ارشيف من :أخبار لبنانية

المراوغة في تأليف الحكومة تتجه نحو التصعيد بين باسيل والحريري

المراوغة في تأليف الحكومة تتجه نحو التصعيد بين باسيل والحريري

ركّزت الصّحف اللبنانية الصادرة من بيروت صباح اليوم على أزمة تأليف الحكومة، حيث تشير معلومات شبه مؤكدة أن رئيس الجمهورية ومن خلفه التيار الوطني الحر يتجهان نحو التصعيد في وجه الرئيس المكلف سعد الحريري إذا ما تمّ التأليف بأسرع ما يمكن، متهمَين إياه بالمرواغة إرضاءً لمطالب القوات اللبنانية وجنبلاط.

دوليًا، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي سيفقد ترشيحه لرئاسة الحكومة بعد إعلان التزامه بالعقوبات الأميركية على إيران. والأزمة بين السعودية وكندا سببها مواقف الأخيرة التي تتهم حكام الرياض بانتهاك حقوق الإنسان وتدعو لإطلاق معتقلين يتم احتجازهم بدون توجيه تهم.

"النهار": استسلام مريب للأزمة أمام الخارج "الخفي"؟

 يكفي ان يصدر وزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بياناً يخصصه للرد على التعليقات السياسية والصحافية التي تتناول الربط المفترض أو الواقعي لأزمة تشكيل الحكومة بما سمي المعركة المبكرة، لتظهر التعقيدات غير الطبيعية التي تفاقم ازمة الاستحقاق الحكومي هذا بصرف النظر عن التعقيدات الظاهرة والخفية الاخرى. ذلك ان الشلل غير المسبوق الذي عطل وتيرة المشاورات والاتصالات الداخلية عموماً ولا سيما بين المراجع الكبيرة والاحزاب والقوى السياسية المعنية، عكس نوعاً خطيراً من الاستسلام للأزمة يخشى ان تكون بعض جوانبه مقصودة لاطالة أمد هذه الازمة التي بات يصعب التسليم تماما بانها ذات طابع داخلي صرف ولم تتداخل فيها عوامل اقليمية وخارجية أخرى.

وليس أدل من صدقية المخاوف من تنامي العوامل الاقليمية المعطلة لتشكيل الحكومة من تبرع ما كان يوصف بتحالف 8 آذار بتوجيه الاتهامات الى تحالف وفريق لم يعد موجوداً هو فريق 14 آذار بانه يربط التعقيدات الداخلية بالخارجية في الازمة، في حين تثبت الوقائع ان ثمة دوامة منظمة ومنسقة من الادوار التي تحول في كل مرة يتقدم بها الرئيس المكلف سعد الحريري بنسخة جديدة لتشكيلة حكومية دون نجاح محاولاته واحباط العمل على انجاز الولادة الحكومية قبل تفلت مزيد من الازمات الاقتصادية والاجتماعية والانمائية التي تغرق فيها البلاد وسط واقع سياسي شديد التلبد والغموض.

لذا باتت الاوساط المعنية بمراقبة وتيرة الدوامة التعطيلية تتعامل مع دفاتر الشروط التي تطرح تباعاً وراء الكواليس لاحداث توزيع للقوى داخل الحكومة العتيدة يحفظ التفوق وليس فقط الثلث المعطل لفريقي رئيس الجمهورية وتياره والقوى الحليفة الاخرى لهما كأنها نذير تصعيد منهجي متدرج لا يبدو انه سينتهي في وقت قريب ولو نجح الرئيس الحريري حتى الآن في تعطيل انفجار سياسي يراد منه ان يحرج الرئيس المكلف ليخرجه، وكان كلامه واضحاً قبل يومين انه يسعى الى البقاء على اتصال وعلاقات دائمة مع القوى الاساسية التي ستضمها الحكومة.وتدرج الاوساط هذا الموقف في اطار ادراك الرئيس المكلف جدية ما يضمر له بعض الافرقاء السياسيين، فيما يصر على احباط محاولات التلاعب بالطائف التي برزت أخيراً على السنة شخصيات سياسية معروفة الاتجاهات والارتباطات الخارجية.

