ارشيف من :أخبار لبنانية
الغموض سيد الموقف في الملف الحكومي بانتظار عودة الحريري
رغم التوتر العالي في قضية الكهرباء والباخرة التي كانت محلّ هرج ومرج لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن القضية الأبرز في البلد تبقى الحكومة، التي لم تحلّ عقدها حتى الآن، في وقت يقضي الرئيس المكلف سعد الحريري عطلة عائلية خارج لبنان.
والغموض الذي يلف مصير التشكيل يبدو انه سيتابع مسيرته، على أمل أن يحدث خرق بعد عودة الحريري في اليومين المقبلين في ظل حديث عن لقاء مرتقب بينه وبين وزير الخارجية جبران باسيل.
"الأخبار": هل يلتقي الحريري وباسيل هذا الأسبوع؟
يوماً بعد يوماً، تزداد العقد الحكومية، المحليّة والخارجية، تعقيداً وتشابكاً، من دون أن تظهر أي حلول في الأفق. بل على العكس، يعكس لجوء الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى سياسة «الغياب الدوري» مؤشّرات متشائمة عن صعوبة عمليّة التشكيل.
فالحريري الذي يعود خلال اليومين المقبلين إلى بيروت، من المفترض أن يلتقي بالوزير جبران باسيل، بعد البرودة التي أصابت علاقتهما خلال الشهر الماضي، على خلفيّة الانقسام في الرأي حيال الحكومة وعقدتي القوات اللبنانية والتمثيل الدرزي. والأهم هو حصة رئاسة الجمهورية، التي تحوّلت بالنسبة إلى الحريري ومعه العديد من القيادات السنيّة، إلى أزمة تتخطّى التشكيل إلى الصيغة، ومن ضمنها دور رئاسة الحكومة.
ولا تزال القوات اللبنانية متمسّكة بالحصول على وزارة سيادية من أصل أربع وزارات، وهو الأمر الذي يحاول التيار الوطني الحر الإيحاء بأنه لا يرفضه، لكنّه يحاول وضع الحريري أمام خيارات ضيّقة لا تكون في مصلحة القوات. فالرئيس المكلّف، الذي شرع في التسوية مع الرئيس ميشال عون، بات الآن مع التغيّرات الدولية والمحليّة جزءاً من تحالف قديم ـــــ جديد، يربطه بالنائب السابق وليد جنبلاط والقوات اللبنانية، تحت مظلّة سعودية، وبالتالي ملزماً بالحفاظ على حصص حلفائه، في مقابل تخفيض حصص خصومه. كذلك فإن الحريري بات يقف خلف إصرار القوات اللبنانية ووليد جنبلاط (ازداد تمسّكاً بكل التمثيل الدرزي في الحكومة)، لكي يحمي ما تبقّى من التسوية مع عون.
وزاد من وطأة الموقف على الحريري استشعاره الأجواء التي عمّت الشارع السّني مؤخراً، بحيث يظهر الحريري كمن قدّم كل شيء وخُدع من التيار الوطني الحر، وبات الآن مضطّراً إلى الدفاع عن المكتسبات التي منحها اتفاق الطائف لموقع رئاسة الحكومة.
ونقل عن جنبلاط، خلال الأيام الماضية، تمسّكه حتى آخر رمق بالحصّة الدرزية كاملة ورفض توزير طلال أرسلان، معتبراً أن أي تراجع عن هذا المطلب هزيمة له في عزّ حاجته إلى توريث ابنه النائب تيمور جنبلاط. ودفعت التطوّرات الأخيرة في محافظة السويداء السورية، والانقسام الذي يسببه اختلاف المواقف بين أرسلان وجنبلاط، إلى تشدّد إضافي من الأخير، خصوصاً أن الحريري لا يمكن أن يؤلّف حكومة لا يكون جنبلاط ضمنها، والأخير مصرّ على موقفه.
ولا يمكن التعويل على اللقاء التشاوري الذي ضمّ أمس الوزيرين غطّاس خوري وملحم رياشي والنائب وائل أبو فاعور، في تحقيق أي تقدّم في عملية التشكيل، خصوصاً أن الاجتماع تمّ بمبادرة من أبو فاعور الذي وضع الأمر في خانة التباحث لإيجاد حلول.
"البناء": «المستقبل».. الحريري لن يمنح عون «ثُلث» إقالته
وبحسب "البناء"، يبدو أن المشهد الحكومي يتّجه الى مزيدٍ من التعقيد مع مرور أكثر من عشرة أسابيع على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، مع استمرار لعبة «عض الأصابع» بين رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر من جهة والرئيس المكلف والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية، إذ سجلت عطلة نهاية الأسبوع ارتفاعاً اضافياً في سقف المواقف ومزيداً من التشبث بالحصص الوزارية الى جانب اشتداد الصراع الذي لم يعُد خافياً على التوازن داخل الحكومة، إذ إن العهد وتكتله النيابي لن يتنازلوا عن التوازن داخل الحكومة، كما أوحى كلام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل.
