ارشيف من :مقالات

لبنانيون يسألون: هل سيحل الظلام؟

لبنانيون يسألون: هل سيحل الظلام؟

قد يكون انقطاع الكهرباء لمدة دقيقة في الكثير من البلدان حول العالم أمراً غريباً. أو حتى حدثاً يستوجب استنفاراً لعلاج الأمر الطارئ. أما في لبنان، فإنّ الغريب يكمن في التغذية الكهربائية لساعات متواصلة بلا انقطاع. عندها، قد تجد من يردد عبارات من قبيل "اللهم بلا حسد". فقد اعتاد اللبنانيون على الظلام، وكأنّ قدرهم "العتمة"، وقدرهم أن يعيشوا في بلد "مكهرب" سياسياً ما يجعل الاتفاق على خطة شاملة للكهرباء أمراً صعباً. ولا نبالغ لدى قولنا أنّ الكهرباء باتت جزءاً أساسياً من متطلبات الحياة، خصوصاً خلال "موجات الحر" "القاتلة"، ما يجعل وجودها أمراً لا بد منه. 

الحاجة الى وجود الكهرباء، والتي يقابلها نقص في ساعات التغذية، دفعت العديد من المواطنين الى خيار المولدات مكرهين. أولئك لم يكن ينقص فاتورتهم الشهرية "حِملٌ" إضافي، ولكنّهم مضطرين للتعامل مع هذا الواقع. وكما نعلم فإنّ طبيعة عمل المولدات الخاصة قائمة إما على العدادات أو على القواطع. الأخيرة، تبدو الأكثر شيوعاً. يُحدّد خلالها صاحب المولّد تسعيرته الشهرية التي قد ترتفع اذا ما ارتفعت ساعات انقطاع "كهرباء الدولة"، ليجد المواطن نفسه أمام فاتورة ثقيلة تتخطى أحياناً الحد المعقول. 

هذا الواقع، دفع وزارتي "الطاقة والمياه" والاقتصاد الى الاعلان عن تطبيق خطة استبدال القواطع بالعدادات في الأول من الشهر الحالي. ومنذ ذلك الحين، يشتد الكباش بين الدولة من جهة وأصحاب المولدات الخاصة من جهة أخرى. لكل منهما وجهة نظره في هذا الملف. فما هي؟.

خوري: راحة المواطن هدفنا

وزير الاقتصاد رائد خوري يُدرج في حديث لموقع "العهد" الإخباري أهداف القرار العتيد في نقطتين، الأولى تتمثل في ضبط أي محاولات غش من أصحاب المولدات. كمية الكيلوواط المستهلكة ستكون معلومة للطرفين. والثانية تُعطي للمواطن فرصة التحكم بفاتورته الشهرية تبعاً لحاجته، ما يُعطيه قدرة السيطرة على الصرف. يُشدّد خوري على أنّ الهدف الأول والأخير من القرار العتيد يصب في مصلحة المواطن ولحمايته. وعن نسبة التجاوب، يعرب المتحدّث عن رضاه لسير تنفيذ الخطة يوماً بعد يوم. في البداية لم يصدق أصحاب المولدات مدى جدية الدولة، ولكن بعد تسطير أكثر من مئة ضبط يومياً، ارتفعت نسبة التجاوب مع مراقبي مصلحة حماية المستهلك. يوضح خوري أنّ تسطير محضر مخالفة لا يعني تنفيذه حكماً، الوزارة أعطت فرصة للمخالفين الذين سطرت محاضر ضبط في حقهم من أسبوع الى عشرة أيام حتى يعمدون الى تركيب عدادات، وإلا سترسل عندئذ المحاضر الى القضاء لتصبح نافذة. أما عن قيمتها، فهي تتراوح بين مليونين وعشرة ملايين، بحسب وزير الاقتصاد الذي يتوقّع أن تصل نسبة التجاوب خلال الاسابيع المقبلة الى 98 بالمئة. 

لا ينكر خوري أنّ الوزارة تعاني من نقص في عدد المفتشين، لكنه يؤكد أنهم يتمتعون بهمة عالية. وهنا يلفت الى أنّ البعض منهم يواجه أحياناً تمرداً من قبل المخالفين، وهذا ما سيؤدي الى المحاسبة، فكل مفتش يمثل الدولة اللبنانية. كما ألقى خوري بجانب من المسؤولية على البلديات، لافتاً الى أنّ هذه النقطة شكلت محور اجتماعه بوزير الداخلية نهاد المشنوق. فمن واجب البلديات أن تسهل عمل الوزارة وتعطي أسماء أصحاب المولدات الخاصة نظراً لوجود مولدات غير مسجلة، وأن تحثهم على تطبيق القرار، وهي لها الصلاحية بقطع الطريق على عمل المولدات بإغلاقه بالشمع الأحمر. يختم خوري حديثه بالقول:" لا خيمة زرقاء فوق رأس أحد، القانون سيطبق على الجميع، كرمى لعيون المواطن". 


أصحاب المولدات الخاصة: قرار مجحف

وجهة نظر تجمع أصحاب المولدات الخاصة، يعكسها المهندس حسن ياسين. بلا تردد، يصف قرار وزارة الاقتصاد بالظالم والمجحف. برأيه، هو قرار لا يمكن تطبيقه، أو اسقاطه بشكل عامودي. كان الأجدى بوزير الاقتصاد استدعاء أصحاب المولدات للجلوس معهم، وتشكيل لجنة مشتركة من جميع الاطراف المعنية للخروج بآلية ترضي مختلف الأطراف.  بالنسبة للمتحدّث فإنّ القرار العتيد نجم عن عدم دراسة ودراية ومحاكاة للواقع على الأرض، ودراسة كل شاردة وواردة يتضمنها هذا القطاع من آليات التشغيل وغيرها. ولدى سؤاله ما هو الواقع؟، يجيب ياسين الى نسبة الخسائر التي لحقت بمشغلي المولدات الخاصة على نظام العدادات، نتيجة تسعيرة وزارة الطاقة. يصف الواقع بالكارثي، ويشير الى أنّ أحد هؤلاء المشغلين اجتمع بوزير الاقتصاد، وبيّن له بالارقام نسبة الربح التي يحصل عليها شهرياً بناء على عدد المشتركين، والتكاليف التي يتكبدها. وفق ياسين، المبلغ لم يتخط الـ300 الف ليرة شهرياً، وهو "مدخول" متدن جداً جداً. 

نقطة أخرى يشير اليها ياسين -الذي يعمل في عالم المولدات منذ 25 عاماً-، تكمن في أنّ أصحاب المولدات الخاصة الذين يعملون بنظام القواطع منذ عقود، قد "برمجوا" نظام حياتهم ومصاريفهم على أساس المبلغ الذي يجنونه، فهل من العدالة بعد كل هذه السنوات أن يتم ضرب مصالح هذه الشريحة الواسعة من الناس؟ يسأل المتحدّث الذي يشير الى أنّ أصحاب المولدات استطاعوا تغطية غياب الدولة وعجزها على مدى عقود، محذراً من أنّ التجمع ذاهب باتجاه التصعيد، وقد يصل الى خطوات لا تحمد عقباها على رأسها إغراق المناطق بالظلام" يختم ياسين. 

 

2018-10-04