لكن الاوساط المتابعة لازمة التشكيل بدت متشائمة بالمدة التي ستسهلكها الازمة قبل التوصل الى حلها. واعربت عن خشية كبيرة ان تتسبب الازمة ان طالت باستدراج العوامل الاقليمية اكثر فاكثر من باب الربط القسري للواقع اللبناني باوضاع اقليمية متفجرة. ولاحظت ان البعد الخارجي لازمة التشكيل بدأ يعكس ازدواجية تأثر لبنان بالواقع الخارجي الاقليمي. فثمة جانب حديث من تأثيرات الازمة السورية التي بات معها رئيس النظام حريصاً على اعادة مد اصابعه الى الساحة اللبنانية.

"الأخبار": فترة السماح للحريري تكاد تنفد

تكاد فترة السماح للرئيس المكلف سعد الحريري تنفذ. العهد والتيار الوطني الحر هادنا الحريري حتى الآن، فإذا لم يقدم على خطوة بناءة في التشكيل، ستكون الأمور متجهة نحو التصعيد

لم يكن متوقعاً، من جانب العهد، أن يصادف تكليف الرئيس سعد الحريري كل هذه العراقيل. فالتسوية الرئاسية على قيد الحياة، وذكرى إنقاذه من الاستقالة السعودية حية أيضاً. والانتخابات النيابية أفرزت نتائج كان يمكن أن تنعكس إيجاباً، ولو بحصص متفاوتة، على حكومة وحدة وطنية، سلم كل الأفرقاء بها، ومؤتمر سيدر وضع الجميع أمام استحقاق إنجاز «إصلاحات» ينضوي تحتها الجميع.

لكن ما فاجأ التيار الوطني الحر والعهد أن التصعيد، بدأ تدريجاً من القوات اللبنانية ومن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، وبدا أن الرئيس المكلف ينساق خطوة تلو أخرى إلى هذا المسار، الأمر الذي بدأ يضعه في مواجهة مع العهد، ويهدد العلاقة معه.

تكاد فترة السماح للحريري تنتهي، هكذا تبدو الصورة عند العهد والتيار الحر اللذين كانا، حتى الآن، حريصين على عدم خلق أجواء توتر مع الحريري أو الاصطدام به. لكن رئيس الجمهورية لم يعد يخفي امتعاضه من الأسلوب الذي يعتمده الحريري في إضاعة الوقت. امتعاض عون و«التيار» مرده إلى أن الرئيس المكلف لم يقم بأي خطوة عملية في اتجاه التشكيل الفعلي، حتى أن هناك من يحسب له عدد الاجتماعات التي عقدها لتشكيل الحكومة، فلا تتجاوز عدد الأصابع العشرة. وهذا لا يمكن أن يسجل في خانة رئيس مكلف يريد أن يشكل حكومة بأي ثمن، إلا إذا كان مرتاحاً لوضعه رئيساً مكلفاً ورئيس حكومة تصريف أعمال، ويستمع إلى نصيحة خارجية بضرورة التريث في التأليف، ولعل النقطة الأخيرة هي الأكثر تداولاً في معظم المجالس السياسية.

ويكبر الامتعاض، بحسب المعلومات، لأن الحريري يتلطى خلف موقفي «القوات» وجنبلاط، فيبدو في الظاهر أنه يريد تلبية مطالبهما، لكنه في الحقيقة لا يتحرك من أجل تذليل العقد، ويتركها عالقة، ويرميها في ملعب رئيس الجمهورية. حتى أنه لم يضع تشكيلة صورية ويقدمها للعهد، ولو على سبيل فرض أمر واقع، أو حتى ولو أن عون لا يمكن أن يقبل بها.

هذا المسار، لم يعد بالنسبة إلى «التيار» والعهد، مجرد مناورة حكومية لتحصيل مطالب وتلبية شروط الأطراف السياسيين، بل محاولة جدية لعرقلة عمل العهد، والأخير لم يعد في إمكانه السكوت عنه. لذلك، كثر تركيز رئيس الجمهورية على مقاربة عقد التأليف، وستتصاعد تدريجاً لهجة «التيار» ضد الحريري، على رغم كل المحاولات التي جرت حتى الآن لمنع الاصطدام به وإحداث مشكلة حقيقية ومباشرة معه.

