ارشيف من :أخبار لبنانية
جنبلاط يفتتح المقايضة: المقعد الثالث ثمنه مجلس الشيوخ
نقولا ناصيف - صحيفة الأخبار
يعود وليد جنبلاط الآن يشبه والده. عندما كان كمال جنبلاط يختار الموالاة، بتفاوت في الحقبة الشهابية، يتراجع دوره ويصبح زعيماً عادياً كسواه. حينما يذهب إلى المعارضة، كما مع الرئيس سليمان فرنجية، تنبري «العقدة الجنبلاطية» ويرجع الاستثناء
حينما غادر وليد جنبلاط قوى 14 آذار بعد انتخابات 2009 إلى مكان وسطي بينها وبين قوى 8 آذار، أثمر مصالحة مع سوريا. أقام بين حافتي التكتلين يأخذ في الاعتبار مراعاة حلفائه السابقين ومجاراة أولئك الجدد. عندما مال عام 2011 إلى قوى 8 آذار لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة ضد الرئيس سعد الحريري، كان صاحب الدور المحوري في انتقال الغالبية النيابية من فريق إلى آخر. مذ اتخذ بعد ذلك موقعاً وسطاً، وصار يعدّ نفسه وسطياً، بدا كأنه أضحى على هامش اللعبة، لا يسعه إحداث أي انقلاب فيها كما اعتاد، وإن تردّد حينذاك أنه في صدد التقاعد والتحضير لانتقال خلافة الزعامة إلى نجله تيمور. صوّت مع انتخاب الرئيس ميشال عون، وكان في صلب الحكومة الأولى، وظهر في الموالاة. بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، أعاد الاعتبار إلى «العقدة الدرزية»، المطابقة لـ«العقدة الجنبلاطية» لوالده الراحل إبان حقب حكومات السبعينيات حتى آخرها عام 1975 مع اندلاع الحرب، برئاسة الرئيس رشيد كرامي من دون أن يتمثل فيها.
يعود وليد جنبلاط الآن يشبه والده. عندما كان كمال جنبلاط يختار الموالاة، بتفاوت في الحقبة الشهابية، يتراجع دوره ويصبح زعيماً عادياً كسواه. حينما يذهب إلى المعارضة، كما مع الرئيس سليمان فرنجية، تنبري «العقدة الجنبلاطية» ويرجع الاستثناء
حينما غادر وليد جنبلاط قوى 14 آذار بعد انتخابات 2009 إلى مكان وسطي بينها وبين قوى 8 آذار، أثمر مصالحة مع سوريا. أقام بين حافتي التكتلين يأخذ في الاعتبار مراعاة حلفائه السابقين ومجاراة أولئك الجدد. عندما مال عام 2011 إلى قوى 8 آذار لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة ضد الرئيس سعد الحريري، كان صاحب الدور المحوري في انتقال الغالبية النيابية من فريق إلى آخر. مذ اتخذ بعد ذلك موقعاً وسطاً، وصار يعدّ نفسه وسطياً، بدا كأنه أضحى على هامش اللعبة، لا يسعه إحداث أي انقلاب فيها كما اعتاد، وإن تردّد حينذاك أنه في صدد التقاعد والتحضير لانتقال خلافة الزعامة إلى نجله تيمور. صوّت مع انتخاب الرئيس ميشال عون، وكان في صلب الحكومة الأولى، وظهر في الموالاة. بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، أعاد الاعتبار إلى «العقدة الدرزية»، المطابقة لـ«العقدة الجنبلاطية» لوالده الراحل إبان حقب حكومات السبعينيات حتى آخرها عام 1975 مع اندلاع الحرب، برئاسة الرئيس رشيد كرامي من دون أن يتمثل فيها.
إصرار جنبلاط على حصته الكاملة يخرج موقعه وطائفته من الهامشية
توقيت إثارة جنبلاط هذا المطلب المخضرم منذ إقرار تسوية الطائف، أعاد إلى صدارة الحدث ما تحتاج إليه طائفته في معادلة التوازن السياسي داخل الحكم. لم يكن في وسعه الحؤول دون وصول عون إلى رئاسة الجمهورية، ووجد نفسه جزءاً لا يتجزأ من معادلة السلطة في السنتين الأوليين من العهد. إبانهما لم يكن من الصعوبة بمكان تلمس الضعف والخيبة اللذين ضربا دور الزعيم الدرزي في الخيارات الداخلية، كما في الرهان الذي لم يتوقف على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد منذ عام 2011، ناهيك بموقف دروز سوريا وخياراتهم هم أيضاً حيال نظام بدأ يخرج من محنته. أتت انتخابات أيار، بعدما تمكّن من تأمين انتقال هادئ لزعامة المختارة ـــــ وإن على الورق حتى الآن على الأقل وهو استثنائي في هذا البيت ـــــ كي تقدّم دليلاً له وللآخرين على أنه لا يزال يستأثر بتمثيل الشارع الدرزي وطائفته، وهو -كما اعتاد أن يكون- في صلب المعادلة الفعلية للحكم لا تجعل طائفته هامشية، ولا تجعله يكتفي بأن يلوذ بصديقه رئيس المجلس طوال الوقت.
قد لا يكون من قبيل الاجتهاد والاستنتاج أن جزءاً رئيسياً من تصلبه حيال حصته غير المنقوصة، أنه لا يواجه طلال أرسلان في التنازع على المقعد الدرزي الثالث. بل رئيس الجمهورية وصهره وزير الخارجية ـــــ بما يمثلان من دور مسيحي استثنائي صاعد في الشوف وعاليه خبرته الانتخابات النيابية الأخيرة للمرة الأولى منذ مطلع التسعينيات ـــــ إذ يوغلان أكثر من أي وقت مضى في الشؤون الداخلية للطائفة الدرزية وتمثيلها السياسي. يحدّدان الأحجام والحصة والتمثيل، ويفرضان التنافس، ويكسران الاحتكار متى نجحا. في ذلك القليل من استعادة ثنائية زعامة الجبل كما مرّت بهما تجربة كمال جنبلاط مع الرئيس كميل شمعون في الشوف، وامتدادها إلى عاليه من خلال مجيد أرسلان.
ربما عنت المقايضة الضمنية بمجلس الشيوخ أحد أوجه هذا الصراع، من غير أن يبدو سهلاً إلى هذا الحد الوصول إلى ضمانات كهذه، أو إبصار مجلس الشيوخ النور بين ليلة وضحاها.