ارشيف من :مقالات

البرلمان الى التشريع... خطوة بري ’عين العقل’

البرلمان الى التشريع... خطوة بري ’عين العقل’

في السابع عشر من تموز/ يوليو المنصرم، انتخب المجلس النيابي أعضاء، رؤساء، ومقرري اللجان النيابية. رئيس مجلس النواب نبيه بري لوّح حينذاك بعقد جلسات تشريعية، إذا ما استمرّ الوضع السياسي على ما هو عليه. وضع يقبع فيه ملف تشكيل الحكومة تحت رحمة التجاذبات والمناكفات وكلمات السر الخارجية. الرئيس بري لطالما حبس أنفاسه قبل أن يدعو لأي  جلسة تشريعية، عسى ولعلّ تبصر الحكومة النور. أما وقد طالت مهمة التأليف، ولا دخان أبيض في الأفق يؤذن بولادة الحكومة، فإنّ الوقت ـ وفق قناعات رئيس البرلمان ـ لا ينتظر، ولا يجوز مصادرة مصالح العباد والبلاد بهذه الطريقة، فكانت الدعوة لجلستين تشريعيتين الاثنين والثلاثاء المقبلين، انطلاقاً من إيمان عين التينة بأنّ "للضرورة أحكام" والبرلمان سيد نفسه، في إجابة على كل ما "قيل ويقال" عن أنّ خطوة بري تشكّل ضرباً لدستور الطائف. 

لا يجد الرئيس بري مبرراً لكل هذا الوقت الضائع من عمر الحكومة المنوي تشكيلها. تؤكّد مصادره أنّ "حرق الوقت" بهذه الطريقة، لا يُصرف سوى في ميزان المشاركة بضرب الاقتصاد الوطني، وتدهوره أكثر مما هو عليه. فلا يخفى على أحد حجم الملفات المعلّقة على أمل ولادة الحكومة. ومن هنا كانت خطوة بري الدستورية، وفق ما تؤكّد أوساطه التي تشدد على أنّ دعوات بري لتشكيل الحكومة بأسرع وقت أصبحت لازمة تطبع لقاءاته واتصالاته. المراوحة القاتلة في التشكيل، وبرودة الأعصاب التي يتصرّف بها البعض حيال هذا الاستحقاق، وكأنّ أحداً لم يكلّف، دفعت بري الى عدم الانتظار، فتعطيل عمل مجلس الوزراء، لا يعني أيضاً شل العمل بالمجلس النيابي. للأخير مكانة دستورية، وأمامه ورشة عمل لا يجوز ترحيلها الى أجل غير مسمى. ومن هنا فإنّ خطوته بتشغيل محركات التشريع هي بمثابة "عين العقل"" تحتم المصادر.

الفرزلي..المجلس سيد نفسه

يتوقّف نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي عند خطوة بري، فيصفها بالطبيعية. من البديهي أن يدعو الى التشريع على قاعدة أنّ هناك قوانين جاهزة تمس مصلحة البلد، ولا يجوز تأخيرها. فالبرلمان هو السلطة الاشتراعية الوحيدة لا شريك له في التشريع، وهو سيد نفسه، وصاحب القرار النهائي في ذلك، وهذا الموضوع غير قابل للجدل والنقاش، وفق الفرزلي، الذي يشير الى أن التوافق" بين الكتل يكاد يكون الشغل الشاغل للرئيس بري. سيد المجلس يعتمد مبدأ التعاون الدستوري الضروري خصوصاً في بلد متعدد كلبنان، ما دفعه يذهب باتجاه التشاور قبل توجيه الدعوات. وهنا يوضح المتحدث أنها تكاد تكون المرة الأولى التي تشهد توافقاً شبه كامل بين الكتل على دعوة بري للتشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال. 

يرفض نائب رئيس مجلس النواب أن تُرفق كلمة ضرورة بمصطلح التشريع. برأيه، فإن التشريع دستوري ولا غبار عليه، وكلمة الضرورة استطرادية وخاضعة لقرار رئيس المجلس بتشغيل محركات التشريع. هناك قوانين أساسية وضرورية لمؤتمر "سيدر 1" يجب المصادقة عليها قبل حلول تشرين الأول. وماذا عن رمزية الخطوة التي قام بها بري؟. برأي الفرزلي فإن الدعوة للجلسات التشريعية توصل رسالة قوية لمن يعنيهم الأمر بأن المراهنة على تعطيل عمل مجلس النواب ما هي إلا أضغاث أحلام". المراوحة في التشكيل لا تعني أن تكون المؤسسة التشريعية في إجازة. أما المصطادين في الماء العكر، وأصحاب الشائعات المغرضة، الذين يتخذون من دستور الطائف شماعة للتصويب على عمل مجلس النواب، عبر القول بأن خطوة بري تضرب دستور الطائف، فيطمئنهم الفرزلي بأن اصطناع الخلافات لتبرير خطوات تكتيكية لن يؤدي الى نتيجة، بل على العكس، يؤذي اتفاق الطائف. وهنا يدعو المتحدّث البعض الى عدم المزايدة في هذا الموضوع، فالعهد أشد حرصاً على الطائف، مستغرباً الاختلاف بين اللبنانيين على الطائف وروحيته عند كل شاردة وواردة، قائلاً "إذا استمرينا على هذا المنوال، فلا ضرورة لوجوده، ويُفضّل البحث عن بديل".

 

2018-09-22