ارشيف من :ترجمات ودراسات
"تشرين": ما سرّ التحول الكبير في موقف العراق من سوريا؟
كتبت صحيفة "تشرين" في عددها الصادر اليوم تقريراً تحت عنوان" تعددت الدوافع والنتيجة واحدة!" تقول فيه أنه "فجأة، وخلال ساعات قليلة تبدل خطاب الحكومة العراقية تجاه سوريا فمن الإشادة بدور دمشق والإقرار بجهودها لدعم العراق وحسن استضافة لاجئيه إلى النقيض تماماً من خلال توجيه كل ما هو غير معقول ولا منطقي من الاتهامات ضدها، وصولاً إلى تسيير بعض المظاهرات من قبل أشخاص لم يخرجوا أبداً ضد الأمريكان، برغم كل جرائمهم بحق الشعب العراقي، لكنهم انقادوا بقدرة قادر إلى التظاهر ضد سوريا على الرغم من كل ما قدمته للعراقيين طوال عقود وبغض النظر عن الموقف السياسي من حكومات بغداد المتعاقبة.
فما سرّ هذا التحول الكبير؟
وتقول الصحيفة أنه يصعب هنا تحديد سبب واحد واعتباره الدافع الحقيقي للتصعيد الجاري حالياً وإنما يمكن رصد عدّة دوافع محلية ودولية أبرزها الانقسام الداخلي الذي شهده مؤخراً الائتلاف الحاكم في بغداد وأُخرج بموجبه حزب نوري المالكي من نطاقه وهو ما من شأنه أن يُضعف كثيراً من حظوظه في العودة إلى الحكم مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية القادمة ما دفع المالكي إلى البحث عن تحالفات جديدة تحفظ له وجوداً على الساحة السياسية ويبدو أنه سعى إلى تغيير خطه السياسي ليضمن تلاقياً مع قوى سياسية مختلفة ومنها بعض القوى التي تبدو شديدة الحماس لإبعاد العراق عن محيطه العربي وتحديداً سوريا.
وتؤكد "تشرين" أنه من هنا كان قرار المالكي بالانقلاب على دمشق والتصعيد ضدّها ليتلاقى بذلك مع قوى تتبنى ذات الخطاب السياسي المعادي لسورية وللعروبة وهو بذلك يأمل أن يضمن لنفسه وجوداً على الساحة السياسية العراقية.
إضافةً إلى الرغبة بنقل عبء الفشل الأمني إلى الآخرين، فقد بدا واضحاً طوال الأشهر الماضية أن حكومة المالكي كانت تعتبر أن إنجازها الأبرز إنما يتمثل بتهدئة الوضع الأمني والسيطرة عليه والحد من ظاهرة التفجيرات والسيارات الُمفخخة التي عمّت العراق. ومن هنا فإن تفجيرات ما بات يُعرف بالأربعاء الدامي قد وجهت لطمة قاسية لطموحاتها وأثبتت فشل المبالغة في الترويج لإنجازاتها على الصعيد الأمني، ويبدو أن السيد المالكي وأركان فريقه الأمني قد (هربوا نحو الأمام) من خلال التهرب من تحمل مسؤولية الفشل والتقصير الأمني الواضح وتحميل عبء ذلك إلى سوريا، علماً أن الحكومة العراقية هدفت أيضاً إلى استغلال ما حدث لاسترداد المعارضين السياسيين لسياساتها وتوجهاتها، فقد سعت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ الاحتلال الأمريكي في العام 2003 إلى محاولة استرداد كل المعارضين لذلك الاحتلال والرافضين لما نجم عنه من تركيبة سياسية اُعتبرت صنيعة الاحتلال وعميلة له.
وقد حاولت الحكومة العراقية التخلص من هذه القوى والشخصيات المعارضة من خلال السعي إلى توجيه الاتهامات العشوائية لها طوال الفترة الماضية على أمل استردادها وإلقاء القبض عليها للتخلص من مقاومتها ورفضها للواقع السائد حالياً إلا أن كل تلك الجهود كانت تصطدم برفض سوريا تحديداً تسليم أي لاجئ عراقي مهما كان معارضاً مادام أنه لم يرتكب ما يوجب التسليم ويبرره، ومن هنا فإن الحكومة العراقية الحالية حاولت استغلال موجة الرفض والاستنكار التي سادت إثر تفجيرات الأربعاء الدامي للركوب على الموجة الشعبية وطلبت تسليم المعارضين لها بذريعة تورطهم بتلك التفجيرات ودون تقديم أي أدلة أو إثباتات على أمل الضغط على سوريا لدفعها للتسليم وهو ما يتعارض مع ثوابت السياسية السورية والتزامات سوريا الأخلاقية والإنسانية والقومية والقانونية تجاه كل اللاجئين الموجودين على إقليمها.
