ارشيف من :أخبار لبنانية
السيد نصر الله يحذر من تضييع مزيد من الوقت في تشكيل الحكومة
وسط الحديث عن تحضير أمريكي غربي لعدوان عسركي على سوريا، وتحذيرات روسية من سيناريو جديد لتمثيلية استخدام السلام الكيماوي في ادلب، بقيت الأزمة الحكومية في لبنان على حالها مع دخولها الشهر الرابع للتكليف دون تأليف.
وفي هذا الوقت كانت اطلالة للأمن العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان عيد “التحرير الثاني” في الهرمل للاحتفال بالذكرى الأولى لهذا الانتصار على الارهاب، والتي تناول فيها عددا من الملفاتـ داعيا للاسراع في تشكيل الحكومة وناصحا البعض بعدم اللعب بالنار.
"الأخبار": نصرالله: نحن أكبر حزب ولكن أقلّ حزب يُمارس السلطة
من مدينة الهرمل، أطلّ الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله مُحتفلاً بالذكرى الأولى لتحرير السلسلة الشرقية، «الذي صنعته المعادلة الذهبية: الجيش والشعب والمقاومة». ثلاثية ثبّتها نصرالله، كما أكد عمق العلاقة مع الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي، وشدّد على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة
الذكرى الأولى لتحرير السلسلة الشرقية في 26 آب 2017، كانت مُناسبة ليتحدّث فيها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله عن ذكرى «التحرير الثانية» (بعد تحرير جنوب لبنان، في أيار 2000، من الاحتلال الإسرائيلي)، متناولاً الوضع اللبناني الداخلي، وموجهاً رسالة إلى «كلّ» أهالي منطقة البقاع. هذه المنطقة التي كانت على تماسٍ مُباشر مع الخطر التكفيري، فاختار حزب الله مدينتها الهرمل ليُنظّم فيها مهرجان «شموخ وانتصار»، احتفالاً بتحرير «صنعته المعادلة الذهبية: الجيش والشعب والمقاومة»، على حدّ قول نصرالله، فضلاً عن دور الجيش السوري من الداخل السوري.
خمس عِبر عدّدها نصرالله، أولها «سرعة اتخاذ القرار من أهل المنطقة، ومعهم المقاومة في التصدي للجماعات الإرهابية، داخل الأرض اللبنانية أو السورية». الموقف الداعم لحزب الله، «حتّى من الذين كانت أحزابهم في موقعٍ آخر، لأنهم كانوا يرون الخطر أمام أعينهم، الذي لم تكن تراه قيادتهم التي تسكن في أماكن بعيدة». في المقابل، كانت الحكومة اللبنانية «مرتبكة ولم تستطع أن تتخذ قراراً». ولكن الأهم، أنّ التحرير الثاني ما كان ليتحقق، «لولا انتصارات الجيش السوري في كلّ المنطقة المحيطة بلبنان».
العبرة الثانية المُستخلصة، هي «استجابة الشباب اللبناني وشباب المقاومة لهذه المعركة». رأى نصرالله أنّ هذه النقطة أساسية للتوقف عندها، «لأنّه يجب أن نعرف قوتنا لنتكئ عليها... في كلّ المعارك، كان عنصر الشباب وحضوره هو الأساس»، وأكّد أنّه الآن «إذا أردنا أن نتخذ قرار المشاركة في أي عملية كبرى جديدة في سوريا، سوف نجد أنّه تكفي شبابنا الإشارة».
العبرة الثالثة، تكمن في «التأييد الشعبي الكبير لهذا الخيار». في بيئة المقاومة، كانت الناس تُصرّ على المشاركة، «لم يكتفوا بإرسال أولادهم، بل خبزهم ومونتهم والكشك والمكدوس والقاورما. هذا قيمته في الاحتضان، ومن الأمور التي يُبنى عليها للحاضر والمستقبل». وكانت هذه النقطة مُناسبةً، ليُطمئن خلالها نصرالله إلى الوضع المادي لحزب الله، «ما زلنا في خير، وسنبقى بخير إن شاء الله، على رغم كلّ العقوبات».
التجربة الجديدة لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، هي العبرة الرابعة من معركة الجرود. شرح نصرالله كيف أنّ «الناس احتضنوا المعركة، والجيش على رغم ارتباك الحكومة والقرار السياسي الرسمي، أثبت حضوراً وقدّم تضحيات وشهداء». هذا كان في المعركة ضدّ «جبهة النصرة». أما حين تقرّر الانتهاء من «داعش»، كان الوضع الرسمي قد تغيّر، «وانتُخب فخامة الرئيس ميشال عون، وشُكّلت حكومة جديدة، واجتمع مجلس الدفاع الأعلى واتخذ القرار بتنفيذ فجر الجرود. دخل الجيش وأثبت أنّه قادر على إلحاق الهزيمة بالإرهابيين التكفيريين».
