ارشيف من :أخبار لبنانية

مؤشرات تشكيل الحكومة.. الولادة حتى إشعار آخر

مؤشرات تشكيل الحكومة.. الولادة حتى إشعار آخر

في وقت انشغل فيه العالم بالعقوبات الامريكية على ايران وارتداداتها، استمرت السعودية بمحاولة كسب الوقت على الساحة اللبنانية، فعاد الرئيس المكلف سعد الحريري من فرنسا دون أن يحدث أي صدمة ايجابية في أزمة تشكيل الحكومة، ولم يقدّم أي جديد، داعيا الجميع للتعاون، مشيرًا إلى أنه قدّم الثير من التضحيات.
ووسط هذا الجمود برزت مواقف رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أمس، الذي أشار إلى أنه لا ينبغي أن يكون هناك ابتزاز للعهد بحكومة ستولد معطلة.
وفي آخر أخبار الكهرباء، استقبل وزير الداخلية نهاد المشنوق وزيري الاقتصاد والطاقة وجرى الاتفاق على الحزم مع أصحاب المولدات وضرورة التزامهم بالتسعيرة الرسمية التي تفرضها الدولة.


"الأخبار": حكومة الحريري ورقة إيرانية... وسعودية

كل المؤشرات توحي بأن الحكومة مؤجلة إلى إشعار آخر. بين العقوبات الأميركية وتشدد كل من طهران والرياض، لا يمكن الكلام حالياً عن مفاوضات جدية لخرق جدار أزمة التأليف

في ظل المراوحة الحالية للوضع الحكومي، لا يفصل سياسيون متابعون وضع لبنان عن استحقاق بدء العقوبات الأميركية على إيران. وإذا كان الكلام عن ربط مصير الحكومة بتطورات الجوار بديهياً إلا أنه مع كل استحقاق تبرز معطيات جديدة. فالواقع يؤشر دوماً إلى هذا الترابط، علماً أن متابعين على صلة بدوائر أميركية يتحدثون عن مؤشرات تساهم في تعميق الأزمة الحكومية الراهنة.

منذ أن تجدد الخلاف الأميركي ــــ الإيراني حول الملف النووي، تشهد إدارة دونالد ترامب، صراعاً بين خطين، الأول، تمثله وزارة الدفاع التي تريد «إخضاع» إيران، لكن من دون شن حرب عليها أو تشديد الخناق عليها، والخط الثاني تمثله وزارة الخارجية في ظل الولاية الحالية للوزير مارك بومبيو، والتي تميل إلى التشدد مع إيران وحتى ضربها ويتفق معها في الرؤية نفسها مستشار الأمن القومي جون بولتون.

لا يعني هذا التناقض، أن وزارة الدفاع الأميركية بقيادة جيمس ماتيس راغبة في بناء أفضل علاقات مع إيران من دون أثمان، لكنها تميل إلى اجتذابها إلى الحوار والتفاوض مع دفع أثمان تحددها واشنطن كما حصل مع كوريا الشمالية. أما وزارة الخارجية فترى أن إيران ليست كوريا الشمالية وأنها مختلفة عنها بنفوذها، إذ تمد سيطرتها على جزء أساسي من الشرق الأوسط وتحرك ساحات لبنان وسوريا والعراق واليمن وغزة، ما يستوجب أن تُعامل بأسلوب أقوى من الذي مورس ضد كوريا الشمالية. وبين هذين الخطين المتناقضين، تتأرجح نظرة الرئيس الأميركي إلى مستقبل العلاقة مع إيران وكيفية مقاربة أزمة الاتفاق النووي والعقوبات، فيتشدد في روزنامة العقوبات ويفتح في الوقت نفسه نافذة للحوار معها.

في المقابل، فإن إيران التي تعلن مواقف متشددة تجاه واشنطن وتعليقها الاتفاق النووي، لا تقفل الباب أمام أي حوار، لا عبر سلطنة عمان، ولا حتى عبر الشركاء في الاتفاق، لا سيما العواصم الأوروبية المتضررة أيضاً من رد الفعل الأميركي، والتي تقف إلى جانب طهران حالياً. لكن إيران، إذا اضطرت للتفاوض مجدداً، فلن تذهب ضعيفة إليه مهما كان شكله. ومصدر قوتها، الأوروبيون المؤيدون لها، والتناقض الحالي في الإدارة الأميركية، إضافة إلى السبب نفسه الذي يجعل الخارجية الأميركية متشددة حيالها، أي دورها في المنطقة، وهي ستكون حالياً في مرحلة تجميع أوراقها للمواجهة بها. ومن الطبيعي في هذه الحال أن يكون لبنان أحد هذه الأوراق.