كانت الأمور، حتى الآن، تصب في خانة الخلاف بين «التيار» و«القوات» وعدم حسم حصة جنبلاط درزياً، مع تحييد الحريري. لكن هذا المنحى سيتبدل قريباً، ويبدو أن التيار الحر سيكون أمام تحد حقيقي، إما ترك الوضع الحكومي معلقاً فيخسر العهد، وإما أن يبادر إلى مواجهة أقرب إلى الصدمة، كي تكون سبيلاً إلى إخراج الحكومة، والأرجح أنه سيختار الثانية.

وما يمكن أن يدفع أكثر في هذا الاتجاه بغية تأليف سريع للحكومة، أمران تؤكد المعلومات أن البت بهما أصبح منتهياً: أولاً توزع الأرقام أصبح محسوماً، عشرة وزراء لرئيس الجمهورية والتيار وأربعة للقوات اللبنانية وواحد للمردة. وهذا يعني أن لا ثلث معطلاً لأي فريق، ولن يعطى للتيار والعهد حتى يتفردا به. وتوزع الحصص أصبح بحسب المعلومات وراء الذين يتفاوضون. تبقى عقدة جنبلاط، وهي قابلة للحل، لأن جنبلاط أيضاً يرفع سقف التفاوض كي يحسن شروطه ويحصل على حصة وزيرين و«نصف»، وثمة قناعة أن الحريري قادر عند لحظة الحسابات الأخيرة أن يتفق مع جنبلاط على الوزير الثالث. أما الأمر الثاني فهو أن نائب رئيس الحكومة من حصة رئيس الجمهورية.

ولأن الانتهاء من توزع الأعداد مسيحياً حسم بالنسبة إلى العهد، بدأت مرحلة النقاش الحقيقي حول الحقائب. لا نيابة رئاسة حكومة للقوات اللبنانية، ولا حقيبة دفاع أو خارجية. رئيس الجمهورية لم يوافق على إعطاء حقيبة سيادية للقوات من حصته، ولم يمانع في المطلق حصولها عليها، لكن الكرة في ملعب الحريري. هناك التباس بين من يرفض ومن يؤيد إعطاء الدفاع أو الخارجية للقوات، هل يقبل حزب الله، بخطاب وزير للدفاع أو للخارجية يتناول فيه سلاح حزب الله ويعرض موقعه ووضع المقاومة لأي مساءلة أو انتقاد من على المنابر الخارجية والعسكرية. فالقصة أبعد من مجرد وزير للدفاع لا قرار حقيقياً في يده، وتالياً فالدفاع والخارجية من حصة رئيس الجمهورية والتيار الحر كما هي الحال في الحكومة الحالية. ولأن الداخلية والمال باتتا محسومتين، فإن نقاش الحقائب سيتخذ من الآن وصاعداً بعداً آخر.

ثمة ثلاث حقائب خدماتية تشكل أولوية هي الأشغال والصحة والتربية، على رغم أن النقاش مستمر حول حقيبتي الاتصالات والطاقة، على رغم تمسك المستقبل بالأولى والتيار الحر بالثانية. تتحول الأشغال مطلباً أساسياً لكل من القوات اللبنانية والمردة والتيار الحر. كلام الوزير جبران باسيل فتح ملف الانتقاد حول أداء تيار المردة واتهام التيار الحر له باستهدافه من خلال مشاريعها التي استبعدته. قد تكون المعركة المقبلة في توزع الحقائب أكثر تصلباً من معركة العدد. لأن القوات لن تتراجع عن السيادية، وإذا قبلت بأربع حقائب من دون السيادية، فإنها لن تقبل بأقل من وزارات كبرى كالأشغال والتربية والصحة. لكن يبدو أن حزب الله يطالب بالصحة، كحقيبة خدماتية أولى، خلافاً لما جرت عليه العادة في الحكومات السابقة، ويطالب بها جنبلاط أيضاً. ما يعني أن الكباش انتقل إلى المستوى الثاني من عقد التأليف قبل حسم الأعداد.

"البناء": العبادي يفقد ترشيحه لرئاسة الحكومة بعد إعلان التزامه بالعقوبات الأميركية على إيران

التجاذب الحاد بين واشنطن ومَن يقف بوجه غطرستها من الخصوم والحلفاء بات عنوان المشهد الدولي والإقليمي، حيث السعودية وأموالها عصا تستخدمها الإدارة الأميركية لمعاقبة مَن يعترض الطريق، هكذا الحكومة معطّلة في لبنان والعراق، وهكذا ذهبت السعودية لسحب أموالها وطلابها ومرضاها من كندا، والسبب الظاهري هو «الرد السيادي» على مواقف كندية تتهم حكام الرياض بانتهاك حقوق الإنسان وتدعو لإطلاق معتقلين يتم احتجازهم بدون توجيه تهم وإحالتهم إلى القضاء، بينما كان تقرير حقوق الإنسان الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية كل سنة في نسخته الأخيرة قبل ستة شهور، وفي عهد الرئيس دونالد ترامب، قد وجّه اتهامات أشد قسوة للحكم السعودي، ولم يلق الضجة التي أثارها الكلام الكندي، وابتلع السعوديون ألسنتهم في الرد مكتفين بالقول إن التقرير ظالم. وكان التقرير الأميركي قد خصص عشرات الصفحات للتحدّث عن انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان بالحديث عن «عمليات القتل غير القانوني وعمليات الإعدام في غير الجرائم الأكثر خطورة ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، والتعذيب، والاعتقال والاحتجاز التعسفي للمحامين ونشطاء حقوق الإنسان والإصلاحيين المناهضين للحكومة والسجناء السياسيين، والتدخل التعسفي في الخصوصية».

ويبين التقرير أيضاً الطبيعة الهيكلية للعديد من انتهاكات حقوق الإنسان، مشيراً إلى حظر المملكة الواسع للحريات الأساسية مثل حرية التعبير «بما في ذلك التعبير على الإنترنت وتجريم التشهير وحريات التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والحركة والدين». وأبرز التقرير أيضًا «افتقار المواطنين إلى الوسائل القانونية والقدرة على اختيار حكومتهم من خلال انتخابات حرة ونزيهة واستمرار انتشار العنف والتمييز بين الجنسين ضد المرأة».

مصادر على صلة بخفليات الأزمة الكندية السعودية ربطت بينها وبين التهديدات الأميركية لكندا بجعلها تندم لفرض رسوم موازية على البضائع الأميركية، وقيادة دعوات شعبية لمقاطعة البضائع الأميركية بعد فرض ضرائب أميركية على المستوردات الكندية من الحديد والصلب والألمنيوم، وردود رئيس وزراء كندا جانستن ترودو على كلمات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تطاول فيها على كندا مهدداً.

في العراق تسببت الضغوط الأميركية على رئيس الحكومة حيدر العبادي لإعلان التزام حكومته بالعقوبات الأميركية على إيران باستبعاده من لائحة المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، بعدما نتج عن تصريحاته بالالتزام بالعقوبات خروج العديد من النواب والكتل الصغيرة من تكتل النصر الذي يترأسه، وتصدّع هذا التكتل، وصدور تصريحات من كتل نيابية وازنة أهمها كتلة الفتح التي يترأسها هادي العامري تدعو لاستبعاد العبادي عن لائحة مرشحي رئاسة الحكومة المقبلة، والذي فجّر بوجه العبادي غضب العراقيين هو الحاجة العراقية لاستجرار الطاقة الكهربائية من إيران، خصوصاً لمناطق جنوب العراق وقد توقفت منذ شهور لالتزام العبادي بعدم تحويل المستحقات المتوجبة لإيران بداعي العقوبات الأميركية، بينما يرى العراقيون كيف يبادر الرئيس التركي رجب أردوغان العضو في حلف الأطلسي إلى إعلان التمسك باتفاقيات استجرار الغاز الطبيعي من إيران وإبلاغ الرئيس الأميركي بعزمه على عدم الانصياع للعقوبات الأميركية.

2018-08-09