ارشيف من :آراء وتحليلات

تونس: صراع قرطاج والقصبة إلى أين؟

تونس: صراع قرطاج والقصبة إلى أين؟

تراوح الأزمة السياسية في تونس مكانهاK ولا شيء يوحي بأن هناك حلا في الأفق يضع حدا للخلاف الحاصل بين رئيسي الحكومة والجمهورية وبين الأطراف المتصارعة داخل حركة نداء تونس ومنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد. فالأنباء القادمة من قرطاج (مقر رئاسة الجمهورية) والقصبة (مقر رئاسة الحكومة) توحي بأن الأوضاع سائرة نحو مزيد التعقيد مع رئيس حكومة ندائي تدعمه حركة النهضة الإخوانية وفي مواجهة أبناء حزبه العلماني.

ولعل اللافت أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي هو الذي أتى بالشاهد وحشد له الأصوات المؤيدة في مجلس النواب لتزكيته رئيسا للحكومة خلفا للحبيب الصيد. لكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفن رئيس الجمهورية وانقلب رئيس الحكومة الشاب على ولي نعمته وتمرد ورفض تغييره حاشدا الكتل البرلمانية ودعم بعض الأحزاب.

"حرب المستشارين" هذه هي معركة فريدة من نوعها لم يألفها التونسيون بين قرطاج و القصبة
حرب المستشارين

وفي إطار هذه الحرب المفتوحة والتي لم تعد خفية بين قائد السبسي والشاهد، عين رئيس الجمهورية رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد مستشارا له في خطوة رأى فيها عدد من المراقبين رسالة من سيد قرطاج إلى صاحب القصبة مفادها أنه غير راض على أدائه وأنه يفضل عليه سلفه الحبيب الصيد. كما سيتم في الأيام القادمة تعيين لطفي براهم وزير الداخلية الذي أقاله الشاهد مستشارا أمنيا في رئاسة الجمهورية في رسالة أيضا إلى رئيس الحكومة مفادها أن قائد السبسي غير راض على إقالة براهم الذي كان أداؤه ممتازا في الحرب على الإرهاب حين كان آمرا (قائدا) للحرس الوطني ثم وزيرا للداخلية.

من جهته عين رئيس الحكومة كمال الحاج ساسي مستشارا له في خطوة لافتة تبدو بدورها رسالة إلى رئيس الجمهورية مفادها أن صاحب القصبة مستمر في تحديه للمتربع على عرش قرطاج. والحاج ساسي هو من رجال الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذين عرف عن قائد السبسي أنه لا يستسيغ وجودهم كثيرا في دوائر الحكم رغم اضطراره إلى الإستعانة ببعضهم بحكم الكفاءة التي يتمتع بها هؤلاء والحاجة إليهم من قبل الحكام الجدد.

معركة فريدة

وفي هذا الإطار يرى الناشط السياسي والحقوقي التونسي باديس الكوباكجي في حديثه لـ"العهد" الإخباري أن "حرب المستشارين" هذه هي معركة فريدة من نوعها لم يألفها التونسيون بين قرطاج و القصبة. فقد اعتاد الشعب التونسي، بحسب محدثنا، على خضوع تام من رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية في ظل نظام رئاسي سابق كانت الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الحكومة محدودة فيما مطلق الصلاحيات لرئيس الجمهورية.

ويضيف الكوباكجي قائلا: "إن ما يحصل ليس امرا محمودا باعتباره قد يمس من الإستقرار و الإنسجام الواجب توفره بين رأسي السلطة التنفيذية في هذا الظرف الإقتصادي الصعب إلا أنه لا يتعارض مع دستور البلاد الجديد. والحرب تبدو مفتوحة بين رجلين لا ينتميان إلى نفس الجيل فهل ستكون الغلبة قبيل انتخابات 2019 في معركة كسر العظم هذه للحرس القديم ممثلا بقائد السبسي أم للدماء الشبابية اليافعة التي يمثلها يوسف الشاهد؟

2018-08-08