ارشيف من :أخبار لبنانية

برّي يُلوّح بالتّشريع اذا تأخّر تأليف الحكومة

برّي يُلوّح بالتّشريع اذا تأخّر تأليف الحكومة

ركّزت الصُّحف اللبنانية الصّادرة صباح اليوم من بيروت على عدد من المواضيع الهامة، حيث لمّح رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الاقتراب من دعوة المجلس الى جلسة تشريعية وذهاب المجلس الى التشريع وان كان يعد ضمن وسائل الضغط لاستعجال تأليف الحكومة. هذا في وقت يرصد فيه جميع اللبنانيين المواقف التي سيعلنها بري من منصة الاحتفال الذي دعت إليه حركة أمل يوم غد في مدينة بعلبك إحياء للذكرى الأربعين لغياب الإمام السيد موسى الصدر.

"النهار": عون ينتظر تشكيلة الحريري خلال يومين؟

اذا كانت عودة التحرّك المدني الى الشارع احتجاجاً على خطة لانشاء محرقة في بيروت شكّلت مؤشراً جديداً للخطورة القصوى التي باتت تكتسبها الملفات المتراكمة المتصلة بالكوارث البيئية المختلفة التي تظلّل لبنان فإن هذا التطور أضاف أيضاً عامل ضغط كبيراً من العوامل التي تملي استعجال تأليف حكومة جديدة تنصرف الى معالجة الأولويات التي تعني اللبنانيين وحياتهم وصحتهم واقتصادهم في المقام الأول. ولا تقتصر العوامل الضاغطة على أولويات المواطن في ظل التراجع الهائل في مستويات الخدمات الاجتماعية والبيئية وسواها، ذلك أن المجتمع الدولي الداعم للبنان واستقراره ينتظر ولادة الحكومة الجديدة لترجمة دعمه الذي ظهر خصوصاً في مقررات مؤتمر "سيدر" في باريس عشية الانتخابات النيابية في أيار الماضي.

وبرز في هذا السياق موقف فرنسي أمس عبر عنه وزير الخارجية الفرنسي جان - إيف لودريان الذي تطرّق في خطابه الختامي للمؤتمر السنوي لسفراء فرنسا في العالم الى الاستحقاق الحكومي في لبنان فأعلن أن "فرنسا جاهزة لدعم أي حكومة لبنانية جديدة شرط أن يتم تطبيق مقررات مؤتمر "سيدر" والمحافظة على سياسة النأي بالنفس عن الأزمات الاقليمية". ورأت مصادر معنية بالاتصالات الجارية لتأليف الحكومة أن الموقف الفرنسي يبدو امتداداً طبيعياً للجهود الكبيرة التي بذلتها فرنسا من أجل حشد الدعم الدولي لمؤتمر "سيدر" الذي انتهى الى وضع برمجة تنفيذية لمشاريع تحديث البنى التحتية في لبنان بما يفوق الـ 11 مليار دولار. ولفتت الى الدلالات البارزة لتذكير وزير الخارجية الفرنسي بالتزامات لبنان في شأن تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية التي تعتبر الممر الأساسي الملزم لمشاريع الدعم وهو الأمر الذي شدّد عليه الرئيس المكلف سعد الحريري تكراراً ولا يزال يشدّد عليه بما يعني أنه سيشكل أحد أبرز بنود البيان الوزاري للحكومة الجديدة.

وسط هذه الأجواء لم تظهر عناصر جدية عن إمكان حصول اختراق سياسي في جهود الرئيس الحريري لتأليف الحكومة في وقت قريب كما أوحت بعض المواقف والمؤشرات في الساعات الأخيرة. بل ان تلميح رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الاقتراب من دعوة المجلس الى جلسة تشريعية وذهاب المجلس الى التشريع وان كان يعد ضمن وسائل الضغط لاستعجال تأليف الحكومة، غير أن معطيات أخرى تشير الى أن بري يتحسب فعلاً لامكان تمدّد أزمة التأليف بما يقتضي اللجوء الى مبدأ تشريع الضرورة في غياب الحكومة. وقد شدّد بري أمام النواب أمس على أن "المجلس ذاهب الى التشريع وانه سيدعو الى جلسة تشريعية بعد أن تنتهي اللجان من درس مشاريع عديدة خصوصاً تلك المتعلقة بالوضع المالي". ونقل عنه النواب بري انه "اذا تأخر تأليف الحكومة فسيكون هناك تشريع في المجلس".