يتقدم لبنان عند السعودية على غيره من ساحات، فيأتي الرد على إيران وحلفائها بالمراوحة الحكومية
وفيما تذهب واشنطن إلى فتح الملف الإيراني في المنطقة على مصراعيه، ويتريث حزب الله في إبداء مواقف علنية من الحكومة، ترتفع فجأة لهجة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. ومن ثم يتشدد في تلويحه تارة بحكومة أكثرية وتارة برفض مطالب الأفرقاء السياسيين، وعدم محاولته فتح كوة في جدار الأزمة. لا بل إن عودته إلى الظهور الإعلامي والسياسي، بخلاف الأسلوب الذي اعتمده منذ بداية عهده، ليحدد بنفسه رؤيته للحكومة ومطالب الأفرقاء منها، ويحدد خليفته المستقبلي لرئاسة الجمهورية، يؤشر إلى أن الأزمة مرجحة للتفاقم أكثر، على رغم أن مقربين من رئيس الجمهورية يعتبرون أن الخلاف المحلي الضيق قابل للحل مع بعض التنازلات المحدودة، وأن لا ضرورة لهذا الأسلوب لأنه ليس الأمثل والأصلح حالياً. فعودة الجنرال إلى لعب دور المعارض كما درَج عليه من الرابية تظهر وكأنه لم يخرج بعد من صورته السابقة ليدخل في عباءة رئيس الجمهورية. ناهيك عن أن عون يتحدث بنفسه عن مرحلة الاستحقاق الرئاسي، في سابقة لم تحصل مع أي من أسلافه الرؤساء والأرجح لن تحصل مستقبلاً، بغض النظر عن هوية مرشحه وما يدور حول هذا الترشيح من التباسات، واحتمال نجاح السيناريوات الموضوعة لتقريب موعد هذا الاستحقاق. ولا يكتفي عون بذلك، بل يعمد إلى تصعيد الخلاف مع حليف السعودية، أي رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ومن ثم مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، من دون أن يوفر بسهامه الرئيس المكلف سعد الحريري.

هذا الانقلاب في المشهد الرئاسي يعطي للأزمة الحكومية طابعاً محلياً، لكنه في الحقيقة يشكل أيضاً جزءاً من لعبة عض الأصابع الإقليمية. لأن السعودية دخلت أيضاً على خط الأزمة ودورها مرشح أكثر لمزيد من الحضور، في ضوء المواقف الأميركية المتأرجحة من إيران. فالسعودية ومعها الإمارات، وطبعاً إسرائيل، من الدول المؤيدة لضرب إيران، وهي لا تنظر بعين الرضى إلى المواقف الأوروبية وتردد ترامب، خصوصاً بعد أشهر الود بينها وبينه، بما يناقض العلاقة مع إدارة الرئيس باراك أوباما. وعلى هذا المسار، يتحدد مصير «الناتو» العربي المعروض أميركياً منذ أشهر، ومدى موافقة السعودية عليه كي يبصر النور، إن لم تحصل أيضاً على ما يرضيها على الخط الإيراني، فلا تقود المواجهة معها وحدها ومعها دول الخليج. ولأن السعودية تترقب بحذر المرحلة الممتدة من آب إلى تشرين الثاني حتى تتضح صورة العلاقة الأميركية - الإيرانية، تحاول هي أيضاً اللعب حيث نفوذها أقوى وأفعل. وحتى الآن، يتقدم لبنان أكثر من أي ساحة أخرى، في أوراق السعودية، فترد الأخيرة على إيران وحلفائها في لبنان عبر المراوحة الحكومية.


"البناء": الحريري ينفي تأخير الحكومة
بدورها رأت "البناء" ان لا شيء على الصعيد الحكومي سوى تراشق اتهامات التعطيل بين المعنيين بالتأليف. بالنسبة إلى بعبدا لا تزال الأمور ضمن السقف الزمني المعقول، بيد أنّ الرئيس ميشال عون لن يقف مكتوف الأيدي، إذا استمرّ الوضع على هذا المنوال، انطلاقاً مما منحه إياه الدستور من صلاحيات قد يستخدمها لإنقاذ البلد، بحسب ما تؤكد مصادر في التيار الوطني الحر لـ «البناء»، مع تلميح المصادر إلى أيادٍ خارجية دفعت بالرئيس المكلف سعد الحريري إلى المماطلة في التأليف بانتظار التطورات الخارجية.

