ارشيف من :أخبار لبنانية
ماذا بعد انهاء مهلة التأليف الحكومي؟!
انتهت مهلة الايام العشرة التي أعطاها لنفسه الرئيس المكلف سعد الحريري، ولم يتصاعد أي دخان أبيض من ملف تأليف الحكومة العتيدة.
يأتي ذلك وسط أجواء متأزمة في المنطقة بعد رفع سقف الرد السعودي في مسألة اختفاء الصحافي جمال خاشقجي، ومتزامنا مع اعادة فتح معبر نصيب الحدودي بين الاردن وسوريا وما له من تأثير على خط سير التجارة البرية وتصريف البضائع اللبنانية عبر الأراضي السورية إلى دول الخليج.
"الأخبار": الحكومة قبل نهاية الأسبوع؟
يرتفع منسوب الإيجابية في الحديث عن قُرب إعلان التشكيلة الحكومية. ثمة تعويل على لقاء الثلاثاء بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، في أن يكون تمهيدياً قبل إعلان الحكومة نهاية الأسبوع. لا يُلغي ذلك شبح العقبات، التي من الممكن أن تكون بالمرصاد لأي تطورات
اجتماع حكومي جديد سيُسجّل، يوم الثلاثاء، بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري. هذا ما أكّدته مصادر في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار»، مُضيفةً أنّ «البلاد تتجه نحو تأليف حكومة فيما لو استكمل عون والحريري مشاوراتهما، بنفس الجوّ الإيجابي الذي عبّر عنه رئيس الحكومة خلال مقابلته التلفزيونية على الـ«ام تي في» قبل قرابة عشرة أيام».
في الإطار نفسه، تتحدّث مصادر مُطلعة على مسار الحكومة عن أنّها «قد تُبصر النور نهاية الأسبوع الحالي». سبب التفاؤل أنّ الحريري «وصل إلى اقتناع بضرورة حلّ كلّ العقد، وعدم التوقف عند اعتراضات بسيطة، مثل رفض القوات اللبنانية الحصول على وزارة التربية، ففي نهاية المطاف ليس بإمكانه انتظار الجميع إلى ما لا نهاية». العرقلة الوحيدة حالياً، بحسب المصادر، هي تولّي تيار المردة لحقيبة الأشغال، «التي يرفض رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحرّ إسنادها إلى المردة. لكن هذه العقدة قابلة للحل بالتفاهم بين عون والحريري». وعلى العكس من بقية القوى السياسية، «لا يستطيع الحريري السير عكس إرادة الرئيس عون، وإلا فإنّ الأخير قد لا يوقّع على التشكيلة».
وقالت المصادر إنّ كلام الوزير جبران باسيل «التصعيدي»، خلال كلمته في ذكرى 13 تشرين، «تصفية حسابات مع القوات اللبنانية، وليس موجهاً ضدّ تشكيل الحكومة». وبعد أن ارتفعت الأجواء «المُبشّرة» بقرب التأليف، إن كان من قبل تيار المستقبل أو التيار الوطني الحرّ، علّق رئيس مجلس النواب نبيه برّي بأنّه مستعد لقطع زيارته إلى جنيف والعودة إلى لبنان، في حال حصل ذلك. فيما اعتبرت مصادر التيار العوني أنّه «إذا ثبّت لقاء الثلاثاء الاتفاق على الحصص، فسيُطلب من مختلف الكتل تسمية وزرائها، مع احتمال أن تتألف الحكومة نهاية الأسبوع».
أما حزب القوات اللبنانية، فينتظر ما سينتج عن لقاء عون ــ الحريري. وبعد أن رفضت معراب الحصول على 4 وزارات، من بينها منصب نائب رئيس الحكومة ووزارات التربية والثقافة والشؤون الاجتماعية، أكدّت مصادرها أنّ الحريري «تسلّم تصوراً جديداً، نُصرّ فيه على الحصول على حصّة لا تقلّ عن تمثيلنا في الحكومة الحالية. ننتظر جواباً من الرئيس عون على طرحنا الجديد». وعلّقت مصادر «القوات» على كلام باسيل الأخير المُتعلق بالذهاب إلى تأليف حكومة بهدف إحراج من لا يريدها، بأنّه «إشارة إلى اقتناعه بعدم قدرته على فرملة اندفاعة التأليف التي ظهرت الأسبوع الماضي».
