ارشيف من :مقالات
’المستقبل’ يغطي مخالفات انتخابية في المنية.. ويتهرّب لاحقاً
لا تزال قضية المخالفات الانتخابية تتفاعل في المنية شمال لبنان، حيث بات أبناء ما يعرف في "أرض الشلبة" يعيشون حالة من القلق الأمني، بعيد تسطير استنابات قضائية بحق المخالفين منهم. إلا أن المضحك المبكي، أن تلك المخالفات كانت "برعاية ومنّة مباشرة من تيار المستقبل" الذي وعد الأهالي بإعطاءهم مهلة ثلاثة أيام قبل الإنتخابات لتشييد أبنيتهم وسطوحهم، ليعود اليوم ويسحب يده من الموضوع، بعد أن كرّت سبحة التوقيفات بحق عدد كبير من المواطنين في المنية..
آخر الموقوفين، كان الحاج عبد الحكيم الحواط، الذي سطرت بحقه مخالفة بسبب قيامه ومئات من أبناء المنية بتشييد مبان أو ترميم منازلهم في فترة "السماح" الانتخابي، توقيف الحواط أعاد فتح باب قضية الأراضي المتنازع عليها بين الدولة اللبنانية وأبناء المنية، والتي كانت أثيرت بعد الانتخابات النيابية على خلفية الاستنابات القضائية التي صدرت بحق المئات ممن استغلوا فترة الانتخابات لتشييد منازل.
أكثر من مليوني متر مربع تقريبا، تضع الدولة اللبنانية يدها عليها، تلك المساحة الكبيرة التي تضم كلاً من منطقة دير عمار وبرج اليهودية والمنية، هي ذات واجهة بحرية طويلة، وبغالبيتها أراض زراعية، ويبلغ عدد العقارات فيها 146 عقار، لكن لا يحق لأي من قاطنيها، والذين يتخطى عددهم 500 عائلة، استخدامها أو استثمارها كونها أرض تابعة "للجمهورية اللبنانية".
لأرض الشلبة "المسلوبة" حكاية طويلة، بدأت منذ عام 1936، بعدما تقدمت شركة "نفط العراق – IPC" بعروض لشراء الأرض بغية إقامة منشآت نفطية عليها، رفض حينها المزارعون التخلي عن أرضهم. وعندما فشلت الشركة في استملاك الأراضي أصدرت الدولة اللبنانية قراراً باستملاكها جميعها للمصلحة العامة، وانتقلت من يد الأهالي إلى يد الشركة، لكن نتيجة لعدم استخدام الشركة الأراضي وفقاً لقانون الاستملاك. ومع توقف أعمال الشركة بسبب التوترات السياسية حينها، عادت الدولة اللبنانية واشترت الأراضي المذكورة، ونقلت ملكيتها بموجب المرسوم 784 والمؤرخ في 8-1-1965.
وبعد أن استعادت الدولة اللبنانية ملكية العقارات، من الشركة المذكورة، حاول العديد من الأهالي اللجوء الى القضاء لاستعادة أراضيهم، والمطالبة بالتعويضات، الا أن الشركة نجحت في التهرب من التعويض على أصحاب الحق، وادعت الملكية بمرور الزمن، وبعد ذلك حاولت الدولة في أكثر من مناسبة إخراج الأهالي بالقوة من أراضيهم، ما أدى الى وقوع أكثر من إشكال مسلح، واتخذت الدولة اللبنانية بعدها قراراً يقضي بتأجير الأراضي لأصحابها مع الوعد ببيعها، واستناداً إلى القرار وبعد موافقة المزارعين وأصحاب العقارات، قامت لجنة مؤلفة من وفد من وزارة المالية ووفد من إدارة أملاك الدولة وأمن السجل العقاري في الشمال بتخمين العقارات بموجب محضر التخمين المسجل برقم 6516 والمؤرخ في طرابلس في العام 1973.
تعود اليوم قصة "أرض الشلبة" الى الواجهة، بعد أن شيد أبناؤها أكثر من 350 بناء، بين (منزل وسطح ومحل تجاري ) خلال الانتخابات النيابية الاخيرة، من دون أن يحصل أي تدخل أمني يمنع المواطنين من استكمال البناء، الا أنه ومنذ قرابة الـ20 يوماً قام المدعي المالي علي إبراهيم بتسطير استنابات قضائية بحق الأهالي، وحولها الى فصيلة المنية، حيث استدعت بعضهم عبر الهاتف، "تحت حجة إمضاء تعهد عند استكمال أعمال البناء" .
إلا أنه بعيد وصول عدد من الأهالي الى المخفر المذكور، وإبلاغ المدعي العام المالي ابراهيم، تم إصدار قرار بتوقيف هؤلاء، وبحسب معلومات لموقع "العهد": فإن المدعي المالي يرفض تحويل ملفات هؤلاء الى قاضي التحقيق، وبالتالي سيبقون موقوفين في زنزانة مخفر المنية لحين بت المدعي المالي بأمرهم. وهو ما يعد أمرا مخالفا للقانون، إذ، لا يحق للقاضي ابراهيم ابقاء الموقوف أكثر من المهلة المحددة قانوناً، وهي يومان تمدد لمرة واحدة لاسباب موجبة ومعللة، والا اعتُبر الموقوف في حالة "التوقيف الاعتباطي".
في المقابل، لم تتحرك الجهات السياسية لحماية هؤلاء، مع العلم، أنه وقبيل إجراء الانتخابات حاول مقربون من تيار "المستقبل"، إشاعة خبر أن النائب عن تيار "المستقبل" عثمان علم الدين، يسعى جاهداً عند مختلف الجهات الأمنية والسياسية لتغطية البناءات المشيدة، بمن فيهم الرئيس سعد الحريري، الأمر الذي رفضه علم الدين جملة وتفصيلاً قائلاً "لا علم لي بالموضوع، حين ما كان الناس يسألوننا، كنت أقول لهم بالمنطق الطبيعي في لبنان، تحصل مخالفات بناء، عند كل موسم انتخابي أو خضة أمنية، ولم نتبنى أي مخالفة حصلت".
علم الدين الذي يرفض تسمية "ارض الشلبة" بأرض الجمهورية اللبنانية، بل هي أرض حق لأهل المنية، أشار الى أن مجموعة من المحامين، بدأوا إعداد ملف قانوني عن هذه الأرض لمتابعتها مع الجهات القضائية، وعودة ملكيتها سريعاً لأصحابها.
من جهتهم، يدرك الأهالي ان من وعدهم قبل الإنتخابات تخلى عنهم اليوم، لا بل غدر بهم، وأبقاهم عرضة للملاحقات الأمنية والقضائية، وبحسب مصادر الأهالي الذين نفذوا اليوم اعتصاما أمام سرايا المنية للمطالبة باطلاق سراح الموقوفين، معلنين أنهم سيسعون جاهدين لدى مختلف الجهات من أجل حلحلة موضوعهم، وان الوجهة الثانية ستكون نحو الشارع".