ارشيف من :مقالات
الحريري يقطّع وقت تشكيل الحكومة بـ 12 سفرة في 5 أشهر
لا نفشي سراً لدى قولنا أنّ ملف تشكيل الحكومة لا يزال يراوح مكانه. صحيح تبرز بين الحين والآخر بعض علامات التفاؤل بإمكانية التشكيل، إلا أنها سرعان ما تتبخّر بسحر ساحر. وعندما نسأل عن السبب، يأتينا الجواب على هيئة جملة استنكارية. مختلف القوى السياسية تُجمع على ضرورة التشكيل، إلا أنها لا تملك جواباً شافياً عن أحجية تأليف الحكومة. "فلان" يرمي الكرة في دارة "علان"، ليرفع المسؤولية عن عاتقه، وهكذا دواليك. رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري يبدو وكأنه غير مستعجل لإنجاز المهمة. مهلة التشكيل دخلت شهرها الخامس، و"دولته" يستحق بجدارة الدخول في موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية لناحية عدد السفرات التي سجّلها في هذه المدة. 12 سفرة منذ تكليفه حتى الساعة. تنقّل خلالها بين السعودية، الأردن، روسيا، فرنسا، بريطانيا، واسبانيا، ليعود بزيارات خاطفة الى لبنان. يُجري القليل من المشاورات، يحبك صيغة حكومية على عجل، يصعد الى القصر الجمهوري، ليُلقي الحجة على رئيس الجمهورية، بتقديم صيغة "رفع عتب"، وبعدها تعود الأمور الى المربع الأول.
مصادر رفيعة مطّلعة على أجواء التأليف، تؤكّد أنّ تقديم الحريري لصيغ حكومية ليس مهماً. المهم يكمن في فحوى هذه الصيغة، ومدى مساهمتها في "فكفكة" العقد وتقريب الأمزجة السياسية، والوصول الى هكذا نتيجة لا يتم عبر مشاورات تُجرى بـ"القطارة"، ومن الخارج. ليس هكذا تعالج الأمور، تقول المصادر، التي تنفي علمها بأي طارئ إيجابي يخرق فترة "الصوم" الحكومي. وفق معلوماتها، لا تزال العقد على حالها، وكل ما يُحكى عن تفاؤل أحياناً لا يُمكن البناء عليه. حصل كثيراً أن أشيعت أجواء تفاؤلية ارتطمت بجدران حسابات اقليمية، وداخلية. المصادر ملّت الحديث عن الملف الحكومي الذي بات التطرق اليه بمثابة التطرق الى قصة "إبريق الزيت" لكنها توجز الأسباب المانعة تشكيل الحكومة في نقطتين أساسيتين: الأولى تعود الى كلمة السر الاقليمية المتحكّمة بمواقف البعض، يُضاف اليها المشهد الاقليمي المعقد، والثانية رفض البعض لنتائج الانتخابات النيابية التي بيّنت الاحجام الحقيقية للكتل والتي على أساسها يجب أن تُشكّل الحكومة.
الوضع الاقتصادي منكوب
وسط حالة الاسترخاء التي يعيشها البعض حيال ملف تشكيل الحكومة، تتفاقم حالة الوضع الاقتصادي "المنكوب" الذي وصلت إليه البلاد. الأرقام الاقتصادية مخيفة جداً، وفق ما يلفت رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في حديث لموقع "العهد" الاخباري. لا ينتهي الحديث عند الأسمر لدى تعداد الملفات العالقة في "رقبة" الدولة بدءاً من ملف أساتذة التعليم الرسمي والقطاع الخاص، مروراً بملفات المياومين، المستشفيات الحكومية، وقطاع النقل، والبلديات، وليس انتهاء بملفات حيوية تتفاقم أوضاعها كالكهرباء والنفايات. يُشدد الأسمر على أنّ الواقع الصعب يستدعي تشكيل حكومة اليوم قبل الغد. الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد تحتاج الى التعامل بواقعية سياسية مع الأمور، بعيداً عن المحاصصة". برأيه، فإنّ "تشكيل الحكومة هي أول خطوة في درب الألف ميل".
لا يتفهم رئيس الاتحاد العمالي العام كل هذه المماطلة في التأليف، فيما "وصلت نسبة التضخم الى 8 بالمئة هذا العام. 388 معملًا جرى اقفالهم خلال الاربع سنوات الماضية. الصادرات الصناعية انخفضت ضعفين خلال 3 سنوات. أضف الى ذلك فإنّ القطاع الخاص منكوب، مئات العمال يجري صرفهم تعسفياً نتيجة الاستعانة باليد العاملة الأجنبية. الأوضاع تنذر بالأسوأ، ويكاد لا يخلو قطاع من الأوضاع المزرية التي نتحدث عنها" يقول الأسمر الذي يعود ليكرر "من مسؤولية بل من واجب الجميع تقديم التنازلات لتشكيل الحكومة حفاظاً على مصلحة لبنان". هذا البلد الذي يعاني الأمرين، فإلى أين ذاهبون؟" يختم المتحدث.