ولا ينبغي بحسب الصحيفة تجاهل دافع آخر يتمثل في السعي للتهرب من التزامات المصالحة الوطنية، فقد تحدثت الحكومة العراقية طوال الفترة الماضية عن سعيها إلى إجراء مصالحة وطنية تمهيداً لمرحلة ما بعد إكمال الانسحاب الأمريكي وقد حاولت استبعاد بعض القوى السياسية من مساعي هذه المصالحة وهو ما اصطدم بمطالبات شعبية عراقية بوجوب أن تشمل المصالحة الجميع بلا استثناء وهو ما تبنته سورية أيضاً بهدف تأسيس مصالحة وطنية شاملة تضم جميع القوى العراقية دون إقصاء ولا تمييز وبصورة تمهّد لاستعادة العراق مكانته ودوره اللذين يستحقهما. وقد جُوبهت هذه المواقف برفض الائتلاف الحاكم الذي سعى لاستغلال التفجيرات الأخيرة وتوجيه أصابع الاتهام بالتورط فيها لتلك القوى التي يُريد إقصاءها من جهود المصالحة على أمل استبعادها من الساحة السياسة وهو ما يكفل لحكومة المالكي أيضاً التهرب من المطالبات السورية بشمول المصالحة جميع القوى السياسية.
ويبدو أن دوافع التصعيد الأخير لا تقف عند هذا الحد فلا يخفى على أحد حالة الانقسام التي لا تزال سائدة في العالم العربي ويبدو أن بعض القوى السياسية في العراق اعتقدت أن معاداة سوريا ستكفل لها انفتاح بعض الدول الأخرى عليها وهو ما شكل دافعاً خفياً لا ينبغي إنكاره لحث الحكومة العراقية على تبني مواقفها الأخيرة، خصوصاً أن بعض الدول كانت قد أظهرت امتعاضاً مبطناً من الانفتاح الدولي والعربي على دمشق ونقلت رسائل غير معلنة لبغداد استنكرت فيها أن تُبادر حكومة العراق إلى إبرام اتفاقيات التعاون الاقتصادي مع سوريا وهي الدولة العربية الأبرز التي عارضت الاحتلال الأمريكي للعراق وهي الوحيدة من الدول العربية المجاورة للعراق التي رفضت استخدام إقليمها لشن الحرب على بغداد واحتلالها وكأن الحكومة العراقية وهي نتاج الاحتلال تكافئ الدولة العربية التي عارضت الاحتلال منذ البداية.
وبطبيعة الحال لا ينبغي إغفال الدور الأمريكي ولا يجوز تجاهله على الإطلاق ولا أظن أن أحداً يعتقد أن الحكومة العراقية المرتبطة بمعاهدات أمنية وسياسية ضخمة مع واشنطن قادرة على الانفتاح على أي دولة أو معاداتها دون التنسيق الُمسبق مع أمريكا واستشارتها.
ويبدو هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد استخدام سياسة العصا والجزرة مع دمشق فمقابل الانفتاح المعلن على سورية فإن الملف العراقي بتعقيداته المختلفة يظل سلاحاً مناسباً لاستخدامه ضد دمشق إن رفضت السير كما تريده أمريكا من سورية في ملفات مختلفة تتصل بسائر ملفات الصراع العربي ـ الإسرائيلي والعلاقة مع إيران.
ويبدو أن عدم استجابة سورية لمطالب الوفود الأمريكية المتعاقبة دفع واشنطن لتوجيه رسالة غير مباشرة لدمشق عبر بغداد لدفع سورية إلى الخضوع وتقديم تنازلات في ملفات أخرى.
وهكذا تتعدد الأسباب والدوافع وتظل النتيجة واحدة... ولكن ماذا عن إسرائيل؟ وأين هي من كل ما يجري حالياً؟!.
