ارشيف من :مقالات
إنطلاقة العام الدراسي: أعباء مادية تثقل كاهل الطرابلسيين
كما كل عام، يعد أيلول، شهراً للإستعداد والتحضير لعودة الطلاب الى مدارسهم، حتى أن الأهالي باتوا يحسبون له ألف حساب، لما يحمل معه من أعباء تثقل كاهل الجميع، إذ يجد اللبنانيون أنفسهم أمام ارتفاع في الهموم المادية والاجتماعية وما يترتب عليها في ما بعد من مستحقات لا تنتهي طوال الأشهر التسعة.
مرَّ موسم الأعياد على معظم اللبنانيين، مرور الكرام، حيث عانت خلاله الأسواق والتجارة كثيراً، من تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين، نظراً لأحوالهم المادية المتردية، وحيث كان يعد التحضير والإعداد للموسم الدراسي وما يرافقه من مدفوعات كبيرة، من أبرز الأسباب التي أدت الى هذا التراجع، يتحضر الأهالي اليوم لتسديد فاتورة كبيرة باتت تتوجب عليهم، للمكتبات والمدارس في وقت واحد.
لائحة طويلة و"دسمة"، تندرج فيها الكثير من الهموم والمدفوعات، يتهيأ الأهالي لتسديدها بدءًا من أول أيلول، تبدأ من زيادة الأقساط، الذي تعمد اليه العديد من المدارس الخاصة عند بداية كل عام، ولا تنتهي بدفع المستحقات الثانوية (من ملابس ومستلزمات للطالب من القرطاسية وغيرها ....) والتي تزيد تكلفتها عاماً بعد عام، مروراً بما يعد من الحاجيات الأساسية التي لا يمكن تجاهلها أو الاستغناء عنها.
توجه كبير ولافت لدى أبناء الشمال نحو المدرسة الرسمية
لا شك أن مستوى الهواجس التي تقض مضاجع أهالي الطلاب، كبيرة، حيث يعمد هؤلاء، بدايةً، الى البحث عن مدارس ذات مستوى علمي وتدريسي عالي، وهو ما يسوقهم لإختيار المدارس الخاصة، نظراً للحملات الإعلامية والإعلانية التي تواكبها هذه المدارس عشية كل موسم دراسي، بالرغم من أن الأقساط التي تدفع تعد عالية جداً، مقارنةً مع الرسوم التي يدفعها الأهل في المدارس الرسمية، التي لا تزال تفتقد إلى ثقة اللبنانيين بها. وبالرغم من متطلباتها المادية المحدودة الا أن المدرسة الرسيمة كانت غالباً الملجأ الوحيد للطبقة الفقيرة، غير القادرة على التوجه للمدارس الخاصة.
اليوم، بدأت الصورة تتغير وتتبدل، حيث لم يعد اللبنانيون عامة، وأبناء طرابلس خاصة، يتحملون عبء زيادة الأقساط، إذ إن القسط في المدرسة الخاصة يترواح بين ألف وخمس مئة دولار (1500$) ليصل الى خمسة آلاف دولار (5000$)، من دون احتساب بدل النقل وغيرها من المتطلبات التي تتطلب دفع مئات الدولارات سنوياً. كذلك، لا تتوقف تلك المدارس على خلق مدفوعات جديدة على أهالي الطلاب، إمعانا منها في زيادة الأرباح المادية التي تحصل عليها ، دون الأخذ بعين الاعتبار حاجات أهالي الطلاب وأوضاعهم ، ومن أبرز تلك الأساليب:" هي أن تعمد بشكل سنوي إلى تغيير أسماء الكتب التي يدرسها الطالب، حتى يصبح الأهل مضطرين لشرائها جديدة وتتراوح أسعارها بين 200$ و 400$ أحياناً، لا بل ان المدرسة تلزم طلابها بشراء كتب جديدة لأنها لا تقبل الكتب المستعملة، وهو ما يفقدهم بذلك أي فرصة لشراء الكتب المستعملة منها التي توفر عليهم القليل من المال.
كذلك تعمد تلك المدارس الى إجبار الأهالي على شراء قرطاسية خاصة من المدرسة، والتي غالباً ما يتراوح ثمنها بين 150 الف ليرة و200 ألف ليرة، مع العلم أن ثمنها في المكتبة لا يتجاوز 20 الف ليرة.
في ظل تلك المعطيات، بدأت الكثير من العائلات في مناطق طرابلس والشمال، الهروب من جشع المدارس الخاصة واتخذوا قرارا بالتوجه نحو المدرسة الرسمية، تلافيا للأقساط والمدفوعات التي كانت تثقل كاهل الطلاب وأهاليهم، إضافة الى أن القسط السنوي للمدرسة الرسمية لا يتجاوز، الـ150 دولارا . كما أن المدارس الرسمية غالباً ما تؤمن للطلاب الكتب الرسمية، أو تقيم يوماً، لطلابها داخل المدرسة، لتمكنهم من تبديل الكتب فيما بينهم. فيما يتجه طلاب باقي المدارس الى المكتبات يبحثون أو يسألون عائلات أخرى عن كتب أولادهم المستعملة كي يشتروها بنصف السعر، وبذلك يكونون استطاعوا الهروب من جشع المكتبات.
لا شك أن السبب الأساسي لتوجه الأهل لتسجيل أبنائهم في المدرسة الرسمية، كونها لا تكلف أي أعباء مادية إضافية، إلا أن قسماً آخر من الأهالي بدأ يلاحظ نتائج ايجابية تحققها المدارس الرسمية في الشهادات الثانوية والبريفية، وهو ما دفعهم الى إعادة بناء الثقة بينهم وبين القطاع العام، ولكن يبقى على الدولة اللبنانية المتمثلة بوزارة التربية أن تساهم في رفع مستوى الثقة بين الاهالي وقطاع التعليم العام، بدل أن تساهم في دعم المدارس الخاصة التي لا ترحم.