ارشيف من :مقالات
القروض السكنية..وأخيراً ’فُرجت’
تتلقى رسالة عاجلة من إحدى المواقع على هاتفها، وفيها: مجلس النواب يقر قانون دعم القروض السكنية. لا تُخفي فرحتها العارمة قبل أن تعيد إرسال الرسالة الى زوجها. وأخيراً "تيسرت" وسيتحقق الحلم بامتلاك منزل، وهما اللذان انتظرا هذه اللحظة لأشهر، وسط شائعات "حرق الأعصاب"، ومثلهم كُثر.
لعلّها من المرات النادرة التي تتمكّن فيها السلطة السياسية من إدخال السرور الى قلب المواطنين. أولئك الذين انتظرت شريحة كبيرة منهم بفارغ الصبر، أية حلحلة بالملف الاسكاني، تُعيد اليهم ثقتهم المفقودة بالدولة. ثمانية أشهر مرّت ثقيلة على الكثير من الشباب الذين كان أقصى حلمهم تملك منزل ولو بالدين لعقود. توقف القروض السكنية أثّر سلباً على العديد من المشاريع. ناهيك عن حالة الإحباط واليأس التي عانى منها الكثير، حتى أصبح "الإسكان" حديث الناس أينما مررت تُصادف أناساً يتكلمون عنه، ويستفسرون. كُثر ممن يعنيهم الأمر، انتظروا اقرار الرقم 16 المدرج على جدول أعمال الجلسة التشريعية، وفيه إقتراح القانون المجّل المكرر الرامي إلى دعم فوائد القروض الممنوحة من المؤسسة العامة للإسكان. وبالفعل، كان ما يتمنون، أقرّ مجلس النواب هذا البند، بعد طول انتظار، ما يفسح المجال أمام عودة الأمور الاسكانية الى سابق عهدها خلال الشهرين المقبلين كحد أقصى، وفق ما يؤكد مدير عام المؤسسة العامة للإسكان روني لحود لموقع "العهد" الإخباري.
قبل ساعة من انعقاد الجلسة التشريعية أمس الثلاثاء، وجّه لحود رسالة على هواتف بعض الأصدقاء النواب. وفيها تمنياً -كما يحب تسميته- بضرورة اقرار البند المتعلّق بالاسكان. سائلاً اياهم: هل من ضرورة تفوق الإهتمام بما يعني الشباب اللبناني وتوفير المسكن اللائق لذوي الدخل المحدود والمتوسط وهو أمر لا يتم إلا من خلال المؤسسة العامة للإسكان". بدأ النواب بمناقشة جدول الأعمال، وصل الأمر الى البند السادس عشر المتعلّق بالاسكان، قُدّمت في هذا الصدد أربعة اقتراحات، وقع الخيار على اقتراح قدّمه وزير المال علي حسن خليل، سرعان ما جرت المصادقة عليه. اقتراح يقضي بفتح اعتماد إضافي بقيمة 100 مليار ليرة لمصلحة المؤسسة العامة للإسكان لدعم القروض السكنية "لذوي الدخل المحدود" لمدة سنة. يُشدّد لحود على أنّ خطوة مجلس النواب إيجابية جداً، وضرورية ومهمة. إيقاف العمل بقروض الإسكان كاد أن يتسبب بكارثة اجتماعية. شريحة واسعة من اللبنانيين تضع أملها بالاسكان لتملك منزل.
ورغم أنّ لحود لم يطّلع على الصيغة النهائية للقانون المقر، إلا أنه يعرب عن تفاؤله بهذه الخطوة، وهو الذي كان قد وعد المواطنين بحلول تنتظرهم في أيلول. ينوّه مدير عام المؤسسة العامة للإسكان بهذه الخطوة التي ستدعم فيها الدولة عبر وزارة المالية الطبقات الفقيرة والمتوسطة، بانتظار جلاء الصورة أكثر لناحية تفاصيل القانون والصيغ الجديدة التي ستتعامل بها المصارف التجارية المتعاونة مع مؤسسة الاسكان منذ 17 عاماً. كما يتوقّع لحود بأن تستعين الدولة بهذا الحل المؤقت كل سنة، ريثما يتم وضع سياسة اسكانية شاملة.
