ارشيف من :تحقيقات
الاحتلال يغتال الثقافة الفلسطينية.. مركز ’المسحال’ نموذج
في العاشر من آب/أغسطس الحالي، أقدمت الطائرات الحربية الصهيونية على تدمير مركز "المسحال" الثقافي الذي يضم مقر الجالية المصرية في قطاع غزة. الصواريخ المعادية أتت على المبنى المكون من عدة طبقات، ودفنت معه أحلام العديد من المثقفين، والفنانين الفلسطينيين، في جريمة هي الثانية من نوعها خلال شهر، حيث أدى قصف "إسرائيلي" سابق على القطاع إلى تدمير قرية الفنون والحرف.
يصف الفنان محمد ياسين ما حصل بأنه "ضربة ساحقة" للثقافة الفلسطينية، مشيراً إلى أنه يفضح نوايا الاحتلال الذي يسعى وراء محو كل شيء على هذه الأرض.
وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري، يؤكد ياسين أن العدو واهم إذا ما ظن أن مثل هذه الجرائم ستكسر إرادة الفلسطينيين، قائلاً: "إن الفن سيبقى، والثقافة ستزداد، والأعمال المسرحية وغيرها ستتواصل رغم أنف الاحتلال".
يضيف "صحيح أن الغارات الحاقدة دمّرت المبنى؛ لكن الإرادة لم تنكسر، والعزم لن يلين وسوف نقاوم ونقاتل.. إذا كانت الكلمة يخاف منها العدو، فنحن سنواجهه بمزيد من الثقافة، والفنون".
ياسين يلفت إلى أنه قدّم على مسرح "المسحال" من قبل مزيجاً من الأعمال المسرحية، وشارك في ندوات شعرية، وفنية مختلفة، منها: "أنا والملك"، و"أبنائي"، موضحاً أنه كان من المفترض تقديم مسرحية جديدة في عيد الأضحى المبارك تسمى "الميراث".
ويتابع "نحن تربيّنا في هذا المسرح، وربّينا أجيالاً عديدة معنا، لكن المحتل المجرم بدد أحلامنا، ومع كل هذا الحزن والتأثر إلا أننا مصممون على إعادة تشييده حتى لو اضطررنا لجمع التبرعات بصورة فردية".
ثقافة مقاومة
من جانبه، يؤكد المستشار الثقافي لـ"مؤسسة سعيد المسحال" الشاعر سليم النفار، أن الشعب الفلسطيني لديه ثقافة مُقاومة، مُقاومة للاحتلال بكل صوره، ومقاومة لكيّ الوعي الذي يمارسه المستعمر منذ عقود.
النفار يشير في حديث لموقع "العهد" إلى أن المؤسسة التي يعود إنشاؤها للعام ألفين وأربعة، كانت حاضنة لجميع الأنشطة الثقافية، ولكل شرائح المجتمع، وكانت تحاول أن تشيع الفرح بين أوساط الفلسطينيين من خلال الأعمال المسرحية، والأدبية، والغنائية وغيرها.
وينبّه النفار إلى أن الوعي الوطني الفلسطيني ليس بمعزل عن الوعي القومي العربي، مستدركاً القول لقد احتضنت المؤسسة عروضاً سينمائية، ووثائقية تتحدث عن تأصيل الفعل المقاوم على المستوى العربي بهدف مواجهة حالة التردي التي تعيشها المنطقة، وإظهار مخططات الأعداء لجهة محاولة كسر إرادة الأمة أمام الحركة الصهيونية".
"إن استهداف هذه المؤسسة يؤكد للمرة المليون أن عدونا عدو همجي وبربري، وهو عدو كاره للفعل الثقافي الثوري الوطني"، يختم النفار.
مساحة للإبداع
أما رئيس دائرة المرئي والمسموع في وزارة الثقافة الفلسطينية محمود روقة؛ فيلفت في حديثه لموقع "العهد" الإخباري، إلى أن المسرح المدمر كان قد سُمي بمسرح عسقلان؛ نسبة إلى قرية جورة عسقلان التي ينحدر منها سعيد المسحال المؤسس لهذا الصرح الثقافي الكبير في القطاع.
وفيما يذكّر بأن المؤسسة خدمت على مدار السنوات الفائتة الشعراء، والمسرحيين، والروائيين، يوضح روقة أنه "تم تنظيم الكثير من المهرجانات داخل المبنى المستهدف، منها: مهرجان سينما الخليج، مهرجان سينما فلسطين، فضلاً عن فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية سنة 2009".
ويشدد روقة على أن المسرح يوفر أرضية خصبة للإبداع والفن ليس في غزة؛ وإنما في عموم فلسطين المحتلة.