ارشيف من :مقابلات

عن مبادرة خليفة لمصافحة المعلم.. وزير المصالحة السوري لـ’العهد’: عندما تصدق النوايا سيكون لنا موقف

عن مبادرة خليفة لمصافحة المعلم.. وزير المصالحة السوري لـ’العهد’: عندما تصدق النوايا سيكون لنا موقف

تعاطت دمشق بالكثير من العقلانية السياسية والقراءة الواقعية مع مبادرة وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد الخليفة لمصافحة الوزير المعلم بشكل حار ولافت في أروقة الأمم المتحدة، وزير المصالحة السوري علي حيدر خص موقع "العهد" الإخباري بلقاء مطول تحدث فيه عن موقف دمشق من هذه المبادرات ووضعها في إطار اختبار "حسن نوايا" الدول المعتدية على سوريا تمهيدا "لإتخاذ موقف" على ضوء هذا الإختبار، وهنا نص الحوار:

عن مبادرة خليفة لمصافحة المعلم.. وزير المصالحة السوري لـ’العهد’: عندما تصدق النوايا سيكون لنا موقف

ـ معالي الوزير كيف تقرأ دمشق مبادرة وزير خارجية البحرين لمصافحة الوزير المعلم بهذا الشكل الحار واللافت، وهل تفترضون عفوية الحدث؟
ـ دون شك في السياسة لا يوجد شيئ اعتباطي أو صدفة، وكل شيئ مدروس وله معناه ومغزاه، ولكن من المبكر الحديث عن النتائج النهائية أو المغزى الحقيقي لهذا اللقاء الذي أسموه عابرا في أروقة الأمم المتحدة، ولابد أن نربط ذلك بمسار العلاقات مع الدول التي نعتبرها معتدية على الدولة السورية والشعب والوطن السوريين عبر حرب السنوات الثماني، كذلك فإننا لا نستطيع أن نفصلها عن فكرة أن قسما كبيرا من الدول بدأ يفكر بالتكيف مع الواقع السوري الجديد ومع انتصارات الدولة والجيش في سوريا ، هذا التكيف هو كالهبوط من الأعلى للأسفل عبر مراحل أو عبر درجات ، أو هو نزول السلم كما يسمونه في السياسة ، ولكن بالنسبة لنا هذا لا يعني الكثير فما يعنينا هو انتصار وإنجازات الدولة السورية التي نسعى للمحافظة عليها وتبقى علاقاتنا مع الآخرين مرتبطة بمصلحة البلاد العليا وبالتالي فإنه في السياسة كما يقال (لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة) بل هناك مصالح دائمة والمصالح بالنسبة لنا هي المصالح الوطنية التي نذهب إليها ونعمل لأجلها ونعمل على إنجاحها وما لا يحقق هذه المصالح نحن لا يمكن أن نوافق عليه.

ـ معلوم أن البحرين دولة صغيرة تحذو حذو السعودية في كل شيئ ألا تعتقدون أنه لا يمكن لها أن تقدم على مبادرات كهذه دون التنسيق مع السعودية التي يمكن أن تكون قد حملتها رسائل سياسية لدمشق؟  
ـ جميعنا يذكر التصريح الشهير لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير بعد اجتماعه مع لافروف وتعليق الأستاذ وليد المعلم على ذلك بأنه " خطوة نحو الأمام " وعليه فإننا لا نستطيع أن نفصل هذه المصافحة عن هذا التصريح، وبالتالي نحن لدينا حساسات أو مشعرات بأن هناك من يريد ان يذهب باتجاه التكيف مع الواقع ولكن دون أن يتخلى عن مشروعه في المنطقة، فنحن إذا ليس لدينا علامات حقيقية بتحول جدي في سياسات هذه الدول تجاه سوريا، وبالتالي فنحن نفتح الباب مواربا لنسمع ولنستمع ولنأخذ ما يحقق المصلحة السورية ونعمل عليه والعكس بالعكس، لا نستطيع أن نتحدث عن إنجاز كبير في مثل هذه المصافحة ولكنه بدء مسار سيسعى وبحكمة القيادة السورية لتبيان ما يحقق المصالح، متى وأين وكيف ومدى اتساع هذه الخطوات.

