ارشيف من :مقالات
مطار القليعات: هل يتحقق حلم العكاريين؟
"مصائب قوم عند قوم فوائد" يمكن أن يصح هذا المثل حول ما يجري في مطار بيروت الدولي، فمصائب المسافرين هناك، بات يعول عليها أبناء محافظة عكار شمال لبنان، علها تتحول الى فوائد تنتهي بإعلان الدولة اللبنانية، إعادة تشغيل مطار القليعات الجوي في عكار.
في ظل ما يشهده مطار بيروت الدولي، من ارتفاع ملحوظ في أعداد المسافرين من وإلى بيروت، ما فاق قدرة المطار في استيعاب كل الزائرين، وأدى إلى ما أدى إليه من كوارث بحق المسافرين وعائلاتهم، هذه الصورة، حملها أبناء محافظة عكار شمال لبنان، وبدأوا بإعلاء الصرخة بوجه المسؤولين اللبنانيين، أنه بات لزاماً وضرورياً عودة مطار القليعات الى العمل، وتحويله الى مطار مدني دولي، وهو ما سيحمل معه مؤشرات ايجابية سياحية تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد في كل لبنان، ويساهم بشكل كبير في حل مشكلة مطار بيروت، والتخفيف من أزمة الازدحام فيه، فهو لم يعد يستوعب هذا الكم الهائل من الركاب.
عام 1941، وإبان الحرب العالمية الثانية أُنشئ مطار القليعات، على الشاطئ الشمالي في عكار، وفي العام 1966، أصبح المطار المذكور تحت إشراف الجيش اللبناني، الذي قام بتوسعته وتطوير قدراته التكنولوجية، ليصبح فيما بعد واحدة من القواعد الجوية الأكثر حداثة في المنطقة في تلك الأيام. ولم يسلم المطار إبان عام 2006 من القصف الصهيوني، حيث تعرّض لقصف عنيف من قبل سلاح الجو الإسرائيلي، ما أدى إلى إصابة بنيته بأضرار كبيرة. ومن حينه لم يلق المطار أي اهتمام من قبل الحكومات المتعاقبة، والتي لم تفلح لغاية اليوم في إعادة تشغيل هذا المرفق الحيوي، لأسباب ما زالت مجهولة.
بحسب العديد من المتابعين لقضية مطار القليعات، فإن الحاجة لإعادة تشغيله باتت ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى، وذلك لسببين، الأول: "ليكون رديفًا لمطار بيروت، وذلك في ظلّ الأزمة القائمة والتي ستتكرر، وعدم إمكانية الدولة تمويل مشروع توسعة مطار بيروت، الذي يكلف 200 مليون دولار اميركي، فيما السبب الثاني والملح يكمن في الفورة العمرانية التي ستشهدها سوريا في الأشهر المقبلة".
هل يكون مطار القليعات جزءًا من إعادة إعمار سوريا؟
لا شك في أن محافظة عكار، ستكون من أكثر المحافظات انتعاشاً من جراء إعادة إعمار المدن والقرى السورية، حيث يتوقع أن يكون مرفأ طرابلس أحد أبرز العوامل والمرافئ التي ستنتعش من إعادة الإعمار. ولكن ماذا عن مطار القليعات؟
بحسب معلومات لموقع "العهد"، فإن أنظار العديد من الدول بدأت تتجه نحو مطار القليعات، وتحديداً من قبل الدولة الصينية، حيث قام سفيرها في لبنان مؤخراً منذ قرابة الشهر تقريباً، بزيارة ميدانية الى المطار، مبدياً استعداد بلاده لتأهيله، وإعادة تشغيله.
الاهتمام الكبير بمطار القليعات، يأتي بالدرجة الأولى، من ناحية موقعه الجغرافي، إذ أنه يبعد نحو 6 كيلومترات عن الحدود اللبنانية السورية، بالإضافة الى المميزات الجغرافية هذه، فإنه يتمتع بمجموعة من الخدمات التي يمكن أن يقدمها تساعد الدول والشركات الطامحة لممارسة أعمالها الاقتصادية في إطار مشاريع إعادة إعمار سوريا.
في ظل تلك المؤشرات، من المتوقع أيضاً أن يوفر إعادة تشغيل مطار القليعات، قرابة ستة آلاف فرصة عمل لأبناء عكار والشمال، وبحسب دراسة أجريت سابقاً، تولاها المدير العام السابق للطيران المدني حمدي شوق، وتقدّم بها إلى مجلس الوزراء، عبر وزير الدفاع يعقوب الصرّاف، فإن كلفة تجهيز المطار وتأهيله، لا تتجاوز مليون دولار أميركي، بالمقابل فإن مشروع توسيع مطار بيروت يحتاج الى (200 مليون دولار اميركي) بانتظار تشكيل الحكومة، وهي مرهونة بتحقيق وعود مؤتمر "سيدر".
فهل ستخصص الحكومة المقبلة المبلغ المطلوب لإعادة مطار القليعات الى الحياة؟ أم أن العراقيل والمحاصصات والمنافع ستمنع عكار من الفوز بأول متنفس اقتصادي سيساهم في انتشالها من الحرمان والبؤس الذي ترزخ تحته منذ مئات السنين؟