"البناء": الحريري يلتقي جعجع ويعد بتقديم تشكيلته... ويعلن فوزاً وهمياً على سحب التكليف

في ذروة التصعيد حول مستقبل مضيق هرمز، وما تتناقله الصحف الأميركية عن الجدية الإيرانية بإقفال المضيق أمام التجارة النفطية بالتناسب مع درجة الجدية الأميركية بمنع إيران من بيع نفطها بقوة التهديد بمعاقبة مَن يشتريه ومَن يحوّل الأموال، لا تبدو إيران بوارد التراجع وتعلن واشنطن عزمها على المضي قدماً، فيصير كل ما يجري على إيقاع المواجهة المنتظرة مطلع تشرين الثاني كموعد حدّدته واشنطن لوضع عقوباتها النفطية الجديدة على إيران موضع التنفيذ، وتعطي التحضيرات السورية الروسية الإيرانية لمعركة إدلب على الجماعات الإرهابية، الفرصة التي اختارتها واشنطن لإيصال رسائلها بالعزم على المواجهة مع إيران سياسياً ومالياً. وإذا اقتضى الأمر عسكرياً، كما قال الأميركيون والإسرائيليون. ولو كانت حدود المعلن هي المواجهة مع الوجود الإيراني في سورية، الذي أعلنت إيران أنه باق بالتفاهم مع سورية وقد اتخذ مع زيارة وزير الدفاع الإيراني لدمشق قبل أيام صفة الديمومة بربطه ببرامج بناء قدرات صناعية عسكرية جديدة للجيش السوري.

تبدو السعودية أكثر الخائفين، وقد خرجت من سورية بخفي حنين، وتغرق في اليمن بلا أفق، فيهرع وزير خارجيتها عادل الجبير إلى موسكو لجسّ النبض حول مستقبل مضيق هرمز، البوابة النفطية التي يتوقف عليها ضخّ النفط السعودي إلى الأسواق العالمية، فيسمع كلاماً روسياً عن حوار إيراني سعودي، عن قرار حاسم بمعركة إدلب، رغم فبركات الكيماوي الأميركية.

ربما يكون لبنان في دائرة المستفيدين من الضعف السعودي بعد خسارة استراتيجية في باكستان، مشفوعاً بالقلق الجديد على العائدات المالية ومستقبل مبيعات النفط في ضوء مخاطر إقفال مضيق هرمز، على خلفية كل الخسائر المتلاحقة في ملفات المنطقة، وآخرها تموضع الكتلة النيابية السنية في العراق مع كتلة الحشد الشعبي في خيار تشكيل الكتلة التي ستسمي رئيسي الحكومة ومجلس النواب وتنتخب رئيس الجمهورية. وربما يكون هذا العامل المستجد خلال الأسبوعين الأخيرين، بين باكستان وبغداد وهرمز، قد وفّر المزيد من الحرية للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة في لبنان سعد الحريري، كما يفترض أن تظهر نتائج اجتماعه برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ليل أمس تمهيداً لوضعه أول مسودة لتشكيلته الحكومية، التي أكدت مصادر متابعة أن ما قاله البطريرك الماروني بشارة الراعي على باب قصر بعبدا عنها يعبر عن حقيقة ما وصل لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الرئيس الحريري، بينما قالت المصادر إن كلام نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي عن الطابع السيادي للقاء رئيس الجمهورية بالرئيس السوري بشار الأسد يشكل في توقيت الحديث عن العلاقة اللبنانية السورية ومستقبلها كضرورة وطنية، والموقف السلبي الذي أعلنه الرئيس الحريري من هذه العلاقة، يفتح الباب لجعل اللقاء الرئاسي هو المستوى الذي تبحث فيه العلاقة بين الدولتين وتتولاه من ورائهما المؤسسات المعنية.

بالتوازي كانت وسائل الإعلام المحسوبة على الرئيس الحريري وقوى الرابع عشر من آذار تتحدث عن نصر وهمي للحريري على مشروع سحب التكليف بتشكيل الحكومة منه نيابياً. ومعلوم أن كل المتداول بهذا الصدد لم يصل لأبعد من كونه تحذيراً من الاستهتار بالغالبية النيابية التي وقفت وراء تسمية الحريري كرئيس للحكومة المقبلة وتذكيراً بحقوق هذه الأغلبية. فمراكز صنع القرار على الضفة المقابلة التي يمثلها رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، متمسكة ببقاء الحريري، ويمكن أن ترتضي حلولاً وسط معه، إذا لمست تحرره من الضغوط الخارجية، وعدم ربطه لتشكيل الحكومة برهانات خارجية وخصوصاً بالمحكمة الدولية.

المصادر المتابعة للملف الحكومي قالت إن صدقية الحساب اللبناني للعقد والتشكيل سيظهر خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث كل تأخير بالتشكيل توازياً مع دنو موعد بدء المحكمة الدولية أعمالها يعيد تأكيد الظنون بالأسباب الخارجية والرهانات، وسيستدعي رداً مناسباً في حينه، بينما الإسراع في التشكيل فسيلاقى بالمزيد من الإيجابية.

الملف الحكومي سيكون له نصيب من المواقف التي سيعلنها رئيس المجلس النيابي نبيه بري من منصة الاحتفال الذي دعت إليه حركة أمل يوم غد في مدينة بعلبك إحياء للذكرى الأربعين لغياب الإمام السيد موسى الصدر.

"الأخبار": اليوم العالمي للمفقودين: وينن؟

اليوم، تحتفل «الدولة» باليوم العالمي للمفقودين. تتلو بياناً للذكرى ثم ينتهي كل شيء. وحدهم أهالي المفقودين والمختطفين يحييون فقدهم في كل يوم، منذ 43 عاماً. من جهة، يترصّدون «خبريات» لا تحمل لهم في الغالب شيئاً. ومن جهة أخرى، لا يكلّون من مطالبة الدولة بحقهم في معرفة مصير مفقوديهم، من دون طائل. هذا الواقع المشحون بكل هذا الوجع، يدفع اليوم كثيرين لاتخاذ الخيار الأصعب: «دفن» أثر الشخص المفقود من خلال استصدار وثيقة وفاة له.

وحدها، عاشت «فقدين». في المرة الأولى، عندما ساقت الحرب ابنها إلى غير رجعة. حدث ذلك في العام 1986، على مقربة من سنوات «السلم». خُطِف طوني الشباب قبل أن يكمل عشرينه. خلّف رحيله حزناً ممتداً، لا تزال أمه «تواظب» عليه. في المرّة الثانية، عاشت أم طوني لوعة الفقد الأولى، عندما طلب منها ابنها نبيل أن تصدر شهادة وفاة لشقيقه. كانت تلك المرّة هي الأقسى. فرغم السنوات الطويلة التي تلت خطف ابنها، لم تشعر «بالفقد كما شعرت به حين طلبنا منها توفّي خيّ»، يقول نبيل. يروي الشاب، الذي بقي وحيداً، أن أمه قاومت بشراسة ذلك الطلب. لكنها، في لحظة ضعف استسلمت. هزّت برأسها موافقة، لأنها لم تعد تملك خيارات أخرى. هي اليوم تنتظر شهادة وفاة ابنها، بعدما ضاقت بها سبل العيش. ورقة ستضمن استمرارية علاجها من «خلال إمكانية الحصول على راتب طوني الذي كان موظفاً في مديرية الجمارك وقت اختطافه».
فعلت أم طوني ما فعلته رغماً عن قلبها، لكنها مضطرة أن تعيش هذا العزاء، في ظلّ دولة تهملهم منذ 43 عاماً. وكما فعلت أم طوني، كذلك تفعل عواطف الخطيب وأشقاؤها، إذ تنتظر هذه العائلة شهادة وفاة ابنها أيضاً لحلحلة قضية الأرض التي يملكونها مناصفة مع أقربائهم. هم مضطرون لـ«دفن» أثر شقيقهم من أجل إتمام معاملات حصر الإرث.

ليست أم طوني وعواطف آخر حكايا دفن الأثر المتبقي من الغائبين منذ سنوات الحرب المشؤومة. كثيرون سيفعلون ما فعلتاه. وبحسب تقرير «تقييم احتياجات عائلات الأشخاص المفقودين بسبب النزاعات المسلحة في لبنان منذ العام 1975»، تشير 83 عائلة من أصل 324 عائلة مفقود بأنها «لا تزال عاجزة عن التصرف بالأصول العائدة إلى المفقود مثل الأملاك والحسابات المصرفية ومعاشات التقاعد ومستحقات الضمان الاجتماعي». ومن هذه العائلات، هناك من اتخذ الخيار بالتوجه نحو توفية مفقوديهم لحلحة قضاياهم. لم تعد باليد حيلة أخرى. أو بالأحرى، لم تترك لهم الدولة حيلة أخرى، وهي التي تعوّل، منذ انتهت الحرب، على إيصال الأهالي إلى هنا. والدليل؟ يكفي أن يعيد هؤلاء سرد ما فعلته الدولة خلال 43 عاماً في سبيل تلك القضية. في المقام الأول، لم تكلف الدولة نفسها تعداد مفقوديها. هل هم 17 ألفاً؟ أقل؟ أكثر؟ لا أحد يعرف. ولعل السؤال الأهم هنا: من أين أتى الرقم 17 ألفاً؟ لا أحد يعرف. أما في المقام الثاني، فمن المفيد التذكير بأنّ الدولة التي شكّلت في العام 2000 لجنة للتقصي عن مصير المفقودين والمخطوفين، أهدت أهالي هؤلاء في العام 2014 صندوقاً فارغاً جدّد خيبتهم. فكل ما كان يحويه هذا الصندوق مجرّد معلومات خام بقيت في مراحل التحقيق الأولى و«أرشيف» لشهادات الأهالي. أما، ما عدا ذلك، فلم تقم الدولة بواجبها الذي يفرض عليها ــــ في الحدّ الأدنى ــــ التحقيق مع الجهات الخاطفة لضمان حقّ أهالي المفقودين والمخفيين بالمعرفة.

2018-08-30