ارشيف من :مقالات
الحكومة في مهب الصلاحيات.. ومصادر ’العهد’ تكشف المزيد
مع أن أزمة التأليف الحكومي تمحورت حول الحصص الوزارية وتوزيعها، إلا أن المواجهة ذهبت بعيداً باتجاه الصلاحيات وما جاء في صفحات الدستور والطائف حول عملية التشكيل.
فبعد أن ردّ رئيس الجمهورية ميشال عون، الصيغة المبدئية المقدمة من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، كان لافتاً تحرك رؤوساء الحكومات السابقة (نجيب ميقاتي، تمام سلام، فؤاد السنيورة) زوداً عن صلاحيات رئيس الحكومة المكلف والطائف، متحدثين عن "هرطقات دستورية تشكل اعتداء على الدستور"، وفق ما جاء في بيان صادر عنهم. لغة تصعيدية، كان واضحاً أن المقصود منها التصدي لخطوة رئيس الجمهورية التي أقفلت ممر الرئاسة الأولى الضروري بوجه "صيغة لا تراعي معايير الوحدة الوطنية المتفق عليها".. الآن ماذا بعد كل ما وقع؟
خبراء الدستور يجمعون على أن ما قام به رئيس الجمهورية لا يشكل نقصاً ولا خرقاً للدستور، فبحسب المادة 64 منه، يصدر مرسوم تشكيل الحكومة بتوقيع رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة، وفي حالة صيغة الحريري المبدئية، فإن الرئيس عون لم يرفضها، بل أبدى ملاحظاته بشأن معايير اعتمادها، وهذا من أبسط حقوقه كرئيس للبلاد أقسم على صون الدستور، وفق وزير العدل سليم جريصاتي.
وبذلك، فإن عملية تشكيل الحكومة تقف الآن ما بين ملاحظات بعبدا، ومشاورات بيت الوسط، التي تعتبر أن الحريري قام بأفضل ما يمكن، من أجل الوصول إلى تركيبة حكومية - وزارية عادلة ومنطقية وفق ما قاله نائب في تيار "المستقبل" لموقع "العهد"، مؤكداً أن الحريري كان يضع احتمالاً كبيراً بأن يعلن عن ولادة حكومته خلال لقاء الإثنين الماضي في قصر بعبدا، لكن الأمور الآن أصبحت أكثر صعوبة من الناحية السياسية، والوزارية، وحتى الدستورية. يضيف نائب "المستقبل"، بأن الأمر كان اشبه "بخيبة أمل" الحريري بعد رد صيغته المبدئية، خصوصاً أن "فيها من العدالة في التمثيل، والتنازللات في الحصص ما يكفي لموافقة الجميع عليها"، يختم عضو كتلة المستقبل لموقع "العهد".
هل عادت الحكومة إلى نقطة الصفر؟
جواب المعنيين بالتشكيل هو "لا"، لسنا في نقطة الصفر، بل في مربع المشاورات المتقدمة من حيث النقاشات السياسية، لكن الأزمة في ضياع المعيار الواحد لدى الرئيس المكلف، بحسب ما قاله مرجع سياسي كبير لموقع "العهد"، مضيفاً، أن رئيس الجمهورية لن يوقّع على صيغة حكومية لا تقوم على معيار سياسي موحد، وبالتالي لا طريق في بعبدا لأي حكومة لا تعكس حقيقة الأحجام، وتقصي أطرافاً سياسية عن المشاركة.
لكن ماذا عن أيلول - بعبدا؟ سريعاً، يجيب المرجع السياسي موقع "العهد" بأن الأمور لا تحتمل الاستعراض الاعلامي، ولكن المؤكد أن لدى الرئيس عون جدولًا زمنيًّا محددًا وواضحًا وحاسمًا لكل خطواته المفترضة والمتوقعة في هذا الشهر، وذلك من أجل دفع الاستحقاق الحكومي باتجاه الإنجاز.. وبالتالي فإن الرئيس عون سيلعب دوره الدستوري في المكان والزمان المناسبين، يختم المرجع السياسي.
الوقت .. ثم الوقت
الأمور اذاً معقدة، وتعقدت أكثر بعد الاثنين الماضي، والمشهد العام لا يوحي بحلول حكومية مرتقبة أو قريبة، وخصوصاً أن الأيام المقبلة تحمل أسفاراً عديدة لرئيسي الجمهورية والمكلف تشكيل الحكومة إلى الخارج. وهذا ما يفسح مجالاً أكبر لمرور الوقت وتراكم الخلافات، ودخول اللاعبين على وتر التصعيد الوزاري برفع سقوف مطالبهم، والقفز من مطلب إلى آخر. لكن مصدراً وزارياً متابعاً قال لموقع "العهد" أن نهاية هذا الأسبوع ستكون مؤشراً سياسياً أسياسياً في مسار الحكومة العتيدة، وأن ما قبل سفر رئيس الجمهورية في العاشر من الجاري، لن يكون كما بعده حكومياً في الثاني عشر منه، وأن العمل سيتركز على توحيد معايير التمثيل الوزاري، من أجل حكومة تستند إلى قاعدة وطنية جامعة، تساعد رئيسها ورئيس البلاد في عملية إدارة البلد واتخاذ القرارات وفق هذا المصدر الوزاري، الذي يلمّح إلى بارقة أمل وسط الأجواء الحكومية الملبدة، لكنه لا يتردد في الكشف عن هاجس الحسابات الخارجية المعرقلة - أو المؤخرة لولادة الحكومة اللبنانية والتي لن تضر أحداً أكثر من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة.