربائي الى بيوت اللبنانيين24/24. لم يقف الفساد المستشري الذي طال قطاع الكهرباء في لبنان عند حدود السرقات والسمسرات، بل امتد فساداً في عقول المسؤولين والمعنيين الذين رفضوا استجرار الطاقة الكهربائية من إيران لمجرّد هويتها "الفارسية"!
النكايات وزواريب السياسة اللبنانية الضيقة وقفت في وجه حصول اللبنانيين على أقل حقوقهم. اليوم، ومع تفاقم الأزمة، ووصولها حداً لا يُحتمل، و"عجز" المسؤولين اللبنانيين عن حلّها، أو إنقاذ الشعب من مافيات المولدات الكهربائية، وتبعاتها، يعيد موقع "العهد" الاخباري سرد التقديمات والعروض الايرانية للبنان في مجال الكهرباء، والتي لو وافق المسؤولون في حينها، عليها، لكان لبنان كله اليوم ينعم بالكهرباء 24/24:
ـ عام 2009 وجّهت وزارة الطاقة الإيرانيّة إلى نظيرتها اللبنانيّة أول رسالة مكتوبة حول استعداد ايران للاستثمار في قطاع الكهرباء اللبناني، لحلّ مشكلة العجز في إنتاج الطاقة.
ـ العرض الثاني قدّم في عام 2010، من خلال زيارات رسميّة متبادلة بين إيران ولبنان. صحيفة "الأخبار" اللبنانية أشارت في حينها الى أن "رئيس الجمهوريّة الإيرانيّة أحمدي نجاد عرض استثمارات عدّة في لبنان، بمليارات الدولارات، لكن أحد الأطراف اللبنانيّة المُتابعة لهذا الملف، اشترطت لقبول هذه الاعتمادات أن تنفّذ الأعمال من خلال شركات تختارها بنفسها، وليس من خلال الشركات الإيرانيّة، وهو ما يشكّل مدخلاً للسمسرات على الطريقة اللبنانيّة".
وتجدر الإشارة إلى ان تجربة ربط رباعي حصلت بين طهران ودير عمار حيث استقبل المعمل يومها نصف ميغاوات مباشرة.
ـ عرض آخر تلقاه لبنان كان يقضي بتوليد الكهرباء بواسطة الغاز عبر مدّ خطّ أنابيب غاز من إيران مروراً بسوريا ووصولاً إلى لبنان، إلّا أن اندلاع الحرب السوريّة في عام 2011، عرقل تحقيق هذا المشروع.
- في آذار من العام 2012، عرضت ايران عبر شركة "مبنا" الإيرانية الخاصة المشهورة ببناء محطات توليد الطاقة الكهربائية وذات الصيت العالمي، بناء محطتي إنتاج في دير عمار (في الشمال) والزهراني (في الجنوب)، بناء على دراسات جاهزة قدمها الجانب اللبناني، تنتج كل واحدة منهما 484 ميغاوات (الإجمالي يكون 968 ميغاوات)، على أن يبدأ التنفيذ من لحظة التوقيع، وخلال 12 شهراً يسلم الإيرانيون المحطة الأولى، و24 شهراً المحطة الثانية، مع فترة سماح لا تتجاوز أربعة أشهر، تحسباً لأي أمر طارئ عند أي من الجانبين، وتترك للحكومة اللبنانية أن تختار الأماكن، وأن تحدد طريقة الدفع، سواء عبر قرض ميسّر (فائدة بسيطة جدا)، يتضمن فترة سماح أو بطريقة الـ (B O T)، أي أن يستثمر القطاع الخاص بعد الترخيص له من الجهة الحكومية المختصة، وهو يتولى الدفع والتحصيل، وعندما يسدد السعر، تصبح المحطات ملك الدولة.