"البناء": استمرار المراوحة في الشأن الحكومي
وتحدثت "البناء" عن استمرار المراوحة في الشأن الحكومي مع تسريبات متضاربة حول التقدم وعدم التقدم في حلحلة العقد المستعصية، وباتت الحكومة الموعودة مع نهاية المهلة التي حدّدها الرئيس المكلف بتشكيلها سعد الحريري، أقرب لحال الضياع ما يجعل وصف مصادر على صلة بمفاوضات التشكيل للحال الحكومية بـ»حيص بيص» في إشارة لفوضى المعلومات والاتصالات، بينما بقي المهم لبنانياً ما قام به رئيس مجلس النواب نبيه بري من سعي لتحشيد موقف عربي وإسلامي برلمانياً لحماية الحقوق الفلسطينية وفي مقدّمتها حق العودة ومستقبل القدس، تمهيداً لانعقاد مؤتمر رؤساء برلمانات العالم في إطار الاتحاد البرلماني الدولي.
رغم الأجواء التشاؤمية التي تخيّم على تصريحات ومواقف القوى السياسية والتي توحي أن المفاوضات الحكومية عادت الى نقطة الصفر، تشدّد مصادر مقربة من دوائر التأليف لـ«البناء» أن تأليف الحكومة لن يتأخر، مشيرة الى ان الامور ستتوضح الأسبوع المقبل مع عودة رئيس المجلس النيابي نبيه بري من سويسرا.
وبالتوازي مع الاتصالات المحلية لتأليف الحكومة، فإن فرنسا تبدي مخاوفها من التأخير في التشكيل لما لذلك من انعكاسات سلبية على الاوضاع الاقتصادية. وأعلنت السفارة الفرنسية في بيان، عقب زيارة الموفد الفرنسي بيار دوكان الى بيروت أن «باريس تقوم بمساعٍ حثيثة من أجل لبنان، بالتحديد لأن لديها كلّ الثقة بقدرته على الإصلاح ومواجهة التحديات المستقبلية». وقالت إن «الالتزامات التي تعهّدنا بها خلال مؤتمرات «سيدر» وروما وبروكسيل إنما هي خير دليلٍ على إرادتنا بتعميق شراكتنا مع هذا البلد الذي يشكّل بالنسبة إلينا محاوراً أساسياً ونموذجاً للعيش المشترك في المنطقة. فرنسا متمسّكة باستقرار لبنان وستبقى بالتالي دائماً إلى جانبه».
وتشير مصادر مطلعة لـ «البناء» الى أن فرنسا تبدي قلقها غير المبرّر من التأخير في تشكيل الحكومة الذي من شأنه أن يؤخر مساهمات الدول المانحة التي شاركت في مؤتمر سيدر وروما 2 بالكثير من الاستثمارات التي تهم لبنان، مشيرة إلى ان باريس تحث الجميع على تأليف حكومة لما لذلك من انعكاسات إيجابية على المساهمة في دعم لبنان وجيشه. ولفتت المصادر إلى ان الرئيس الفرنسي أكد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال اجتماعهما على هامش القمة الفرنكوفونية، حرصه على حسن العلاقات بين البلدين وعلى ضرورة حماية الاستقرار في لبنان، لافتاً إلى أن تطبيق مقررات سيدر يستدعي من المعنيين الاتفاق على تأليف الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، لا سيما أن الكثير من الإصلاحات التي نصّ عليها سيدر تتصل بما ستقوم به الحكومة المرتقبة.
إلى ذلك، أجرى الرئيس المكلف سعد الحريري اتصالاً هاتفياً برئيس الجمهورية مهنّئاً ايّاه بسلامة العودة، بعد مشاركته في القمة الفرنكوفونية، مشيداً بالكلمة التي ألقاها أمام القمة والتي تعبّر عن رسالة لبنان في تعزيز حوار الحضارات.
وأكد الرئيس المكلف أمس، تضامنه مع المملكة العربية السعودية في مواجهة الحملات التي تستهدفها، وقال: «إن المكانة التي تحتلها السعودية في المجتمعين العربي والدولي يضعها في مصاف الدول المركزية المؤتمنة على استقرار المنطقة ونصرة القضايا العربية، والحملات التي تنال منها تشكل خرقاً لهذا الاستقرار، ودعوة مرفوضة لجر المنطقة نحو المزيد من التطورات السلبية».
وبانتظار أن يلتقي الرئيس المكلف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بعدما كان التقى وفوداً قواتية واشتراكية، علماً أن أي لقاء جديد بين الرئيس عون والرئيس الحريري لم يحدد موعده بعده، تشير مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن تسريبات الاسماء التي طرحت، بعضها منطقي ويقترب من الحقيقة نحو 80 في المئة، وكذلك الحال بالنسبة لبعض الحقائب علماً أن البعض الآخر ليس دقيقاً، مشيرة في الوقت عينه الى كلام الرئيس المكلف أن التسريبات تستند الى اجتهاد.
