ارشيف من :مقالات
استمرار تعطيل تشكيل الحكومة... فيتوات سعودية
بعد قرابة الشهرين ونصف على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، لا تزال التعقيدات هي نفسها التي حالت وتحول دون ولادة الحكومة بالتوازي مع اصرار بعض المعطلين على اضاعة الوقت والتمسك بحصص وحقائب في التشكيلة الحكومية لا تتناسب مع نتائج الانتخابات النيابية، ولا مع المعايير الموحدة في عملية توزيع الحصص بين الكتل النيابية بحسب أحجامها. فما هي طبيعة الاجواء التي بلغتها اتصالات الفترة الأخيرة لحلحلة "عقد" التشكيل على مستوى الحصص والحقائب؟
وفق أوساط قريبة من بعبدا، لا يزال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يراهن على عودة أصحاب السقوف العالية الى التواضع والتعاطي بمسؤولية وطنية حيال ما تواجهه البلاد من استحقاقات كبرى، وبالتالي تسهيل مهمة تأليف الحكومة على قاعدة تمثيل الجميع بنفس المعايير وبحسب طبيعة الأحجام النيابية.
الأوساط لا تستبعد وجود عراقيل خارجية، وترى أن الوقت والاستحقاقات باتت ضاغطة على الجميع، وهو ما يفترض من الرئيس المكلف إعداد صيغة أو أكثر تراعي معايير التمثيل من جهة، مقابل اقرار أصحاب السقوف العالية بنتائج الانتخابات النيابية، بما يؤدي الى الاسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية تراعي أحجام الكتل.
أضافت المصادر أن الحريري هو المعني الأول بالاتصال مع كل الأطراف لايجاد مخارج لعقد التمثيل واعداد الصيغة التي تتناسب مع المعايير، لكنها أكدت أن الرئيس عون لن يوقع على أي صيغة لا يقتنع بها، من حيث الأخذ بنفس المعايير في تمثيل الجميع، كما تؤكد الأوساط أن رئيس الجمهورية لن يخضع لأي ضغوط من الخارج مهما كانت طبيعتها.
في معلومات لـ"العهد" فإن العقد الثلاث التي برزت منذ تكليف الحريري لا تزال هي نفسها، بل إن ما حصل ويحصل من تكرار للسقوف العالية والتمترس وراءها أدخل المزيد من التعقيدات على عملية التأليف، رغم ما يشاع بين الفترة والأخرى عن حلحلة في مواقف البعض من اصحاب الشروط الخارجة عن الاعراف والمعايير الموحدة. فالرئيس المكلف لم يقدم حتى اليوم أي صيغة وزارية تأخذ بنفس المعايير بين الكتل، كما أنه لا زال يتجاهل تمثيل الكتلة النيابية السنية من خارج كتلة "المستقبل". وعلم "ألعهد" من وزير سابق أن "رغبة الرئيس عون بأن يكون هناك وزير سني من حصته هو أمر ايجابي جدا ويعبرّ عن السعي لتمثيل كل المكونات، لكن تمثيل الكتلة النيابية السنية من خارج كتلة "المستقبل" يجب ان يسير فيه الرئيس المكلف طالما ان الاعراف تفترض تمثيل كل الكتل وفق أحجامها وطالما أن هناك توافقا على تشكيل حكومة وحدة وطنية".
اما بخصوص العقد في التمثيل المسيحي فيشير الوزير المعني الى أن اعلان "القوات اللبنانية "عن تقديمها لتسهيلات امام الرئس المكلف لانجاز التشكيلة الحكومية، لا يعدّ أكثر من تسهيل شكلي، حيث أن القول بقبولها بأربعة حقائب قابله التمسك بحقيبة سيادية، وهو ما يعني - بحسب الوزير المذكور - محاولة لرفع المسؤولية عن "القوات "بما خص استمرار عقدة التمثيل المسيحي.
درزياً، يلاحظ الوزير السابق أن ما يعيق حلحلة هذه العقدة هو ما يحصل من "عض اصابع" داخل الطائفة الدرزية، ما يحتم التحلي بالواقعية بحيث يكون التمثيل الدرزي في الحكومة متناسبا مع حجم المكونات النيابية داخل طائفة الموحدين الدروز.
على ان الوزير السابق يرى ان الكثير من التعقيدات والشروط العالية اتضح جليا أن وراءها جهات اقليمية معروفة وتحديدا من جانب النظام السعودي، وهو ما يمكن ملاحظته من الفيتوات المتنقلة على اعتماد المعايير الموحدة وتمثيل بعض الاطراف. بالتالي تصرّ الرياض على نفس الرهانات الخاسرة التي اعتمدتها في التعاطي مع الوضع اللبناني لاعتقادها ان هذا التعطيل لتشكيل الحكومة قد يضعف رئيس الجمهورية وحزب الله.