وزنة: ما أُقر هو أفضل الحلول الممكنة
يُعلّق الخبير الاقتصادي غازي وزنة على خطوة مجلس النواب، فيصفها بأفضل الحلول الممكنة. إنه الحل الوحيد أمام الدولة بعد ما تفاقمت أزمة الاسكان. ولا يستبعد المتحدّث بأن تلجأ الدولة كل عام الى هذا الخيار، بفتح اعتمادات اضافية مخصصة للقروض، وهنا يوضح أنّ كل 5000 قرض يحتاج دعماً بقيمة 50 مليار ليرة. يعود وزنة ليكرر أنّ الحل المطروح جيد لكنه مؤقت ما يجعلنا بحاجة الى سياسة اسكانية شاملة في بلد باتت فيه كلفة السكن خيالية وموجعة للمواطن، ما يؤدي الى تأزم الواقع أكثر فأكثر، ويضع الحكومة أمام مسؤولية ايجاد خطة واضحة ومستمرة للأجيال القادمة. ولدى سؤاله عن أبرز أسس السياسة الاسكانية المطالبة بها الدولة، يؤكد الخبير الاقتصادي بأن لبنان يحتاج سنوياً الى 15 الف وحدة سكنية، وعليه يتوجّب على الدولة القيام بعدة خطوات في سبيل ذلك، على رأسها:
-إنشاء وحدات سكنية في أمكنة المشاعات وفي المناطق البعيدة عن بيروت، وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص، ما يفسح المجال أمام محدودي الدخل للاستفادة من هذه الوحدات
-تحسين البنى التحتية ليتمكن السكان في المناطق النائية من الوصول الى أماكن عملهم، ما يشجّع على السكن في هكذا أماكن
-إعطاء اعفاءات ضريبية لأصحاب العقارات تشجعهم على القيام بمشاريع خارج بيروت
-إصدار قانون الايجار التملكي
كل ما سبق يشكل برأي وزنة أحد أسس السياسة الاسكانية التي يجب أن تعمل الدولة على صياغتها، حتى لا تواجه الاجيال المقبلة المشاكل التي تواجه أبناء اليوم.
الفوائد
وفيما يترقّب المواطنون نسبة الفوائد التي ستفرض على القروض السكنية وسط الحديث عن فوائد غير معقولة تصل حد الـ15 بالمئة، يوضح وزنة أن الفوائد بموجب الاقتراح العتيد لن تتخطى الستة بالمئة على المواطنين بعد أن كانت على أعتاب الأربعة بالمئة. معدل الفوائد سينضبط برأيه بموجب توافق وتفاهم بين القطاع المصرفي، إذ ستُخفض الفائدة المطبقة على المصارف والتي تبلغ 10,5 بالمئة، ستخفض بنسبة 5 بالمئة، ما يقطع الطريق أمام رفع الفوائد على المواطنين بنسبة غير منطقية" يختم وزنة.
سلامة: إعادة العمل بقروض الإسكان المدعومة مع بداية 2019
حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة أعلن أنّ "المصرف سيحدّد رزمًا تحفيزية جديدة للقروض السكنية في عام 2019. معرباً عن أمله -بعد أن أخذت الدولة زمام المبادرة في السياسة الإسكانية- في أنّ تتمّ إعادة تحريك عجلة القروض".
إذاً، سجّل مجلس النواب إنجازاً بالمصادقة على بند الدعم، على أمل أن يسلك القانون طريقه للوصول الى خواتيمه السعيدة بلا أية عراقيل، ويستطيع المواطن الاستفادة من قرار السلطة السياسية بتملك منزل بات بمثابة حلم.