واتهمت مصادر 8 آذار لـ «البناء» فريق 14 آذار بتلقي تعليمات واضحة من السعودية لعرقلة تشكيل الحكومة في لبنان، إذ تراهن السعودية على العقوبات الأميركية الجديدة بإضعاف إيران وإجبارها على تقديم تنازلات في المنطقة، وبالتالي إضعاف موقع وموقف حلفائها في لبنان، لكن المصادر أكدت بأنّ طهران لن تقدّم أيّ تنازل ولن تذهب للتفاوض مع أميركا في ظلّ بقاء هذه العقوبات، وبالتالي لن تفاوض إلا بعد تحقق شرطين: تراجع أميركا عن العقوبات والثاني عودة واشنطن عن قرارها الانسحاب من التفاهم النووي الإيراني». ورأت المصادر بأن موازين القوى في المنطقة ليست لصالح 14 آذار في لبنان. ودعت المصادر الثلاثي الحريري وجعجع وجنبلاط لتسهيل مهمة تأليف الحكومة اليوم قبل الغد، ورأت أنه والى جانب العقدة الإقليمية هناك عقد داخلية أبرزها التنافس المسيحي على الزعامة المسيحية وعلى رئاسة الجمهورية المقبلة بين باسيل وجعجع، ويترجم ذلك بالصراع على الحصص والحقائب الوزارية، الى جانب العقدة الدرزية في ظل تمسك جنبلاط بالحصة الدرزية كاملة في إطار الصراع على الزعامة الدرزية مستقبلاً بين جنبلاط وأرسلان في الوقت الذي يستعدّ جنبلاط لتوريث ابنه تيمور الزعامة.

وأشار رئيس تكتل «لبنان القوي» الوزير جبران باسيل الى أنه «لا يجوز ابتزاز العهد بوجوب تشكيل حكومة لتولد الحكومة معطّلة، ونحن تنازلنا سلفاً عن أمور كثيرة، وإذا تطلّب الأمر عملية سياسية دبلوماسية شعبية لفك أسر لبنان من الاعتقال السياسي الذي نحن فيه، فلن نتأخر»، لافتاً إلى «أننا لن نقبل بأيّ حكومة، فمطلبنا حكومة منتجة وقائمة على عدالة التمثيل وعدم وجود استنسابية أو مزاجية عند أيّ جهة سياسية».

وأضاف باسيل: «سنعمل لبناء الدولة. وهذا عهدنا وما زلنا ننتظر تشكيل حكومة قائمة على معيار واحد، هو إرادة الناس خلال الانتخابات النيابية وعلى عدالة التمثيل وعلى عدم وجود الاستنسابية وأن تكون منتجة».

واستغرب الرئيس الحريري في دردشة مع الصحافيين، قبيل ترؤسه اجتماع كتلة المستقبل النيابية، «تحميله مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة»، وأكد أنه على «تواصل مع الأفرقاء كافة وإنْ لم يلتق بهم». وأشار الى أنهم «يرمون بالمسؤولية عليّ في التأخير في حين أنّ كلّ طرف يتمترس وراء مطالبه، وعليهم جميعاً التواضع والتضحية من اجل مصلحة البلد».

ورداً على سؤال حول عدم لقائه الوزير باسيل حتى الآن قال: «قد أتصل به وأدعوه لزيارتي لكني لم ألمس جديداً حتى الآن، فأنا أعرف موقف رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، وأعتبر أنّ على الجميع أن يلتفتوا إلى الوضع الاقتصادي. أما إذا كان المطلوب من رئيس الحكومة أن يقدّم هو كلّ التنازلات فنحن ضحّينا كثيراً».

أما بخصوص العقوبات الجديدة على إيران وتأثيرها على تشكيل الحكومة، قال: «نحن على تواصل مع حزب الله، وهو يريد تشكيل حكومة، والجميع يريد حكومة». ونفى الحريري أن «يكون هناك أيّ تدخل خارجي لمنع تشكيل الحكومة»، وقال: «على العكس من ذلك، هناك اندفاع من الخارج لإرساء الاستقرار في لبنان».