العرض الإيراني بحسب صحيفة "السفير" اللبنانية حينذاك، تضمن أسعاراً قيل للجانب اللبناني "إنها الأرخص عالمياً ولا تتجاوز سعر الكلفة بقرش واحد". وأشارت الصحيفة الى أنه لم يكتف الإيرانيون بذلك، بل أضافوا أنهم على استعداد لتقديم عرض لبناء معمل ثالث تحسباً للاحتياجات اللبنانية المستقبلية، وفي الوقت نفسه، قدموا عرضاً لاستجرار الطاقة من إيران عبر الخط الذي سيصل إلى العراق وسوريا، وأبلغوا الجانب اللبناني أن واقع شبكات التوزيع اللبنانية في حينها، لا يمكنه أن يستوعب أكثر من 50 ميغاوات (يستطيع الايرانيون توفيرها خلال شهر أو شهرين حداً أقصى من لحظة التوقيع) وهم مستعدون لتكليف شركة إيرانية بأن تتولى عملية إصلاح الشبكات وتأهيلها وتحسينها حتى تصبح قادرة في المرحلة الأولى على تحمل حوالي 200 ميغاوات عبر خطوط الجر، وهذا يعني تقديم حوالي 1200 ميغاوات (تفيض بذلك احتياجات لبنان ويصبح بمقدوره أن يوفر الكهرباء لمدة أربع وعشرين ساعة لكل مواطنيه).
- بتاريخ السبت 28 كانون الثاني يناير من العام 2012، جدد السفير الايراني في لبنان آنذاك غضنفر ركن آبادي عرض بلاده لمساعدة لبنان حل مشكلة العجز في إنتاج الطاقة الكهربائية. العرض الايراني كان متمثلاً بنقل الكهرباء من إيران إلى لبنان عبر سوريا وإنشاء محطات لانتاج الكهرباء في لبنان. حينها، قال آبادي إن "حاجة لبنان هي 1000 ميغاوات وهي كمية بسيطة جدا بالنسبة الينا إذ ننتج حاليا 25 ألف ميغاوات ولدينا 6 آلاف ميغاوات فائض في الإنتاج لذلك نستطيع حل هذا الموضوع ببساطة وفي أسرع وقت وفي ظروف وشروط سهلة جدا".
- في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 جدد معاون وزير الطاقة الإيراني للشؤون الدولية علي رضا دائمي الاعلان عن الرغبة الايرانية بمساعدة لبنان في مجال الطاقة، وذلك أمام وفد إعلامي لبناني زار طهران بدعوة من السفارة الإيرانيّة في بيروت، وجال خلالها على معامل توليد الطاقة. حينها قال دائمي إن "أحد المشاريع المهمّة لإيران هو نقل الكهرباء إلى العراق وسوريا، ومنها إلى لبنان بأرخص الأسعار عالمياً. لبنان يحتاج إلى 4 آلاف ميغاواط، وهو ما يمكننا توفيره خلال 3 أشهر (توربينات جاهزة ولا تحتاج سوى الى التركيب). فنحن ننظر إلى قطاعَي الكهرباء والماء باعتبارهما مساعدات اجتماعيّة وتنمويّة حصراً. والظروف في لبنان ليست أصعب من الدول التي أنشأنا فيها محطات لتوليد الطاقة".
القابضون على قرار السلطة وأشياعهم هم من رفضوا عروض الكهرباء الإيرانية التي قدمت للبنان، تارة بذريعة العقوبات الأميركية على إيران وعدم إنعاكسها على لبنان ـ كما في قضية تسليح الجيش اللبناني ـ وتارة أخرى بحجة "فارسية" إيران مقابل عروبتهم.
بالمقابل لا يزال اعضاء الوفد الإعلامي اللبناني الذي زار الجمهورية الإسلامية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 يتذكرون والدهشة ستصيب كل من سيسمع كما اصابتهم ما صرح به قائمقام وزير الطاقة الايرانية السيد دائمي يومها، وهو قال بالحرف الواحد: " من بين أهداف وزارة الطاقة الإيرانية للعام المقبل، وبقرار من اعلى السلطات في الجهورية الاسلامية، تم إدراج بند ينص على التالي:
ـ تأمين الرفاهية للشعب اللبناني عبر تأمين الطاقة الكهربائية التي يحتاجها لبنان، بأية طريقة يرغب بها".
فهل هناك من يهتم بشؤون الناس ونفض الغبار عن هذه العروض لإعادة الاستفادة منها كفرصة متاحة يمكنها حل معضلة الكهرباء، أم سيستمر التلهي بعيداً عن هموم الناس؟!