ارشيف من :تحقيقات

أزمة مياه في طرابلس والمعنيون غائبون

أزمة مياه في طرابلس والمعنيون غائبون

منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر ونيف، تعاني مناطق وأحياء طرابلس الشعبية أزمة مياه كبيرة. الا أنه ومنذ حوالي الأسبوع، بدأت صرخات المواطنين ترتفع في الشارع، بعد انقطاع تام لمياه الشفة عنهم، ولفترة زادت عن 48 ساعة، مما وضع الآلاف تحت رحمة أصحاب "السيترنات" ممن يبيعون المياه بأسعار خيالية، فيما الوعود بالحل لم تأتِ ثمارها حتى الآن... ولا من أحد يتحمّل المسؤولية...

"اشتقنا نشوف الماي في بيوتنا" هذا هو حال لسان أهالي منطقة الزاهرية وباب الحديد والتبانة وصولا الى القبة في طرابلس، ترددت هذه الكلمات على لسان السكان، بعد أن وصلت ساعات التقنين إلى قرابة 22 ساعة في اليوم الواحد، وحتى أنه في بعض الأيام تغيب المياه 24 ساعة متواصلة، الأمر الذي يجبر الأهالي ويضطرهم الى شراء المياه، من أصحاب صهاريج "تعبئة المياه"، وهو أمر من المؤكد أنه يزيد من أعباء المعيشة على سكان تلك  المناطق الفقيرة والشعبية.

لم تتوقف الأزمة عند هذا المشهد فقط، بعد أن عمد أصحاب صهاريج المياه الى رفع  سعر "السيتيرن" ، فالألف ليتر الذي كان لا يتخطى سعره  30 ألف ليرة ، أصبح بـ 50 ألف ليرة ، والألفي ليتر بمئة ألف ليرة وهكذا دواليك . الأمر الذي دفع المواطنين غير القادرين على شراء المياه، الى تعبئة "الغالونات" من خزانات أخرى أو من أقرب سبيل، أو حتى أن بعضهم  لجأ الى استعارة كمية من المياه من جيرانه، "لحتى يمشوا حالهم ".

أزمة مياه في طرابلس والمعنيون غائبون

الانقطاع المتواصل للمياه، فيما يعرف بالمناطق الشعبية دفع بهؤلاء الى تعديل جزء من أسلوب حياتهم وحاجباتهم  اليومية. فهم  مضطرون الى ″تأجيل الاستحمام والغسيل لأوقات تأتي فيها المياه″، أما فيما خص طهي الطعام والاستخدام اليومي، فان البعض يلجأ لشراء المياه اما عبر السوبر ماركت، أو عبر صهاريج المياه . محمود من سكان الزاهرية في طرابلس، أشار لموقع "العهد" أنه ومنذ  حوالي الشهرين ونحن نشتري صهاريج المياه، ومن لا يملك القدرة على شرائها، يقوم باستجرار المياه من أقرب مكان ممكن عبر سيارته الخاصة، ولكن الى متى سنبقى تعيش في هذا الحال؟  متسائلاً:" أين هم نواب طرابلس؟  وأين هي بلدية طرابلس من هذه القضية؟

سؤال محمود دفع بنا للبحث عن النواب والبلدية، الا أن أحد منهم لم يجرؤ على تحديد سبب المشكلة، كلهم ألقوا باللوم على مؤسسة المياه، فيما يحاول اخرون تجاهل الموضوع تماماً كما لو أنه لا يعنيهم، وهو ما فعلته النائب في تيار "المستقبل" ديما الجمالي، التي سخرت قدراتها وتغريداتها لمكب نفايات جديد في طرابلس، دون ان تكلف نفسها مخاطبة أو زيارة المناطق الفقيرة في المدينة، أسوة بباقي زملائها النواب.

في المقلب نفسه، تعيش مصلحة المياه في طرابلس، حالة من السكوت، فهي لا يبدو أنها تملك في الوقت الراهن أي حل للمشكلة القائمة. فيما تعزو مصادرها أسباب ما يحصل الى " تأخر هطول الأمطار هذا العام هو ما يؤدي الى التقشف في توزيع مياه الشفة"، لكن تلك المعلومات لم تقنع الكثير من أبناء طرابلس، الذين أكدوا لموقع "العهد" :" أن الجفاف وتأخر هطول الأمطار، هي حجة واهية تستخدمها مؤسسة المياه للتهرب من مسؤولياتها، ولنفترض أن هناك جفافاً وقلة مياه، كما يدعون، والمطلوب من المواطن اتباع سياسة التقشف، فلماذا لا يشمل القرار المناطق الجديدة أو الغنية في طرابلس (مناطق الضم والفرز، والمناطق التي تعج بالمطاعم والمؤسسات...) أم أن التقشف هو حكر فقط على الأحياء الفقيرة؟.

وكانت مصلحة مياه طرابلس قد أشارت الى ″ان المدينة تتغذى بالمياه من منطقة البحصاص وتحديداً من نبع أبو حلقة، وبالطبع هي تجري بشكل سليم في مناطق الضم والفرز وعزمي وتوابعها لتصل بضغط أقل الى المناطق الداخلية التي تشكو أصلاً من شبكات مهترئة وهذه الأسباب لا علاقة لنا بها بل ان الدولة معنية بتأهيل هذه الشبكات تماماً كما المناطق العالية كالقبة وأبي سمراء وغيرها″.

وفيما لا تبدو في الأفق القريب أية حلول مطروحة لأزمة المياه في طرابلس، يتخوف المواطنون، خاصة مع بدء العام الدراسي، من تفشي عدد من الأمراض بين ابناءهم وخاصة طلاب المدارس منهم، إذ تشير معلومات، عن تسجيل عدد من حالات الإصابة بالامراض الجلدية في طرابلس، الناتجة عن انعدام المياه وقلة النظافة، فهل يتحرك نواب طرابلس والمسؤولون هناك ويتداركون الأمر؟ أم أننا على أبواب أزمة جديدة من الأمراض والأوبئة ستتفشى في المدينة؟

2018-09-28