ـ هل عرفتم ما دار من حديث بين الوزير المعلم ووزير خارجية البحرين؟
ـ من المبكر معرفة ذلك بالتفصيل خصوصا وأن السيد وزير الخارجية لا يزال في نيويورك ولم يطلعنا بعد على تفاصيل هذا اللقاء.

ـ منذ مدة طويلة ثمة أحاديث عن نية عدد من الدول العربية والغربية في استعادة علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، ما مدى دقة هذا الكلام؟
ـ أظن بأن المسالة غير مرتبطة بإرادة الدول الآخرى ماذا تريد من سوريا ؟ وماذا تريد من إعادة العلاقات الدبلوماسية معها، المسألة مرتبطة بالإرادة السورية وبالقرار السوري في النهاية وبالتالي إن لم تكن عملية وحقيقية وواضحة تخدم مصلحة الشعب السوري فلا نستطيع أن نتكلم عن خطوات في هذا الشأن حتى لو كان هناك زيارات استكشافية أو اطلاعية أو حتى رسائل بشكل مباشر او غير مباشر، لأن الدولة السورية كانت واضحة منذ البدء بأن من يريد أن يدخل إلى سوريا أو إلى الحديقة الخلفية لسوريا مرة باسم الأمن ومرة باسم الحرب على الإرهاب ومرة باسم العلاقات لا يمكنه فعل ذلك إلا عبر الإعتراف الكامل بكل ما قامت به الدولة السورية وما حققته والتكيف مع هذه الحالة ومع هذا الواقع من هذا المنطلق ، افتتاح السفارات مرتبط بالإعلان الرسمي عن ذلك وهو إن حصل سيكون نتاج عمل وجهد دبلوماسي متطور ولا يأتي في البداية بل يأتي في النهاية.

عن مبادرة خليفة لمصافحة المعلم.. وزير المصالحة السوري لـ’العهد’: عندما تصدق النوايا سيكون لنا موقف

ـ ولكن مع ذلك معالي الوزير نلاحظ أنه وبمعزل عن هذه المبادرات الناعمة  لا تزال دول العدوان على سوريا ترسل رسائل نارية أيضا لسوريا وحلفائها ، كيف تقرؤون ازدواجية الرسائل هذه ؟
ـ لا نستطيع قراءة الرسالة أو السلوك السياسي لهذه الدول إلا ضمن قراءة الخارطة الكاملة لطبيعة العلاقات بين هذه الدول على مستوى المنطقة ككل ، صحيح أن قسما كبيرا من الدول المحيطة هي عدوة لسوريا ولكنها كذلك متصارعة فيما بينها ، وتذكر التصريح الشهير لوزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم حين قال : تهاوشنا على الصيدة وفلتت الصيدة " وبالتالي فإن هذه التصريحات ربما تكون صراع نفوذ وتودد وتقرب في مواجهة بعضهم البعض وليس بالضرورة تكيفا مع الحالة السورية.
ومن ناحية آخرى نقول بأن هذه الدول لم تغير استراتيجيتها بالكامل تجاه سوريا حتى تغير في كل شيئ وبما فيه خطابها وبالتالي هي ما زالت تسير على قاعدة فتح اللقاء السياسي أو الحوار على قاعدة الضغط أو الإشتباك فهي تظن ان العمل السياسي تحت ضغط الإشتباك يقدم لها خدمات أكثر وهذا مرتبط بسياسات آخرى وتحديدا السياسة الأمريكية ، فالجميع يتذكر عندما طرح ترامب أكثر من مرة بأنه سينسحب من سوريا فكان هناك دول كثيرة تنبهه إلى ذلك ومنها بريطانيا وفرنسا وكذلك مؤسسات صنع القرار الداخلي التي كانت تقول له بأن الإنسحاب المبكر سيعطل على واشنطن وهذه الدول في النتائج اللاحقة من أية عملية سياسية مفترضة تحت ضغط الإشتباك وبالتالي وبدون شك سنسمع الخطابين بنفس الوقت سما وأنه لا يزال هناك بؤر إرهابية تحتضن عددا كبيرا من الإرهابيين مرتبطين بسياسات دول تستخدمهم داخل الأراضي السورية إن كان في التنف أو إن كان في إدلب أو حتى في المنطقة الشمالية الشرقية والمناطق التي يحتلها الأمريكيون والأتراك فضلا عن محاولة إعادة فتح بعض خطوط الإشتباك مع الدولة السورية.
 