ويُترجم هذا التوازن من خلال إمساك رئيس الجمهورية و«التيار» بالثلث الضامن ما يحقق المشاركة الفعلية في الحكم في ظل الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية على مستوى السلطة التنفيذية. الأمر الذي يرفضه الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، إذ لن يسمح رئيس الحكومة بأن يكون مرهوناً ومحكوماً للرئيس ميشال عون والوزير باسيل طيلة عمر الحكومة، كما لم يمنح الحريري عون ثُلث إقالته من الحكومة متى يشاء، بحسب ما قالت مصادر قيادية في المستقبل لـ»البناء»، والتي أشارت الى أن «عون أصرّ على الحريري في جميع اللقاءات معه على أنه يريد 11 وزيراً مع تكتل لبنان القوي»، وتضيف المصادر: «ما هي الضمانة بألا يُقدِم رئيس الجمهورية على الطلب من هذا الثلث الاستقالة، وبالتالي إسقاط الحكومة وتحويل رئيسها رئيس تصريف أعمال؟».
وعما إذا كانت التسوية الرئاسية بين عون والحريري ما زالت هي الضمانة للشراكة والثقة بينهما في المرحلة المقبلة، ترى المصادر بأن «العلاقة تعاني من أزمة ثقة. والتسوية اهتزت، وربما لم تعد تصلح لهذه المرحلة لكن أحداً لا يتجرأ على إعلان ذلك». وتتساءل المصادر: «إذا كان التيار الحر قد نقض تفاهم معراب مع القوات الذي كان أساس التسوية الرئاسية، فما الذي يمنع من أن ينكث بالتفاهم مع الحريري؟». وأكدت المصادر بأن «ثلاثي المستقبل الاشتراكي القوات، سينال الثلث في الحكومة حتى وإن تنازلت القوات عن وزير والاشتراكي عن وزير آخر».
وفي سياق ذلك، عادت حرب الصلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة الى الضوء مع استنفار متعمّد للقيادات السياسية والروحية السنية لرفض مصادرة صلاحيات رئيس الحكومة والضغط عليه ومواجهة أي نية لدى رئاسة الجمهورية باتجاه خيار حكومة أكثرية. وتشير مصادر «المستقبل» الى أنه «كما باسيل لن يتنازل عن حقوقه، نحن أيضاً لن نتنازل عن حقوق رئاسة الحكومة»، لافتة الى أن «الرئيس المكلّف قدّم أكثر من صيغة أولية لعون، لكن الأخير أحاله الى رئيس التيار وتارة يرمي كرة التأليف في ملعب الحريري»، وأضافت: «عندما يتنازل العهد وتكتله النيابي عن وزير ويخفض حصته الى 10 وزراء ويقتنع بأن يعطي النائب السابق وليد جنبلاط 3 وزراء دروز، عندها يعمل الرئيس المكلف على إرضاء القوات وإقناعها بالتنازل عن الحقيبة السيادية».
في المقابل أكد باسيل في كلمة له أمس، أننا «إذا لم نحصل على حكومة متوازنة، فلا يمكننا أن نعدكم بمستقبل متوازن، وعلى الشباب أن يفهموا لماذا نتوقف عند كل محطة، ونعاند حتى لا يأتي أحد ويسلب منكم تمثيلكم وحقوقكم، ونكون وإياكم صناع اقتصاد المعرفة الآتي، وأن يكون لنا خطط اقتصادية لتنفيذها لتأمين المستقبل الواعد».
وبانتظار عودة الرئيس الحريري الى بيروت المتوقع خلال أيام لاستئناف المشاورات، لم تشهد الفرصة الاسبوعية أي تقدّم في مسار التأليف والعقد على حالها بحسب ما علمت «البناء»، وإذ تردّدت معلومات عن لقاء عُقد عصر أمس، بين وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري والنائب وائل ابو فاعور والوزير ملحم الرياشي . نفى خوري في حديث تلفزيوني حصول هذا الاجتماع.
وكانت حدة السجالات والاتهامات بين التيار الحر والقوات، ارتفعت يوم أمس. وفي وقت أشاعت مصادر «القوات» بأن عون والتيار وافقا على منح القوات حقيبة سيادية وتحديداً الخارجية، نفت مصادر التيار لـ»البناء» ذلك، مشيرة الى أننا لن نعطي القوات من حصتنا». كما اتهمت المصادر «القوات» بـ»إضعاف موقع رئاسة الجمهورية وصلاحياتها من خلال التصويب على حصة الرئيس الذي كرستها الحكومات السابقة منذ اتفاق الطائف».
