ارشيف من :مقالات
ما هو موقف ’النصرة’ الحقيقي من اتفاق سوتشي؟
تستمر "هيئة تحرير الشام - "النصرة"" باتباع سياسة الغموض في الموقف من اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا والذي قضى بسحب السلاح الثقيل التابع للمعارضات السورية من مناطق بعمق عشرين كلم داخل مناطق سيطرة المسلحين. ويعتمد ما يسمى بـ"أمير" جبهة "النصرة" ابو محمد الجولاني سياسة الغموض اتجاه هذا الموضوع، فلا هو عارضه على الأرض ومنع تطبيقه، ولا يصدر أي موقف جدي يوحي بمعارضته، وبالمقابل لا يتوقف قادة الصف الثالث في "النصرة" عن تكرار التصريحات المنددة بالاتفاق والتي تتهم الفصائل الأخرى بالخيانة عبر تطبيقه.
الخبر المؤكد الآن هو أن "هيئة تحرير الشام - النصرة" طبقت اتفاق سوتشي وسحبت أسلحتها الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح في الشمال السوري وخسرت المعارضات المسلحة سيطرتها الفعلية لصالح تركيا وروسيا على مواقعها في ريف اللاذقية وجسر الشغور وسهل الغاب مع جبل شحشبو وكفرنبودة والهبيط امتداد حتى شمال خان شيخون والتمانعة، وصولا الى حدود معرة النعمان حتى أطراف مدينة سراقب وريفي حلب الجنوبي والغربي. وسحبت "النصرة" سلاحها الثقيل من مطار تفتناز الاستراتيجي القريب من قلب مدينة إدلب كما أنها تخلت عن مواقع في جبل شحشبو كانت سيطرت عليها بعد معارك دامية مع "حركة أحرار الشام" عام ٢٠١٦ .
وتتبع قيادة "النصرة" سياسة الغموض بشأن اتفاق سوتشي لسببين:
1- لكي تستمر بالمزايدة على الفصائل الأخرى بحجة سحب السلاح مع أنها أول من بدأ بسحبه.
2 - لكي تحفظ ماء وجهها أمام عناصرها، فكثرة التعبئة والشحن بالأفكار المتطرفة التي يخضع لها عناصر "هيئة تحرير الشام" جعلت المواقف الملتبسة لقيادتهم واضحة عند الكثير منهم، فيما لا تزال فئة من العناصر خصوصاً عناصر الجهاز الأمني وعناصر الحسبة تمتهن الوقوف على الحواجز وأصبحت هذه الفئة تسمى طبقة المال الحرام بسبب المال المجني من المكوس والضرائب.
في نفس الوقت يعمل الجولاني على تنظيف الطريق أمامه استعدادا للمرحلة القادمة وهو بدأ بتصفية معارضيه شيئا فشيئا، فخلال يومين قتل أكثر من خمس قيادياً في الهيئة، وجلهم مهاجرين وذلك بعد معارضتهم لقرارات الجولاني، وهؤلاء ينقسمون الى فئتين:
1 - قسم يعارض قرار الجولاني بتطبيق إتفاق سوتشي ويراه خيانه والجولاني يقول أنه لا يملك من قراره شيئا فهو عبد مطيع.
2 - قسم يعارض هجوم الجولاني على الفصائل وما يسمونه "البغي" على الآخرين.
وقد ظهرت معارضة خفيفة من "الشرعيين" والعناصر المصريين، ولكن الجولاني لم ينته منهم بعد، فهو يتهمهم بالولاء للظواهري وينعتهم بـ (الكلاب التي تنبح) وهؤلاء سوف يقضي عليهم الجولاني عند انتهاء دورهم.
في نهاية المطاف.. تركيا التي تعتبر تنفيذ إتفاق سوتشي ضرورة استراتيحية وأمنية أشارت صحافتها أكثر من مرة الى موافقة الجولاني على تنفيذ اتفاق سوتشي وأن الأخير لن يشكل أي عقبة في هذا الشأن.