في الشأن السوري، قال نصرالله، إنّ «كلّ المعطيات تشير الآن إلى تحضيرات جديدة لمسرحية كيميائية في إدلب، لغاية شنّ عدوان على سوريا فيما يسكت عن الجرائم التي تُرتكب بحق أطفال اليمن».
في الشأن اللبناني، بدا نصرالله حريصاً على نفي كلّ ما يُقال عن أنّ «لبنان بات يحكمه حزب الله، وأنّ حزب الله يسيطر على الدولة، ولا يُتخذ أي قرار من دون موافقته، وقال: «هذا الكلام له هدف تحميل حزب الله مسؤولية كلّ الأوضاع القائمة في لبنان، والتي لا يتحمّل فيها مسؤولية، أو ممكن أن يكون يتحمل جزءاً من المسؤولية». وأضاف أنّه «نحن أكبر حزب سياسي نعم، ولكن أقلّ حزب سياسي يُمارس السلطة». كما أنّ نصرالله دحض ما يُشاع عن أنّ الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحرّ «يُنفذان ما يمليه عليهما حزب الله». فالعلاقة القائمة بين حزب الله «وفخامة الرئيس، كانت ولا تزال وتعززت، هي علاقة ثقة واحترام متبادل. لا أحد يملي توجهاته على الآخر». واعتبر نصرالله أنّ الهدف من ذلك «استهداف فخامة الرئيس والتيار (الحر) في العالم».
"البناء": نصرالله يحذّر من حريق كبير من بوابة المحكمة: لا تلعبوا بالنار... نقطة ع السطر
لفت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مهرجان ذكرى تحرير الجرود، «ما زلنا نراهن على المفاوضات، ولكن الوقت يضيق». وأضاف: لا أحد يضع عقدة جديدة كمثل موضوع العلاقات مع سورية. فهذا الأمر يناقش بعد تشكيل الحكومة وكذلك البيان الوزاري، اما ان نعطل الأمور بسبب عقدة العلاقات مع سورية. فهذا لا يجوز».
ولفت إلى أن «هناك بعض إشارات صدرت عن أشخاص، بعض أوساط 14 آذار تقول إن السبب الحقيقي لتأخير تشكيل الحكومة، ليس الأحجام، إنما لأنه في أيلول ستصدر المحكمة الدولية قرارها، وسيكون لها تأثير دراماتيكي على البلد. إذا كان هناك من رهان، فالكل يعرف موقفنا وأن المحكمة الدولية لا تعني لنا شيئاً على الإطلاق، ولا أي شيء سيصدر عنها سواء إدانة أو تبرئة. فلا تلعبوا بالنار، لا تلعبوا بالنار».
وأكد أن «المصلحة الوطنية اللبنانية، تقتضي فتح المعابر لنقل البضائع اللبنانية في حال تمّ فتح معبر نصيب في الأردن»، كاشفاً عن «طلب أجهزة أمنية أوروبية لتوسّط الأجهزة الأمنية اللبنانية، لربطها مع الأجهزة الأمنية السورية»، سائلاً: «ألا نحتاج للتنسيق الأمني مع سورية لحماية لبنان». ولفت إلى أنه «بعد الانتخابات النيابية أشيع جو وما زال أنّ لبنان بات يحكمه حزب الله وهو يسيطر على الدولة ولا يُتخذ قرار من دون موافقة الحزب في المال والتعيينات وتركيبة الدولة. فهذا ليس له أي أساس من الصحة». وتابع: «يُكتب ويقال إن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر ينفذّان سياسية حزب الله التي تملى عليهما. وهذا لا أساس له من الصحة بل هدفه استهداف الرئيس والتيار».
وتابع: «أعداؤنا مقتنعون أن الحرب مع حزب الله غير مجدية وصعبة. فقرّروا أن الحل يكون بإسقاطه في بيئته وظنّوا أنهم بالضغط ماليًّا على حزب الله وتحميله مسؤولية ما لا علاقة له به سيخسر جمهوره».
وأكد السيد نصرالله أن «الإنماء في البقاع يحتاج الى تعاون وحزب الله مصمّم على التعاون مع حركة امل لتعزيز الإنماء». وتوجّه إلى اهالي البقاع قائلاً: «أحمّلكم يا أهل البقاع مسؤولية حفظ «حزب الله» بحفظ الظن والمؤازرة والاحتضان، كما عليه مسؤولية حمايتكم في مواجهة الخطر والحرمان». وقال: «لمَن يربطون مصيرهم بأميركا عليهم أن يتعظوا من التاريخ». مؤكداً أن: «الولايات المتحدة تدخلت لمنع الجيش اللبناني من المشاركة في المعركة ضد داعش في الجرود».