"الجمهورية": الحكومة في «المخاض» فهل تنجو؟
ورأت "الجمهورية" انه للمرة الأولى يشعر المراقبون انّ هناك «طبخة حكومية» وضعت على نار قوية، الى درجة أوحَت أنها دخلت غرفة الولادة وهي في «ربع الساعة الأخير من المخاض». فالتفاهمات قطعت شوطاً بعيداً وأُقِرَّت الحصص بالصيغة النهائية، ويتجلّى ما تبقى في توزيع بعض الحقائب لتبصر الشكيلة كاملة النور بعد إسقاط الأسماء عليها. فما الذي يقود الى هذه الخلاصة؟
يُجمع المراقبون في مقاربة ملف تأليف الحكومة على أنه بات في المراحل الأخيرة، فقد اعتاد الطبّاخون مواجهة كثير من مطبّات الساعات الأخيرة بما فيها ما هو منطقي وما هو وهمي، لكون ذلك لا يعدو سوى رفع سقوف في اللحظات الأخيرة التي يتقلص فيها هامش المناورة الى الحدود الدنيا.
وخلافاً لأجواء الملل التي تسود الأندية السياسية، فإنّ البلد يعيش منذ ايام ما بين موجات السخونة والتبريد، وتتناتشه المواقف والنظريات على مسافة ساعات لا أيام، وذلك على وقع مزيد من السيناريوهات المتقلبة التي ضيّعت اللبنانيين، فتغريدة من هنا وأخرى من هناك تتلاعب بأعصابهم وتغيّر أمزجتهم.
قبل 9 ايام فتح الرئيس المكلف سعد الحريري الآفاق واسعة امام اللبنانيين ووعدهم بحكومة في خلال 10 ايام، وما ان تنفّس لبنان واقتصاده صباح اليوم التالي الصعداء، حتى نعاها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ظهراً وأبعد عن اللبنانيين جو التفاؤل.
ولذلك تلاحقت الإتصالات واطمأنّ الجميع الى انّ ما جرى لا يستأهل التوقف عنده، فالعملية هي سباق ربع الساعة الأخير الى منصة التتويج بعد تقاسم الحصص والحقائب.
وما بين مسحات التفاؤل التي عكستها مصادر بعبدا و»بيت الوسط» قبَيل توجّه رئيس الجمهورية الى يريفان، أصرّت «عين التينة» على «ان ترى الفول في المكيول.
ومَردّ ذلك الى النتائج التي ترتبت على اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف قبل إطلالة الاخير التلفزيونية، والتي عدّت جلسة «مصارحة» اضطر خلالها الرجلان الى وقف سيل المناورات التي لم تأت سوى بتشكيلات لا يمكن ان يتقبلها رئيس الجمهورية، لا في شكلها ولا في الحصص ولا في الحقائب لخروجها على كل ملاحظاته السابقة الى درجة التحدي.
ومنذ ذلك اللقاء انقلبت الأجواء، وبدأ السعي الفعلي للتأليف، وسقطت مناورات عدة لجأ اليها مختلف الأطراف عبر مجموعة من السيناريوهات الغريبة والعجيبة لِما فيها من شروط وشروط مضادة لا يمكن ان تقود الى التأليف مهما طال الانتظار.
وعليه، وأمام حجم التطورات المتوقعة على أكثر من صعيد، فقد طرحت مجموعة ملاحظات تقود تدريجاً الى التحولات الجدية التي أطلقت موجة من التفاؤل لا بد من الإشارة اليها، نظراً الى عوامل عدة داخلية وخارجية أعاقت مهمة الرئيس المكلف الى الآن، ولا يمكن لأحد ان يصدق ان هذه العوامل ما زالت داخلية بحتة.
فالخيط الرفيع الفاصل بين العراقيل الداخلية والخارجية يكاد الّا يكون مرئياً سوى عند البحث في نوعية الحراك الدولي الذي يساعد على توفير الأجواء الملائمة للإسراع في تأليف الحكومة.
"اللواء": فائض التوتُّر يطيح بـ مهلة الـ10 أيام.. والتأليف ينتظر!