في المقابل تصرّ «القوات» على الحصول على حقيبة سيادية كما ترفض الفصل بين حصة رئيس الجمهورية وحصة «التيار الوطني الحر».
وأكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب الياس بو صعب ، في حديث تلفزيوني، أن ملف تشكيل الحكومة عند رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الذي عليه أن يؤلف الحكومة ومن ثم يعرض الصيغة على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مشيراً إلى أنه «لدينا مطالبنا والكتل الأخرى لديه مطالبها، وفي حال كان أي فريق يريد أن يطالب بأكثر مما يريد نحن فلا نمانع، لكن لن نعطي من حصتنا».
والى جانب العقدتين القواتية والاشتراكية، يبدو أن عقدة ثالثة بدأت تلوح في أفق التأليف، تحدث عنها الوزير السابق يوسف سعاده، الذي أكد بأن «التكتل الوطني متمسك بوزيرين: واحد مسيحي لتيار المردة مع حقيبة الأشغال والثاني سني، وإن لم تُلبَّ مطالبنا فلن تكون هناك حكومة».
"الجمهورية": بري: هناك تعقيدات لم نعد نعرف حجمها
وفي الملف الحكومي يفتح الاسبوع على مثل ما انتهى إليه، الغموض سيّد الموقف، ويلقي ظلالاً من الشك، حول مصير التأليف. فالتواصل منعدم بين أطرافه ولا مبادرات جدية لكسر حلقة التعقيدات التي يبدو أنها ثابتة عند نقطة اللاتنازل واللاتراجع عمّا هو مطروح من هذا الطرف او ذاك. بل العكس، التعقيدات المتراكمة صارت من النوع الذي لم يعد مفهوماً.
وهو ما أشار اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري رداً على سؤال عمّا يعيق تأليف الحكومة حتى الآن: «في الحقيقة لا جواب، هناك تعقيدات لم نعد نعرف حجمها، ونجدّد القول انّ الضرورات الداخلية والاقتصادية باتت توجِب ان تكسر هذه الحلقة وتشكّل الحكومة».
ورداً على سؤال آخر، يشير بري: عندما نسأل يقولون لنا إنّ الأجواء إيجابية، ولكننا لا نرى ترجمة لها على أرض الواقع، أمّا لماذا فالجواب ليس عندي.
في هذا الوقت بَدا انّ «التيار الوطني الحر» لن يتراجع عن اي موقف او مطلب حكومي بعدما كان سلّم الرئيس المكلف مطالبه، سواء مباشرة او عبر موفدين، علماً انّ مطلبه الاساس يبقى ضرورة اعتماد الرئيس المكلف وحدة المعايير في التشكيل والمبادرة الى وضع تصوّره بعد استنفاد كل مراحل التشاور . ولذلك يبتعد «التيار» عن كل الاجتماعات الثنائية او الثلاثية لتسهيل مهمة الحريري وعدم المساهمة في الضغط عليه أو نشوء عقد ما كلما اقترب الحل.
وفي هذا السياق، قال النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية»: «معظم الكلام والحبر الذي يُسال يومياً حول موقف «التيار»، يفتقد أبسط مقومات الجدية، وأكاد اقول انه للتعمية عن حقيقة أزمة التشكيل والتي تتداخل في صناعتها عوامل خارجية وداخلية عدّة، ومن أبرزها محاولة الانقلاب على التسوية الرئاسية التي أنتجت التوازنات الحالية في مختلف المؤسسات الدستورية، وأخرجت لبنان من الانقسام والشلل والخلل في التمثيل سنوات عدة.
لذلك، من المفيد التأكيد مجدداً انّ «التيار» لا يقف بوجه ايّ حل من الحلول التي يمكن ان يجترحها الرئيس المكلّف، على ان لا يكون هذا الحل على حسابه او مخالفاً لقواعد التمثيل الديموقراطي الذي من الطبيعي ان يرتكز على نتيجة الانتخابات النيابية من دون اجتهاد».
وجَدّد «حزب الله» اتهاماته للسعودية بأنها وراء توقّف مسار تشكيل الحكومة، واكد انّ التشكيل يجب أن يستند الى معايير واضحة ومتوازنة على قاعدة نتائج الانتخابات النيابية.
وقال عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق: «هناك من يتربّص بمسيرة اللبنانيين وبناء الدولة والعهد، لأنّ نتائج الانتخابات أفشلت مشروعهم السياسي في لبنان». واعتبر انّ النظام السعودي «يريد أن ينقلب على نتائج هذه الانتخابات بفرض شروطه على تشكيل الحكومة، فهو تدخّل ليشكّل تحالفاً داخل الحكومة المرتقبة بالمال والتهديد، وفرض على البعض قيوداً فأصبح مغلوباً على أمره، وهناك من أطلقت السعودية يده فرفع سقف المطالب، وبالتالي توقّف مسار تشكيل الحكومة».