ارشيف من :مقالات
الفصائل المسلحة في إدلب.. ومصيرها المحتوم
تحوي محافظة إدلب قائمةً واسعةً من التنظيمات المسلحة، على رأسها جبهة "النصرة" الإرهابية، إضافة إلى الكثير من الفصائل الأخرى معظمها ينتمي بشكل أو بآخر لفكرٍ متشدد قريب جداً من فكر تنظيم "القاعدة"، بمعنى أنها تدور في فلك "النصرة" وقد لا يكون ممكناً التعامل معها سياسياً بتسوياتٍ لطالما أجرتها الدولة السورية مع الكثير من الفصائل المشكلة من المسلحين السوريين في الكثير من المناطق. قمة طهران الأخيرة بين ضامني مسار أستانة أعطت تركيا مهلة جديدة لحل جبهة "النصرة" إلا أنّ هذه المهمة تبدو شبه مستحيلة بحسب معظم المراقبين، فلا بد من العمل العسكري للجيش السوري على ادلب إذ لا يقتصر الأمر على "النصرة" بوجود آلاف الإرهابيين الأجانب الذين لا ينضوون تحت رايتها.
المشهدان السياسي والميداني في إدلب معقدان جداً، الخليطُ الكبير من الجماعات المسلحة يُصعّب الأمور سياسياً على الجانب التركي الضامن لها في مسار أستانة، فمعظمها يتبع نهجاً سلفياً ارهابيا يقربها من نهج تنظيم "القاعدة"، عدا بعض الفصائل الصغيرة التي لا تُغيّر من موازين القوى على الأرض شيئاً بالنسبة لداعميها.
مصدرٌ سوري مطلع على الوضع في ادلب قال لموقع "العهد" الإخباري إنّ "فرز الجماعات المسلحة المتواجدة في المحافظة بات ظاهراً، وأولها "جبهة تحرير سوريا" المُشكَّلة حديثاً من أكثر من خمسة عشر فصيلاً، أكبرها حركة "أحرار الشام" و"حركة نور الدين الزنكي" و"صقور الشام" و"الفرقتان الساحليتان الأولى والثانية" و"جيش الأحرار" حيث يصل تعدادهم لأكثر من ستين ألف مسلح، و يتبع "تحرير سوريا" تنظيم "هيئة تحرير الشام" الاسم الجديد لجبهة "النصرة" الإرهابية. وتضم أكثر من أربعين ألف إرهابي يسيطرون على نحو سبعين بالمئة من مساحة ادلب، والفصيل الثالث هو "الجبهة الوطنية لتحرير سوريا" تتركز مقاره في ريف حلب الغربي ومعرة النعمان وأريحا بريف ادلب. وأضاف المصدر المطلع ذاته أنّ "كل هذه التنظيمات المسلحة تتبع الفكر السلفي الوهابي وهو ذاته فكر تنظيم القاعدة الإرهابي بالإضافة إلى تنظيم حراس الدين المبايع للقاعدة كما يتواجد الحزب الإسلامي التركستاني في مناطق جسر الشغور ومحيطها، وتتشكل غالبيته من الإيغور الصينيين ويبلغ تعداده نحو خمسة آلاف إرهابي جاؤوا إلى سوريا منذ عدة سنوات برفقة عوائلهم، بالإضافة إلى فصائل من الإرهابيين القوقاز والشيشانيين تتوزع مناطق انتشارهم بين ريفي ادلب واللاذقية، أهمها فصيل أجناد الشام بقيادة مسلم الشيشاني الذي يقاتل إلى جانب القاعدة منذ أيام أفغانستان، فضلاً عن بعض الفصائل المتناثرة مثل جيش العزة المتمركز في ريف حماه الشمالي والذي رفض الانضمام إلى الهيئة الوطنية لتحرير سوريا وأبقى على تحالفه مع جبهة "النصرة"".
الدول الأوروبية تتخوف من تسلل كل هؤلاء الإرهابيين الأجانب إليها، وتخوفها هذا هو أهم أسباب الضجيج الإعلامي الرافض لبدء الجيش السوري لمعركة ادلب، إلا أنّ بقاء الحالة الستاتيكية في ادلب أمرٌ مرفوض بشكل قاطع من دمشق وحلفائها في محور مكافحة الإرهاب كما أن انتشار الجماعات الإرهابية على معظم جغرافيا ادلب يعقد الأمور التصالحية أكثر وبالتالي لا بد من بدء العمل العسكري بحسب المصدر السوري ذاته الذي أكد لـ"العهد" الإخباري أنّ "المخاوف الأوروبية تتوقف على الدور التركي فربما تقوم تركيا بمساعدة الإرهابيين الأجانب على التوجه نحو أوروبا كنوع من الرد على الموقف الأوروبي".
وأشار إلى أنّ "مصير الإرهابيين الأجانب وجبهة النصرة في ادلب قد يكون مشابهاً جداً لمصير إرهابيي "داعش"، فمن ينجو منهم من نيران الجيش سيلجأ إلى المرتفعات الجبلية وغالباً سيتجه هؤلاء عبر عمليات تهريب نحو تركيا للانتقال إلى دول أخرى وبالتالي تشرذمهم"، محذراً من أن تعمل قيادة جبهة "النصرة" على تفعيل الخلايا النائمة لها في بعض المناطق السورية أو الأوروبية للقيام بعمليات أمنية وتفجيرات إرهابية كما فعل تنظيم "داعش" في العراق وسوريا.