ارشيف من :مقالات
انتخاب مفتي طرابلس: هل ينجح الشعار في التمديد لنفسه؟
أقل من شهر، يفصل مدينة طرابلس عن معركة حامية الوطيس، على خلفية انتخاب مفتٍ جديد لطرابلس والشمال، في أيلول المقبل، حيث تنتهي ولاية مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار ببلوغه السن القانونية (سبعون عاما).
تاريخياً، يعد مركز مفتي طرابلس والشمال، من أبرز المراكز الدينية وأعلاها في طرابلس، وهو غالباً ما اتخذ انتخابه أبعادًا سياسية أكثر من كونها دينية، إلا أن السنوات الأخيرة، شهدت بدعة جديدة في التوافق المسبق على اسم المفتي، بين مختلف الأفرقاء السياسيين، وليصار فيما بعد لإجراء انتخابات شكلية، تنتهي بفوز الاسم التوافقي المدعوم من الزعامات السياسية في المدينة.
اليوم تختلف الأمور عن سابقاتها، حيث بدأت علامات المعركة، تلوح في الأفق، في ظل ما يشاع عن انقسام كبير بين مختلف الأفرقاء السياسيين، خصوصاً، بعد شيوع أخبار عن طرح قدمه "تيار المستقبل" غايته التمديد للمفتي الحالي مالك الشعار، تحت حجة "تأجيل الانتخابات بسبب الأوضاع الراهنة، وتمديد ولاية الشعار لمدة سنة قابلة للتجديد"، وهو ما يؤيده الشعار بشدة، حيث بدأت أوساطه تروج في الأروقة الطرابلسية عن وعد أطلقه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للشعار "بتمديد ولايته".
هكذا تبدو معالم المعركة...
بالعودة الى طرح "المستقبل"، رشحت معلومات مصدرها المفتي الشعار "الذي يحرص على إشاعة أجواء ضمن الفريق المتحمس لبقائه في منصبه"، بأن " قرار التمديد له قد اتخذ من قبل الرئيس الحريري نفسه، وتم طرحه على مختلف الأفرقاء، وأن الجميع قد وافق عليه". في موازاة ذلك، يحرص الشعار على استقبال وزيارة عدد من السفراء العرب المؤثرين، لاستكمال الصورة، والايحاء أن التمديد قد حظي برضى إقليمي. وهو يحاول بذلك وضع عدد من المشايخ وأعضاء الهيئة الناخبة تحت الأمر الواقع، لتمرير هذا الاستحقاق حسب ما يتمنى.
المفتي الشعار "صاحب الهوى الأزرق" كان قد أعلن في غير مناسبة وقوفه الى جانب الرئيس الحريري، حيث قدم له عشرات الخدمات السياسية والدينية، كان آخرها في الانتخابات النيابية الماضية وهو لم يخف صراحة في إحدى خطبه، إعلانه عن "مبايعته الشيخ سعد"، وبالتالي بات لزاماً على الحريري نفسه، رد الجميل للشعار عبر السعي للتمديد له.
في المقابل، ترفض القيادات السنية المعارضة لـ"المستقبل"، "الطرح الأزرق"، وأبرز هؤلاء الوزير فيصل كرامي، والرئيس نجيب ميقاتي، بالإضافة الى عدد من أعضاء المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى، وهم بدأوا مساعيهم لدى مفتي الجمهورية، للتأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها وإحترام المهل القانونية في دار الافتاء.
ويعتمد الفريق المعارض للتمديد للمفتي في طرحه، على أن من "نجح في إجراء الانتخابات النيابية والبلدية، لن يصعب عليه إجراء إنتخابات لاختيار مفتٍ جديد لطرابلس، وهي بالطبع لن تكون بحاجة إلى حماية أمنية أو لوجستية كما تحتاج أي انتخابات أخرى، كون الهيئة العامة الناخبة لا يتعدى عددها الـ 150 عضواً، ما يعني أن إجراء هذا الاستحقاق يمكن أن يتم بكل سهولة وبفترة زمنية قصيرة جدا. وفيما أخذت الحركة المعارضة تكبر وتتنامى يوما بعد يوم رفضا للتمديد لولاية الشعار، أكدت مصادر النائب فيصل كرامي لموقع "العهد" أن "هناك ضرورة وطنية وطرابلسية، لإجراء انتخاب المفتي في موعده، وهو ما سنسعى إليه مع جميع الأفرقاء في المدينة، علنا ننجح في ضخ دم روح جديدة تكون جامعة لما تحت مظلة إفتاء طرابلس".
ويراهن المعارضون للتمديد على أمرين، لمنع "المستقبل" من فرض التمديد، إما أن تجري الانتخابات ضمن المهل والأصول القانونية، أو في حال تعذر إجراء الانتخابات لأي سبب كان، فلا داعي لحصول أي تمديد، حيث يتسلم منصب الافتاء بالوكالة أمين الفتوى الشيخ محمد إمام الى أن يصار الى تحديد موعد جديد للانتخابات.
الواضح أن انتخابات مفتي طرابلس والشمال لن تمر بهدوء هذه المرة، في ظل الانقسام السياسي الذي يطغى على المدينة، خصوصاً ان الإنتخابات النيابية الأخيرة، أعادت الإتزان السياسي للجميع، وبات عدد من نواب طرابلس (كرامي، ميقاتي)، والمنية الضنية (جهاد الصمد)، المعارضين لتيار "المستقبل"، من المؤثرين الجديين في الحياة السياسية، وهم سيشكلون عقبة أساسية في وجه "المستقبل"، لمنعه من فرض طروحاته كالسابق.