"الجمهورية": قرع طبول الرئاسة يصمّ الآذان عن تأليف الحكومة
على صعيد آخر، أشارت صحيفة "الجمهورية" الى أنه لم يسبق أن جاهر رئيس جمهورية بعد مضي أقل من عامين على تولّيه مهامه، بالحديث عن «الشخصيّة» التي تتصدّر السباق الرئاسي لخلافته! فقط ميشال عون فعلها. قد يبدو ذلك لبّ المشكلة التي ستواجه العهد مع «حلفائه» وأخصامه حتى نهاية الولاية.

قرع طبول الرئاسة باكراً يصمّ الآذان عن السماع بتأليف الحكومة. وفق المعلومات، تلقّى الحريري نصائح قبل أيام من قريبين منه بتقديم تشكيلة ثانية للرئيس عون يردّ فيها، برأي هؤلاء، على الضغط الذي يتعرّض له من رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل، بالمبادرة وتقديم ما لديه. وفي حال رفضها، يؤكّد القريبون منه، يكون قد وضع الكرة في ملعب «الرافضين» وأصحاب السقوف العالية، لكن من دون أن يقوده الامر بأي حال الى الاعتذار.

مصادر الوزير باسيل تقول في هذا السياق، إنّ «أي تشكيلة حكومية يقدّمها الحريري يكون فيها «أسيراً» لمطالب النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع سيكون مصيرها الرفض الكامل». فيما تنقل المصادر نفسها عن الحريري قوله أمام الحلقة الضيّقة المحيطة به: «حلّ العقدة الدرزية عندي، لكن الأهمّ والاصعب حلّ العقدة المسيحيّة بين «القوات» و»التيار».

وفيما «أفتى» الرئيس عون بتجيير أزمة الحقيبة السيادية إلى الحريري لحلّها مع «القوات»، فإن المعلومات تشير الى أنه مقابل تنازل «التيار» عن حقيبة الخارجية فإن الثمن الذي قد يدفعه الحريري هو أعلى، وذلك «عبر التفاوض مجدداً على حقيبة الداخلية أو المطالبة بحقائب دسمة جداً»، ما قد يصعّب عملية التأليف أكثر.


"اللواء: شروط مكررة لباسيل
من جانبه، أعاد الوزير باسيل بعد ترؤسه تكتل لبنان القوي التأكيد على شروطه لتأليف الحكومة، رافضا أية حكومة، وقال: ليس مهما ان نبتز أو يبتز العهد بأنه ينبغي ان تكون هناك حكومة، وفي النهاية تأتي هذه الحكومة معطلة خلقياً، لأنه محكوم عليها بمعادلة سياسية معطلة وغير متوازنة.

وفي موقف، يثير أكثر من علامة استفهام، أشار باسيل: ان كان الأمر يتطلب ان نقوم بعملية سياسية دبلوماسية شعبية من أجل فك أسر لبنان من الاعتقال السياسي، إذا أرتأينا ان هذا الموضوع مطلوب منا، فهو كذلك نتأخر بأن نقوم به».

وفي هذا السياق استبعد مصدر وزاري متابع الوصول إلى تفاهم داخلي على تأليف الحكومة في وقت قريب، ورأى ان عملية التشكيل دخلت في غيبوبة، ولا يوجد أحد في لبنان لديه القدرة السياسية للضغط في اتجاه التأليف، موضحا ان عامل التعطيل الإقليمي تقدم على العامل الداخلي وهذا يعني اننا لن نكون امام حكومة جديدة في المدى المنظور وان الوصول إلى هذا الهدف ربما يأخذ أسابيع أو أشهر إضافية.

وتخوف المصدر ان تكون دمشق قد اوعزت إلى حلفائها إلى التمسك بمطالبهم وانها تريد ربط التأليف بفتح قنوات مباشرة معها لحل ملف النازحين.

ورأى المصدر ان الرئيس المكلف غير قادر على تلبية المطالبة القاسية لبعض الأفرقاء، لذلك تقول المصادر المتابعة ان لقاء الرئيس سعد الحريري بالوزير باسيل مرتبط بحصول امر جديد، وهذا ما لم يحصل، وقد عبر عن ذلك الرئيس عون شخصيا بقوله: لو كان هناك جديد لكان الحريري اتصل بباسيل وابلغه بموعد اللقاء وما كان باسيل ليتخلف عن تلبية الدعوة.

2018-08-08