في اليوم الثاني من الجلسة التشريعية، استفاض النواب في مناقشة سلسلة مشاريع واقتراحات قوانين مُدرجة على جدول الأعمال. حصادُ "أصحاب السعادة" توقّف عند إقرار 10 قوانين، احتاجت الى مزيد من البحث وكأنها تُطرح للمرة الأولى.

أجواء الجولة الصباحية من اليوم الثاني للجلسة العامة اتّسمت بالحيوية خلافًا لرتابة اليوم الأول، باستثناء الاشتباك الذي كاد ينفجر بين رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري والنائب جميل السيد لولا تدخّل رئيس مجلس النواب نبيه بري.

العملية التشريعية استهلّت من حيثُ توقّفت مساء أمس: اقتراح القانون الخاصّ بنظام الشركات المحصور نشاطها خارج لبنان "أوف شور". مُداولات النواب بيّنت أن القانون كان قد دُرس على مدى 14 سنة في 125 جلسة للجان المُختلفة. النقاش تمحور حول فصل قانون الـ"أوف شور" عن قانون التجارة البرية. أخذٌ وردّ، ثمّ اقتراح بإحالته بمواده التسعة الى اللجان المشتركة لدراسته خلال شهر، الى أن تمّ التوافق على المصادقة على قانون "أوف شور" كما هو، وإرجاع "التجارة البرية" الى اللجان.

"معاهدة السلاح" مرّت و"الوفاء للمقاومة" اعترضت

مشروع القانون المتعلّق بالموافقة على إبرام معاهدة تجارة الأسلحة أثار "زوبعة" في مجلس النواب. كتلة الوفاء للمقاومة بادرت الى الاعتراض عليه وطلبت ردّه، رئيسها النائب محمد رعد أوضح أن "المعاهدة هذه ستدخل في منظومة القانون الدولي، و"اسرائيل" تعتبرها من أهمّ انجازاتها"، داعيًا الحكومة لـ"التنبّه من انعكاساتها على لبنان، خاصة أن العدو سيستغلّ توقيع الدولة اللبنانية عليها"، كما حثّ على إحالتها الى لجنتي الخارجية والدفاع، مشدّدًا على أن "اسرائيل" ستستفيد وحدها من المعاهدة.

كذلك رفض عضو الكتلة النائب نواف الموسوي إبرام المعاهدة، مذكّرًا بأن العدو لم يوقّع على اتفاقية حظر استخدام القنابل العنقودية فيما لبنان وقّع عليها، وقال "لماذا علينا الالتزام بهذه الاتفاقية و"اسرائيل" لا تلتزم، لا بل توقّع على ما يناسبها"، مشيرًا الى أن "معاهدة السلاح لا تُناسب لبنان وتكوين قدراته الدفاعية".

بدوره، أعلن النائب جميل السيد رفضه للمعاهدة "التي لا تراعي وضع لبنان"، وطالب بإعادة درسها وعدم التوقيع عليها "حتى لا يُمنع لبنان من تقديم أية شكوى ضدّ العدو لاحقًا".
في المقابل، دافع الحريري عن المعاهدة، لافتًا الى أنها تصبّ في مصلحة لبنان، فيما أبدى نواب "القوات" دعمهم للموافقة عليها. أمام تباين الآراء، طلب الرئيس بري التصويت على إحالة المعاهدة الى اللجان النيابية، سقط الاقتراح. هنا تدخل النائب علي عمار ليُعلن انسحابه من الجلسة احتجاجًا على إقرار هذا البند تضامنًا وانتصارًا للشهداء والجرحى ودموع أمهاتهم، كما قال.

بعد توالي المواقف من المعاهدة، أحال الرئيس بري المشروع على التصويت بالمناداة. اعترض نواب "الوفاء للمقاومة" و"المردة" و"السوري القومي" و"تكتل لبنان القوي" (إيلي الفرزلي وشامل روكز وحكمت ديب وأنطوان بانو وجورج عطاالله وسليم خوري) والمستقلون، فيما امتنعت كتلة "التنمية والتحرير" عن التصويت.

النواب أجازوا للحكومة زيادة مساهمة الدولة اللبنانية في المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، ووافقوا على طلب إبرام اتفاقية قرض ميسّر من قبل البنك الدولي لتمويل المرحلة الأولى من مشروع تعزيز الحوكمة المالية في وزارة المال.

سجال الحريري والسّيد

ولدى مناقشة اتفاقية قرض مقدم من البنك الدولي للإنشاء والتعمير لتعزيز النظام الصحي في لبنان، انتقد النائب جميل السيد المشروع على اعتبار أنه يساهم في تحميل لبنان أعباء مالية إضافية لصرفها على النازحين. النائب علي المقداد رحّب بالمشروع اذا كان سيُوزّع بعدالة على كل المناطق. النائبان سليم سعادة وجهاد الصمد رفضا المشروع لأنه لم يمرّ على لجنة المال والموازنة، وهو ما أكده رئيسها النائب ابراهيم كنعان. الحريري شرح موقفه من المشروع، وقال إن "الجزء الأكبر من القرض يستفيد منه اللبنانيون، على الرغم من أن كلّ المشاريع في لبنان يستفيد منها النازحون السوريون، فهل نوقف البلد من أجل ذلك؟". هنا تدخل اللواء السيد فقال له: "هذا ابتزاز!" فردّ الحريري عليه بحدّة: "كل شوي بتلطوشني! أنا هنا لنقرّ المشاريع المرتبطة بمؤتمر "سيدر" واذا لم يحصل ذلك فسأُغادر!". مشادة كادت تتوسّع الى أن فضّها الرئيس بري.

التشريع "ماشي"

عادت الأمور الى نصابها، وكرّت سبحة التشريع. النواب وافقوا على إبرام اتفاقية تنفيذية مع البنك الدولي للإنشاء والتعمير لمشروع الطرقات والعمالة، واتفاقية أخرى مرتبطة بقرض مع البنك الأوروبي للتثمير لتمويل مشروع مياه الصرف الصحي في حوض نهر الغدير.

ومن القوانين التي صادق عليها النواب، إبرام اتفاقية قرض مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتنفيذ مشروع إنشاء منظومتين للصرف الصحي في منطقة الشوف.

المجلس النيابي أجاز أيضًا للحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي ، وعدّل الفقرة /هـ / من البند / 2 / من المادة الثالثة من القانون رقم 250 تاريـــــــخ 14/7/1993 وتعديلاته (إنشاء المجلس الدستوري).