ارشيف من :نقاط على الحروف
مجزرة صبرا وشاتيلا ’كل شيء مسموح’!
عَمدت الحركة الصهيونية إلى استخدام القوة والمجازر ضد الشعب الفلسطيني كإحدى الركائز الأساسية لتحقيق أهدافها، ليتكامل لديها بذلك البعدان النظري والعملي "لتسوية الوضع في فلسطين بالقوة العسكرية"، بحسب قول "ديفيد بن غوريون". وعليه حفل تاريخ "إسرائيل" والحركة الصهيونية بالجرائم والمجازر ضد الفلسطينيين والعرب سواء بتنفيذ مباشر أو عبر الأدوات أو بشكل مشترك كما حصل في مجزرة صبرا وشاتيلا. وذلك في محاولات استخدمتها العصابات الإرهابية الصهيونية، ومن بعدها "الجيش الصهيوني"، لتحقيق هدف واحد، هو إبادة الشعب العربي الفلسطيني وتصفيته بالقتل أو إجباره على الهجرة خوفاً من هذه الإبادة.
ويؤكد البروفسور اليهودي "إسرائيل شاحاك" (أن الديانة اليهودية عمّقت الخصوصية والعنصرية لدى اليهود) من خلال استلهام الروح العدوانية في التراث الديني اليهودي، الذي ينتج عنهما: القتل والسبي والتدمير والقسوة الوحشية. ومن خلال استلهام تقاليد الروح العدوانية في الفكر والسلوك الصهيوني، فالصهيونية فكراً وسلوكاً موبوءة بالتعصب العنصري والديني، والعنف هو الأداة التي يتوسّل بها الصهاينة لإعادة صياغة شخصية اليهودي، وقد جعلت الصهيونية من اللحم والدم العربي معهداً لتخريج خبراء القتل المجاني. أي أنها تشكل الأساس الديني للاحتلال والتوسع والسيطرة، الذي ينتج عنها: الاغتصاب اليهودي لأرض الغير بعد طرد أهل الأرض عنها.
"المانيفستو النازي"
ولخّص رئيس وزراء العدو السابق "أرييل شارون" في مقابلة أجراها معه الكاتب والصحافي "الإسرائيلي" "عاموس عوز" وأطلق عليها مصطلح "المانيفستو النازي لشارون" ونشرتها صحيفة "دافار" العبرية في (17/9/1982)، ومن ثم ترجم إلى الفرنسية وصدر عن دار "كالمان ليفي" تحت عنوان "أصوات إسرائيل"، فتحدث شارون بمنتهى الوضوح عن أدبيات المجزرة التي أسماها "المهمات القذرة". وأوضح عوز في تقديمه للحوار ـ بحسب ما نقل نواف الزرو ـ، أن "اعترافات شارون في اللقاء المانيفستو تعكس إيماناً نازياً يعلنه شارون صراحة، حيث أعرب عن رغبته بأن يطبق على الفلسطينيين ما فعله هتلر باليهود خلال الحرب العالمية الثانية ويأسف لأن ذلك لم يحصل عام 1948". ويضيف "أنا لا أعرف إلا شيئاً واحداً، طالما أننا نقاتل لأجل وجودنا، فكل شيء مسموح. حتى ما هو غير مسموح به عرفا، حتى طرد العرب جميعاً إلى الضفة الشرقية للأردن. كلهم قطعيا".
وقد ارتكبت العصابات الصهيونية 12 مجزرة منظمة قبل النكبة عام 1948، و44 مجزرة بعد النكبة في القرى والمدن والمضارب الفلسطينية المختلفة، وكانت أكبر تلك المجازر في 30 كانون الأول /ديسمبر1947، حين قامت جماعة من عصابة "الإرغون" بإلقاء عبوتين على مجموعة من نحو (100) عامل فلسطيني، كانوا واقفين أمام مصفاة النفط في حيفا لتسجيل أسمائهم للعمل.
ومن أخطر المجازر الصهيونية المرتكبة في عام 1948؛ مجزرة "دير ياسين" في قضاء القدس؛ ومجزرة قرية "الطنطورة" إلى الجنوب من مدينة حيفا الساحلية؛ ومجزرة قرية "بلد الشيخ" في قضاء حيفا؛ وثمّة مجازر أخرى ارتكبت في قرى ومدن فلسطين خلال عام 1948.
كما ارتكبت العصابات الصهيونية مجزرة عرب العزازمة (في بئر السبع) (3/9/1950)، ومجزرة شرفات (7-2-1951)، ومجزرة بيت لحم: (6-1-1952)، ومجزرة بيت جالا: (11-1-1952)، ومجزرة القدس: (22-4-1953)، ومجزرة مخيم البريج: (28/8/1953)، ومجزرة قبية: (14-15/10/1953)، ومجزرة نحالين: (28/3/1953)، ومجزرة قلقيلية (10/10/1956)، ومجزرة مخيم رفح، ومجزرة الكرامة، ومجزرة مخيمات لبنان: (14-16 /5/1974)، ومجزرة عين الحلوة: (16/5/1983)، ومجزرة حرم الجامعة الإسلامية في الخليل: (26/7/1983)، ومجزرة المسجد الأقصى: (8/10/1990)، ومجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل: (25/2/1994)، ومذبحة قانا: (18/4/1996)، ومذبحة النفق: (25/9/1996)، وكذلك ارتكاب مجازر في غير عدوان صهيوني على غزة 2008-2009 و2012 و 2014، وهي استكمال للمجازر السابقة وتمهيد لمجازر لاحقة!
مجزرة صبرا وشاتيلا
لم يكن كلام شارون عن ارتكاب المجازر مجرد حديث عابر، بل ما قام به على مدار حياته عبّر عن الأبعاد النظرية والممارسة العملية للفكر الصهيوني الإقصائي والإلغائي. وما تنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا (16-18/9/1982)، التي أدانها المجلس العمومي للأمم المتحدة في 16 كانون الثاني/ديسمير 1982، ووصف ما حدث فيها بالإبادة الجماعية، إلا مثالًا واضحًا على ذلك. فهذه المجزرة المروعة أصدر أمر تنفيذها شارون وزير الحرب آنذاك والذي استقال فيما بعد لرفضه نتائج لجنة التحقيق الخاصة، و"رفاييل إيتان" رئيس أركان الحرب في حكومة "مناحيم بيغن"، ونفذ المجزرة الجيش "الإسرائيلي" ترافقه المجموعات الانعزالية اللبنانية وما سمي جيش لبنان الجنوبي (عملاء إسرائيل)، حيث وُجد قرابة 3000 جثة (والبعض يتحدث عن 3500)، ما بين طفل وامرأة وشيخ ورجل من أبناء الشعب الفلسطيني والمئات من أبناء الشعب اللبناني.
إن مجزرة صبرا وشاتيلا تعتبر واحدة من المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بمعاونة من أدواتهم بهدف القضاء على الوجود الفلسطيني في لبنان، واستكمال مخطط تهجيرهم، وفي الوقت نفسه يؤكد على ترابط الفكر والعقيدة اليهودية المستمدة من خرافات وأساطير التلمود التي أكدتها الصهيونية قولاً وعملاً على أن مرتكبيها متجردين من كل القيم الإنسانية، ويتمسكون بعقيدة تلمودية تدعو إلى قتل الغير وإفنائه بزعم مرضاة "الرب"!