بعيداً عن نظرية المؤامرة وإقحام إسرائيل في كل مشاكلنا وخلافاتنا أعتقد أنه ينبغي أن نلاحظ أن الأزمة المفتعلة ما بين دمشق وبغداد شغلتنا عن إسرائيل ومشاريعها الاستيطانية وجهودها الحثيثة لتهويد فلسطين وطرد ما تبقى من شعبها، وهو أمر لم نعد نذكره أو نتذكره إلا قليلاً، وكأن تفجيرات بغداد وما أعقبها من تفجير للعلاقات السورية ـ العراقية لم تتم في هذا التوقيت وبهذه الصورة إلا بهدف توجيه الأنظار عن إسرائيل وممارساتها والتخفيف من الضغط الذي كان مُركزاً عليها ما يدفعنا للتساؤل مجدداً وماذا عن إسرائيل؟ وألا ينبغي وضعها قليلاً تحت المجهر والبحث عن بصماتها في تفجيرات بغداد.. وهو ما آمل أن نفكر به قليلاً.
فما سرّ هذا التحول الكبير؟
وتقول الصحيفة أنه يصعب هنا تحديد سبب واحد واعتباره الدافع الحقيقي للتصعيد الجاري حالياً وإنما يمكن رصد عدّة دوافع محلية ودولية أبرزها الانقسام الداخلي الذي شهده مؤخراً الائتلاف الحاكم في بغداد وأُخرج بموجبه حزب نوري المالكي من نطاقه وهو ما من شأنه أن يُضعف كثيراً من حظوظه في العودة إلى الحكم مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية القادمة ما دفع المالكي إلى البحث عن تحالفات جديدة تحفظ له وجوداً على الساحة السياسية ويبدو أنه سعى إلى تغيير خطه السياسي ليضمن تلاقياً مع قوى سياسية مختلفة ومنها بعض القوى التي تبدو شديدة الحماس لإبعاد العراق عن محيطه العربي وتحديداً سوريا.
وتؤكد "تشرين" أنه من هنا كان قرار المالكي بالانقلاب على دمشق والتصعيد ضدّها ليتلاقى بذلك مع قوى تتبنى ذات الخطاب السياسي المعادي لسورية وللعروبة وهو بذلك يأمل أن يضمن لنفسه وجوداً على الساحة السياسية العراقية.
إضافةً إلى الرغبة بنقل عبء الفشل الأمني إلى الآخرين، فقد بدا واضحاً طوال الأشهر الماضية أن حكومة المالكي كانت تعتبر أن إنجازها الأبرز إنما يتمثل بتهدئة الوضع الأمني والسيطرة عليه والحد من ظاهرة التفجيرات والسيارات الُمفخخة التي عمّت العراق. ومن هنا فإن تفجيرات ما بات يُعرف بالأربعاء الدامي قد وجهت لطمة قاسية لطموحاتها وأثبتت فشل المبالغة في الترويج لإنجازاتها على الصعيد الأمني، ويبدو أن السيد المالكي وأركان فريقه الأمني قد (هربوا نحو الأمام) من خلال التهرب من تحمل مسؤولية الفشل والتقصير الأمني الواضح وتحميل عبء ذلك إلى سوريا، علماً أن الحكومة العراقية هدفت أيضاً إلى استغلال ما حدث لاسترداد المعارضين السياسيين لسياساتها وتوجهاتها، فقد سعت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ الاحتلال الأمريكي في العام 2003 إلى محاولة استرداد كل المعارضين لذلك الاحتلال والرافضين لما نجم عنه من تركيبة سياسية اُعتبرت صنيعة الاحتلال وعميلة له.
وقد حاولت الحكومة العراقية التخلص من هذه القوى والشخصيات المعارضة من خلال السعي إلى توجيه الاتهامات العشوائية لها طوال الفترة الماضية على أمل استردادها وإلقاء القبض عليها للتخلص من مقاومتها ورفضها للواقع السائد حالياً إلا أن كل تلك الجهود كانت تصطدم برفض سوريا تحديداً تسليم أي لاجئ عراقي مهما كان معارضاً مادام أنه لم يرتكب ما يوجب التسليم ويبرره، ومن هنا فإن الحكومة العراقية الحالية حاولت استغلال موجة الرفض والاستنكار التي سادت إثر تفجيرات الأربعاء الدامي للركوب على الموجة الشعبية وطلبت تسليم المعارضين لها بذريعة تورطهم بتلك التفجيرات ودون تقديم أي أدلة أو إثباتات على أمل الضغط على سوريا لدفعها للتسليم وهو ما يتعارض مع ثوابت السياسية السورية والتزامات سوريا الأخلاقية والإنسانية والقومية والقانونية تجاه كل اللاجئين الموجودين على إقليمها.
