ارشيف من :مقالات

تونس.. بين استمرار الأزمة السياسية ومناورات رئيس الجمهورية

 تونس.. بين استمرار الأزمة السياسية ومناورات رئيس الجمهورية

تزداد الأزمة السياسية في تونس تعقيداً، ولا شيء ينبئ بقرب حلّها، خاصة بعد البيان الأخير لمجلس شورى حركة النهضة، الذي رأى فيه البعض مواصلة للصِّدام مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ودعماً غير مباشر لرئيس الحكومة يوسف الشاهد. كما أن إصرار الاتحاد العام التونسي للشغل على المضي قدمًا في الإضراب العام في القطاع العمومي يزيد الطين بلة؛ باعتباره يزيد الصدام بينه وبين الحكومة التي دخلت منذ مدة في خلاف مع المركزية النقابية، جعلت الأخيرة تطالب باستقالتها.

أوراق ضغط

يرى البعض أن رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، يستخدم الاتحاد العام التونسي للشغل كإحدى أوراق الضغط على الحكومة لإجبار يوسف الشاهد المدعوم من حركة النهضة على الاستقالة. وكان رئيس الجمهورية قد أعلن في حواره الأخير لوسائل الإعلام التونسية عن نهاية التحالف بينه وبين حركة "النهضة"، موضحاً أن الحركة هي من بادرت إلى ذلك، وملمحاً إلى دعمها لرئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي رغب رئيس الجمهورية في إزاحته بسحب الثقة منه في البرلمان، لكنه اصطدم بوقوف حركة النهضة إلى جانبه.

إلى ذلك، يعتبر البعض أن حوار رئيس الجمهورية بعث برسائل إلى الخارج، وتحديدًا إلى رعاة ما يسمى "الربيع العربي" الداعمين لحركة النهضة والذين يسوقونها على أساس قدرتها على التحالف والتعايش مع العلمانية، ومفادها أن الحركة ليست كما يتم التسويق لها وأنها مازالت حركة عقائدية ودعوية ولم تتحول بعد إلى حزب سياسي قادر على بناء التحالفات في "ديمقراطية توافقية" كالتي تعيشها تونس.

أدلة جديدة

كما يؤكد البعض أن تقديم لجنة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي أدلةً جديدة تضع بعض العناصر من حركة النهضة وأشخاصًا على علاقة بها محل شبهة، يدخل في إطار مناورات رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مع الحركة. فالمتربع على عرش قرطاج، وبحسب جل العارفين بخبايا الساحة السياسية التونسية، "داهية" بكل ما للكلمة معنى. رغم خسارته عددًا كبيرًا من نواب حزبه الذين التحقوا بكتل نيابية أخرى، إلا أنه يناور وما زال يكتسب العديد من الأوراق التي تجعل حركة النهضة تحسب له ألف حساب.

ومن بين الأوراق التي من المرجح أن يناور بها قائد السبسي صاحب الصلاحيات المحدودة وفقا لدستور تونس الجديد، ورقتا المحكمة الدستورية العليا والهيئة المستقلة للانتخابات، اللتان تتطلبان دوراً فاعلًا منه سواء في بناء التوافقات أو عند المصادقة. فالأولى سيعطل بها اكتمال عملية "البناء الديمقراطي"، والثانية سيمنع من خلالها إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة، وهو ما سيضع حركة النهضة في إحراج أمام رعاة ما يسمى "الربيع العربي" وراء المحيط باعتبارها اللاعب الرئيس في هذا المشروع على الساحة التونسية، ما سيجعل الحركة الإخوانية تذعن له في نهاية المطاف، بحسب جل التوقعات.

2018-10-08