ارشيف من :نقاط على الحروف
’هيومان رايتس ووتش’.. ولعبة تسييس الحقوق في العراق!
من يعرف كيف تعمل منظمة "هيومان رايتس ووتش"الاميركية المتخصصة بمراقبة حقوق الانسان في مختلف انحاء العالم، وتشخيص الانتهاكات الحاصلة، لايستغرب حينما يطلع على فحوى تقاريرها، لاسيما تلك المتعلقة بالعراق خلال الخمسة عشر عاما المنصرمة.
اخر تقرير لها، وحمل عنوان (العراق: احتجازات سرية بدون الإجراءات الواجبة.. حملة من الإخفاءات القسرية)، يمثل مصداقا فاضحا على حجم التسييس المحكوم بحسابات واجندات معينة، تعمل المنظمة المذكورة وفقا لها.
فمن خلال الارقام والمعطيات والشهادات التي استندت عليها، والرسوم والمخططات التوضيحية التي عرضتها، ارادت "هيومان رايتس ووتش"، ان تقول "ان العرب السنة هم المستهدفين اكثر من سواهم من قبل القوات العسكرية والاجهزة الامنية الحكومية العراقية، وان قوات الحشد الشعبي لها دور كبير في عمليات الاختطاف والاختفاء القسري، وان ما يحصل في هذا الاطار لايخضع لاجراءات قضائية ـ قانونية".
ولعل من يتابع ويدقق، يجد ان المنظمة المذكورة والكثير من المنظمات الاجنبية، الى جانب وسائل الاعلام الغربية، هي التي تروج لمصطلحات تستبطن معان سلبية، من قبيل "العرب السنة"، و"الشيعة المرتبطين بأيران"، "الميليشيات الشيعية" وغيرها.
ومن غير المستبعد جدا ـ بل من المؤكد ـ ان يكون للمنظمة الاولى المعنية بمراقبة اوضاع حقوق الانسان في العالم، دور كبير في قلب الحقائق وتزييف الوقائع، بما ينسجم مع مصالح الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها واتباعها في المنطقة والعالم، فهي لم تتحدث عن جرائم تنظيم داعش الارهابي في العراق ودول اخرى، بما تستحق من كلام وتوثيق، ولم تتحدث عن جرائم تنظيمات وجماعات ارهابية اخرى، مثل تنظيم القاعدة، ولم تتحدث عن مئات ـ ان لم يكن الاف ـ الارهابيين الذين ارسلتهم دول مختلفة، في مقدمتها المملكة العربية السعودية، ليفجروا انفسهم وسط الاسواق والمدارس والشوارع في العراق، ليحصدو ارواح الناس الابرياء.
ولا يختلف الامر، اذا اردنا ان نذهب بعيدا خارج حدود الجغرافيا العراقية، حيث ان تلك المنظمة كانت ومازالت تسرد القصص عن ما تزعم انها جرائهم الحوثيين في اليمن وجرائم النظام السوري، وجرائم النظام الايراني، بيد انها، ولكي تبدو موضوعية ومهنية، ربما تمر مرورا عابرا خجولا على ما تقترفه انظمة ديكتاتورية استبدادية، مثل النظام السعودي والنظام البحريني، من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان، ودعم وتمويل للارهاب العابر للحدود، ماليا واعلاميا وتسليحيا واستخباراتيا وفكريا، ناهيك عن غض الطرف عن ما تقوم به الولايات المتحدة الاميركية من ادوار سيئة في ضخ الروح للجماعات الارهابية ومنع القضاء عليها بالكامل، حتى تستخدمها كأوراق للضغط على خصومها واعدائها، كما يجري في العراق وسوريا.
ويكفينا ان نحيط بالظروف التي تأسست في ظلها "هيومن رايتس ووتش" في عام 1978، حتى نعرف ونتيقن من الابعاد السياسية وراء ظهورها، وطبيعة الادوار والمهام المناطة بها، ف
وينبغي ان لانتوقع ان تكون منظمة من قبيل "هيومان رايتس ووتش"، وهي تسير في ركاب السياسات والاجندات الاميركية، ان تكون موضوعية ومحايدة ومنصفة، وخصوصا حيال العراق، وحيال كل عناوين ومسميات "محور المقاومة والممانعة"، ولابد من ان الرد الحازم والقوي والموضوعي على ما تطلقه من ادعاءات ومزاعم وتخرصات، وعدم الاكتفاء بـ"اضعف الايمان".
وحسنا فعل مركز الاعلام الامني التابع لوزارة الدفاع العراقية، حينما اصدر بيانا بشأن ما ورد في التقرير الاخير للمنظمة، قال فيه "مرة اخرى تطلع علينا منظمة "هيومن رايتس ووتش" بتقارير لم تكن مهنية ولا تحمل شيئاً من المصداقية بعد ادعائها أن هناك إخفاء قسري لما اسمتهم بـ "العرب السنة"، وهذه التسمية مرفوضة جداً لأنها نوع من تكريس الطائفية المقيتة، كما أن هذه المنظمة ولأكثر من مرة تعتمد على جهة واحدة دون أخذ رأي الجهات المختصة، وتأتي بشهادات غير صحيحة".
ونوه مركز الاعلام الامني العراقي الى انه "كان حريا على المنظمة أن تدين العصابات الإرهابية التي عاثت بالأرض فسادا، وأوقعت بالكثير من الأبرياء في العراق، وقد ذكرت في تقريرها الجديد ان هناك أطفالا معتقلين لدى السلطات العراقية لم يبلغوا التاسعة من العمر، فما هذا الإدعاء المجحف والكاذب؟".
ولعل ما هو مطلوب، ان يكون للاوساط السياسية العراقية، ووسائل الاعلام، والمنظمات المعنية بحقوق الانسان، دور في توضيح الحقائق والوقائع، وكشف مزاعم "هيومان رايتس ووتش" وغيرها من المنظمات والمؤسسات الاجنبية المسيّسة، التي تستخدم الشعارات الجذابة والعناوين البراقة لتحقيق ذات الاهداف التي تتحرك عليها الجيوش، واجهزة المخابرات، ومراكز صنع القرارات، ورسم الاستراتجيات، في عواصم الهيمنة والتحكم والنفوذ.