ولا ينبغي بحسب الصحيفة تجاهل دافع آخر يتمثل في السعي للتهرب من التزامات المصالحة الوطنية، فقد تحدثت الحكومة العراقية طوال الفترة الماضية عن سعيها إلى إجراء مصالحة وطنية تمهيداً لمرحلة ما بعد إكمال الانسحاب الأمريكي وقد حاولت استبعاد بعض القوى السياسية من مساعي هذه المصالحة وهو ما اصطدم بمطالبات شعبية عراقية بوجوب أن تشمل المصالحة الجميع بلا استثناء وهو ما تبنته سورية أيضاً بهدف تأسيس مصالحة وطنية شاملة تضم جميع القوى العراقية دون إقصاء ولا تمييز وبصورة تمهّد لاستعادة العراق مكانته ودوره اللذين يستحقهما. وقد جُوبهت هذه المواقف برفض الائتلاف الحاكم الذي سعى لاستغلال التفجيرات الأخيرة وتوجيه أصابع الاتهام بالتورط فيها لتلك القوى التي يُريد إقصاءها من جهود المصالحة على أمل استبعادها من الساحة السياسة وهو ما يكفل لحكومة المالكي أيضاً التهرب من المطالبات السورية بشمول المصالحة جميع القوى السياسية.
ويبدو أن دوافع التصعيد الأخير لا تقف عند هذا الحد فلا يخفى على أحد حالة الانقسام التي لا تزال سائدة في العالم العربي ويبدو أن بعض القوى السياسية في العراق اعتقدت أن معاداة سوريا ستكفل لها انفتاح بعض الدول الأخرى عليها وهو ما شكل دافعاً خفياً لا ينبغي إنكاره لحث الحكومة العراقية على تبني مواقفها الأخيرة، خصوصاً أن بعض الدول كانت قد أظهرت امتعاضاً مبطناً من الانفتاح الدولي والعربي على دمشق ونقلت رسائل غير معلنة لبغداد استنكرت فيها أن تُبادر حكومة العراق إلى إبرام اتفاقيات التعاون الاقتصادي مع سوريا وهي الدولة العربية الأبرز التي عارضت الاحتلال الأمريكي للعراق وهي الوحيدة من الدول العربية المجاورة للعراق التي رفضت استخدام إقليمها لشن الحرب على بغداد واحتلالها وكأن الحكومة العراقية وهي نتاج الاحتلال تكافئ الدولة العربية التي عارضت الاحتلال منذ البداية.
وبطبيعة الحال لا ينبغي إغفال الدور الأمريكي ولا يجوز تجاهله على الإطلاق ولا أظن أن أحداً يعتقد أن الحكومة العراقية المرتبطة بمعاهدات أمنية وسياسية ضخمة مع واشنطن قادرة على الانفتاح على أي دولة أو معاداتها دون التنسيق الُمسبق مع أمريكا واستشارتها.
ويبدو هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد استخدام سياسة العصا والجزرة مع دمشق فمقابل الانفتاح المعلن على سورية فإن الملف العراقي بتعقيداته المختلفة يظل سلاحاً مناسباً لاستخدامه ضد دمشق إن رفضت السير كما تريده أمريكا من سورية في ملفات مختلفة تتصل بسائر ملفات الصراع العربي ـ الإسرائيلي والعلاقة مع إيران.
ويبدو أن عدم استجابة سورية لمطالب الوفود الأمريكية المتعاقبة دفع واشنطن لتوجيه رسالة غير مباشرة لدمشق عبر بغداد لدفع سورية إلى الخضوع وتقديم تنازلات في ملفات أخرى.
وهكذا تتعدد الأسباب والدوافع وتظل النتيجة واحدة... ولكن ماذا عن إسرائيل؟ وأين هي من كل ما يجري حالياً؟!.
بعيداً عن نظرية المؤامرة وإقحام إسرائيل في كل مشاكلنا وخلافاتنا أعتقد أنه ينبغي أن نلاحظ أن الأزمة المفتعلة ما بين دمشق وبغداد شغلتنا عن إسرائيل ومشاريعها الاستيطانية وجهودها الحثيثة لتهويد فلسطين وطرد ما تبقى من شعبها، وهو أمر لم نعد نذكره أو نتذكره إلا قليلاً، وكأن تفجيرات بغداد وما أعقبها من تفجير للعلاقات السورية ـ العراقية لم تتم في هذا التوقيت وبهذه الصورة إلا بهدف توجيه الأنظار عن إسرائيل وممارساتها والتخفيف من الضغط الذي كان مُركزاً عليها ما يدفعنا للتساؤل مجدداً وماذا عن إسرائيل؟ وألا ينبغي وضعها قليلاً تحت المجهر والبحث عن بصماتها في تفجيرات بغداد.. وهو ما آمل أن نفكر به قليلاً.