ارشيف من :مقالات
حراس الدين لقد فات القطار
أثارت ممارسات تنظيم "حراس الدين" في سوريا بل وأصل تشكيله عددا من التساؤلات، وتمحورت هذه التساؤلات حول أسباب بروزه على خارطة التنظيمات في الساحة السورية، وهل سيمثل ذلك بداية حقبة "قاعدية" جديدة في سوريا بعد سقوط "داعش" وانفصال جبهة النصرة عن "القاعدة".
وكان التنظيم شدد في بيانه الأول، في آذار/ مارس2018 على ولائه ومبايعته لتنظيم "القاعدة"، ودعا إلى وقف القتال الدائر آنذاك في إدلب وريف حلب بين ما تعرف بـ"هيئة تحرير الشام"، وائتلاف "جبهة تحرير سوريا".
كما أكد ضرورة العمل على إنقاذ الغوطة الشرقية المحاصرة، وبرغم ذلك تبنى التنظيم لاحقًا خطابًا عدائيًّا ضد "هيئة تحرير الشام".
ومهما يكن من أمر فقد تنوعت الأسباب التي أدت إلى تشكيل تنظيم "حراس الدين"، والتي يمكن إجمال أبرزها في العناصر التالية:
ـ مواجهة "هيئة تحرير الشام": فقد كان الإعلان عن تشكيل هيئة تحرير الشام نقطة التحول المفصلية أدت إلى بروز "حراس الدين" على خريطة التنظيمات المتطرفة المسلحة. اذ أن انفصال الهيئة عن "تنظيم القاعدة"، ومن ثمة صدور بيانات من أيمن الظواهري يصرح فيها بان النصرة طعنت التنظيم في ظهره، مل ذلك ـدى الى اتخاذ تنظيم "القاعدة" قرارا بإنشاء فرع له في سوريا. ويسعى تنظيم "حراس الدين" لاستقطاب فيئتين:
الاولى: المعترضين على الانفصال عن "القاعدة".
الثانية: العناصر الاجنبية التي ترى ان الهيئة باتت تميل الى "سورنة" حركتها.
ـ استقطاب العناصر الداعشية: لا شك أن انهيار تنظيم "داعش" على جغرافيا واسعة في سوريا سيدفع عناصر التنظيم الى السعي لإيجاد ملاذ "تنظيمي آخر. لذلك يجد تنظيم "حراس الدين" أن ذلك يمثل فرصة لاستطاب هؤلاء خاصة المقاتلين الاجانب الذين سيواجهون مشكلة في العودة الى بلادهم.
ـ تعزيز التنافس في سوريا: على الرغم من أن بعض التقديرات تشير إلى أن تنظيم "حراس الدين» يضم مقاتلين من تنظيم "داعش"، وعددًا من العناصر التي شاركت في القتال في العراق وأفغانستان، ويتمتع هؤلاء بمهارات كبيرة في القتال، إلا أن إعلان التنظيم ولاءه للقاعدة وتعزيز روابطه مع قيادة القاعدة المركزية، عبر شبكة من الولاءات والعلاقات الشخصية سيسهم في تغلغل القاعدة وإعادة تموضعها في العمق السوري.
ـ استيعاب المنشقين عن التنظيمات الاخرى: تشير العديد من التقديرات إلى التحاق عدد من الإرهابيين ذوي التاريخ الطويل من القتال إلى جانب تنظيم "القاعدة" من أفغانستان إلى العراق، بصفوف التنظيم الجديد، وأبرزهم زعيم تنظيم "حراس الدين"، السوري سمير حجازي، المعروف بأبي همام الشامي.
كما يضم التنظيم أيضًا عددًا كبيرًا من العناصر من اصول أردنية، بينهم أياد الطوباسي، المعروف بأبي جليبيب طوباس، وسامي العريدي، وخالد العاروري المعروف بأبي القسام.
وعلى أي حال، فان ما تقدم هو محاولة لقراءة دوافع وخطط تنظيم حراس الدين، لكن وبعد التطورات التي شهدها الميدان السوري الا يمكن القول ان تنظيم "القاعدة" قد فاته القطار؟
لا شك ان التطورات الاخيرة، واقتراب مواعيد حسم ملف ادلب، سواء عسكريا او سياسيا، سيعني انه لم يكون ثمة مكانا لـ"لحراس الدين" ولا لغيرهم من التنظيمات الارهابية، واذا كان داعش والنصرة وغيرهما ممن يملكون العتاد والعديد قد انهزموا، فلن يكتب لغيرهم النجاح ممن هم اقل عدة وعددا.
نعم لقد فات تنظيم "حراس الدين" القطار وربما لن يكون بانتظارهم الا "الباصات الخضراء" التي ستقلهم الى مكان ما... هذا ان كان لهم مكان في هذه الباصات ايضا.