أما صحيفة "االواء" فاعتبرت أن الشيء الثابت ان المساعي لتأليف الحكومة قائمة على قدم وساق، على الرغم من «فائض» التوتر السياسي، سواء على لسان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، أو سواه من السياسيون، الذين يمترسون تحت رمال واكداس صناديق الاقتراع، التي بعضها جيء به إلى المجلس الدستوري على خلفية الطعن من هذا المرشح الخاسر أو ذاك ليعلنوا على الملأ ان تمثيلهم يخولهم الحصول على هذه النسبة من الوزارات، وهذه النوعية من الحقائب..
والشيء الثابت، في ضوء ما يجري ان الرئيس المكلف سعد الحريري بات مطلباً إقليمياً ودولياً لتأليف الحكومة، وسط اشتداد أزمة قيد التشكل تتعلق ببرنامج الحكومة، وبالعلاقات اللبنانية - السورية، في ضوء القرار الأردني - السوري المشترك بإعادة فتح معبر نصيب، صلة الوصل، والمعبر الحيوي البري للبضائع والمنتوجات اللبنانية إلى العالم العربي وافريقيا.
المعلومات تلتقي عند ان الرئيس المكلف سيزور بعبدا اليوم، مع انتهاء مهلة الايام العشرة التي حددها في اطلالته التلفزيونية الخميس في 4 ت1 الجاري.
ورجّح مصدر مطلع ان يحمل معه مسودة حكومة، تراعي الأسس التي اعتمدها لجهة ان تكون هناك حكومة وحدة وطنية، تبدو مطلوبة في هذه المرحلة، للشروع بإجراءات اقتصادية وإدارية ومالية تبدو ضرورية لوضع مقررات «سيدر» موضع التنفيذ، حفاظاً مع ما تعتبره فرنسا مكاسب للبنان، لا يجوز الاطاحة بها..
ولم يستبعد مصدر مطلع ان تأخذ المشاورات الجارية بعض الوقت، مشيراً إلى تعقيدات ما تزال تعترض الحكومة، وستؤدي إلى استمرار تأخيرها، ما لم يُبادر رئيس الجمهورية إلى الحد من معايير باسيل، التي تؤثر سلباً على جهود التأليف.
واعتبر المصدر أن ما يجري في المنطقة من شأنه ان يعطي الفرصة للنفاذ إلى الخروج من المأزق الحالي، وعدم البقاء في دائرة التأثر سلباً أو إيجاباً بالمناخات السياسية والاقتصادية الضاغطة على العلاقات والنظام الإقليمي - الدولي في الشرق الأوسط.
وفي هذا الاطار، اكد الرئيس الحريري تضامنه مع المملكة العربية السعودية في مواجهة الحملات التي تستهدفها، وقال في تصريح له اليوم: أن المكانة التي تحتلها السعودية في المجتمعين العربي والدولي يضعها في مصاف الدول المركزية المؤتمنة على استقرار المنطقة ونصرة القضايا العربية، والحملات التي تنال منها تشكّل خرقاً لهذا الاستقرار ودعوة مرفوضة لجر المنطقة نحو المزيد من التطورات السلبية.
إنتهاء مُهلة الأيام العشرة
سياسياً، انتهت أمس، مهلة الأيام العشرة التي كان الرئيس المكلف سعد الحريري قد حددها لولادة الحكومة العتيدة، من دون ان تطرأ أية حلحلة على مساعي إخراج التشكيلة الحكومية من عنق الزجاجة، وبدا ان كل المساعي والجهد والاتصالات التي حصلت خلال الأيام العشرة، ومنها ضخ أجواء تفاؤلية لم يكن لها ترجمة فعلية على أرض الواقع بعد، بفعل الخلافات المشحونة بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» والتي يبدو انها تجاوزت الصراع على الحصة الحكومية، بحيث باتت تحتاج إلى تفاهم جديد بين الطرفين يتجاوز «تفاهم معراب» حول «تقاسم جبنة السلطة» إلى تكريس حالة من المصالحة المسيحية الحقيقية، إذا ارتؤي لهذا العهد الذي جاء بتسوية سياسية شاركت فيها «القوات» مع تيّار «المستقبل» ان ينطلق حقيقة، وان يحقق طموحاته بالاصلاح والتغيير، والا فإنه سيبقى أسير التجاذبات والمماحكات حول الاحجام والحصص، حتى ولو نجح الرئيس المكلف في تأليف حكومة، بتركيبة وسطية «بالتي هي أحسن» أو «أفضل الممكن»، فلن تستطيع هذه الحكومة ان تنتج في ظل استمرار «النكد السياسي» الذي يطبع العلاقات بين أطرافها.