ـ وماذا عن الموقف الأمريكي من هذه المبادرات؟
بالتأكيد هناك تنسيق مع أمريكا ولكن هذا لا يعني بأن هذه الدول مع أمريكا تمارس سياسة واحدة فهم قد يمارسون تبادل الأدوار ولكن ضمن تنسيق مايسترو واحد لكل تلك السياسات ، وبطبيعة الأحوال ما يعنينا نحن هو الإنجازات التي تحققها سوريا على كافة المستويات العسكرية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية وعلى مستوى المصالحات ولا ننتظر من دول حاربتنا على مدى ثماني سنوات أن تغير سياساتها بالمطلق تجاهنا خصوصا وأننا نعلم بأن هذه الدول  لا ترسم سياساتها بمفردها  لأنها مرتبطة بدول أكبر ، ما يجب أن يعرفه الجميع بأن الدولة السورية و من موقع القوي وليس من موقع المستجدي وهي لم تستجد في يوم من الأيام تفتح الباب مواربا لمن يرغب أن يقوم ببادرة حسن نية  على قاعدة أن هذه البادرة وان حسن النوايا هذه تحت الإختبار ولا يسلف تسليفا ولا نأخذه بالمطلق بل نضعه على طاولة التشريح والإختبار وعندما تصدق النوايا يكون لنا موقف وعندما لا تصدق النوايا لا نكون قد خسرنا شيئا لأن الدولة السورية ماضية في مشاريعها بعيدا عن تلك السياسات وتلك المواقف وحتى عن تلك القبلات التي قد تكون عابرة في وقت من الأوقات.

ملف المخطوفين ؟

وفي شق آخر يرتبط بملف المخطوفين لدى المجموعات الارهابية، قال إن "ملف المخطوفين لن يطوى إلا بمعرفة المصير النهائي لكل مخطوف أو مفقود، وهذا قرار سياسي سوري ومتابع للنهاية، ملف المخطوفين اليوم تحول ليكون ملفًّا اساسيا من ملفات التفاوض عبر أي استحقاق دولي قادم يتكلم عن أي مسار سياسي، أو أي حل سياسي، والجميع يذكر كذلك أنه في اللقاء الأخير قدمت الدولة السورية ملفا كاملا للمفقودين والمخطوفين ليصبح هذا الملف في عهدة من يرغب بأن يعمل على الملف السياسي السوري والدولة السورية مصرة على أن يكون هذا الملف جزءا من الملفات التي ستبحث، وقد يكون في مقدمة هذه الملفات لمعرفة مصير من بقي من المخطوفين، ولن يكون هناك حل دون معرفة مصيرهم ومعالجة هذا الملف بشكل كامل، لذلك أعود وأقول بأن هذا الملف لن يطوى ولن يغلق بالشكل النهائي إلا بعد كشف الغموض عن المفقودين بشكل كامل تحريرًا أو كشفًا للمصير".
 
وردًّا على سؤال حول مصير مخطوفي السويداء الذين يحتجزهم "داعش"، قال "بالنسبة لمخطوفي السويداء، الخاطف هو "داعش" وبالتالي فإن التفاوض المباشر مع "داعش" غير موجود وغير ممكن، والجميع يعرف بأن المنطقة التي يحاصر بها "داعش" هي منطقة ضيقة والآن هم يخوضون حربًا مع الدولة السورية، وأحيانا، تبعًا للتكتيكات العسكرية، توقف الدولة السورية بعض الخطوات افساحًا في المجال للتفاوض بخصوص المخطوفين".

وأضاف "الحقيقة أن هناك بحثًا وتفاوضًا ناشطًا حول مخطوفي السويداء، لن أتكلم أكثر من ذلك لأنه مرتبط بملفين أو ثلاثة ملفات تعالج كلها مع بعضها البعض للوصول إلى خاتمة مفرحة للأهالي، إن استطعنا أن ننجز ذلك إلى النهاية، ولكن لا أستطيع أن أطمئن الأهالي بشكل كامل لأننا نتعامل مع "داعش" والجميع يعلم من هو هذا التنظيم الإرهابي".

 

2018-10-02