"الجمهورية": الحريري تحت الضغط: «ما فيك تكفّي هيك»
وفي الملف الحكومي، ومع انتهاء إجازات الأعياد، تكون إحدى ذرائع المماطلة في تشكيل الحكومة قد فقدت مفعولها. لم يعد هناك من مبرّر حتى إشعار آخر للسفر في زيارات خاصة وبالتالي للهروب الى الأمام في انتظار وحيٍ خارجي أو صحوة داخلية. الهامش يضيق أمام المناورات، و«الوقت الضائع» صار عبئاً ثقيلاً على اللبنانيين بعدما حوّله البعض من «سلاح تكتيكي» في التفاوض الى «سلاح استراتيجي».
صحيح أنّ الرئيس ميشال عون لا يزال يحرص على سلامة علاقته مع الرئيس المكلف سعد الحريري، إلّا انه اعطى ايضاً في الايام الماضية ما يكفي من اشارات الى أنه لن يسمح بالاستمرار طويلاً في استنزاف العهد.
يبدو واضحاً أنّ عون يحاول أن يضغط على الرئيس المكلف الى الحدّ الذي يحثه على الإسراع في انجاز مهمته، انما من دون أن «يكسره».
يدرك عون أنه ليس سهلاً التخلّي عن الحريري في المرحلة الراهنة لاعتبارات متداخلة، منها ما هو داخلي ربطاً بضرورات حماية التسوية ومراعاة الحيثية التمثيلية لرئيس «تيار المستقبل»، ومنها ما هو خارجي ويتصل بالحسابات الإقليمية والموقف السعودي، الى جانب «عامل وجداني» يتمثل في المودّة الشخصية التي يكنّها رئيس الجمهورية للرئيس المكلّف.
لكن ما سبق ليس سوى نصف الحقيقة، أما النصف الآخر ففحواه أنّ عون يرفض في الوقت ذاته أن يصبح «أسير» خيار الحريري، لا سيما أنه يكره بطبيعته أن يجد نفسه محكوماً بالامر الواقع. طبعه الشخصي والسياسي يدفعه غالباً الى مواجهة محاولات حشره في الزواية الضيّقة، وشقّ «معابر» قد لا تكون في الحسبان أحياناً.
وتقول شخصية سياسية بارزة، تشارك في طبخة التأليف، إنه لا يجوز أن يستمرّ الحريري على المنوال الذي يتّبعه في عملية تشكيل الحكومة، لافتة الى أنّ المشكلة باتت واضحة في مكانها ومكمنها، وما عليه بعد عودته من إجازته سوى أن يواجهها ويعالجها من دون مواربة، إذا كان يريد حقاً أن ينجز التأليف.
وتشير تلك الشخصية الى أنّ الرئيس المكلّف لم يخرج بعد من المربّع الأول الذي لا يزال عالقاً فيه منذ اللحظة الأولى، معتبرة «أنّ المطلوب منه لوقف الدوران في دوامة المراوحة وضع معيار واحد لتحديد الحصص الوزارية العائدة الى كل الاطراف، بعيداً من الاستنسابية والمزاجية، الامر الذي لم يفعله حتى الآن، نتيجة عوامل محلية وأخرى خارجية».
وتشدّد على أنّ الحريري «ما في يكفي هيك»، مضيفة وقد مزجت بين المزاح والجدّ: العُطل انتهت والصيفية شارفت على الانتهاء، وآن الأوان كي يحسم الحريري قراره ويبادر الى تشكيل الحكومة على اساس معيار واضح وواحد، بالتنسيق والتشاور مع رئيس الجمهورية.
وترى الشخصية المعنيّة بمفاوضات التأليف أنّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «ارتكب خطيئة مميتة بطريقة مقاربته المبتورة والضيّقة» لمسألة حصول عون على حصة وزارية مستقلّة لا تُحتسب من ضمن حصة «التيار الوطني الحر»، مشيرة الى «أنّ التجارب تُظهر أنّ جعجع متخصّصٌ في ارتكاب الأخطاء الاستراتيجية كما فعل سابقاً في محطتي «اتّفاق الطائف» و»القانون الأرثوذكسي» على سبيل المثال، وصولاً الى موقفه الحالي من حقّ رئيس الجمهورية في أن تكون له كتلة وزارية».
وتعتبر تلك الشخصية أنّ أسوأ ما في موقف جعجع أنه مبني على حسابات اللحظة الراهنة وانفعالاتها، «في حين أنّ تعزيز حضور رئيس الجمهورية وموقعه، عبر كتلة وزارية وازنة، هو أمر حيوي لا يرتبط بهذا العهد حصراً، ولا بميشال عون تحديداً، بل يعود مردوده على المسيحيين والرئاسة عموماً، وبالتالي ليس جائزاً أن يقارب جعجع هذه المسألة من زاوية اتّفاقه أو خلافه مع عون».
وتستغرب الشخصية إياها كيف أنّ «القوات» كانت تقبل للرئيس ميشال سليمان بما ترفضه الآن للرئيس ميشال عون، «علماً أنّ حصة سليمان تضمّنت حقيبتين سياديّتين آنذاك، بينما يسعون حالياً لانتزاع الحقيبة السيادية الوحيدة الموجودة تحت مظلة عون».