ارشيف من :آراء وتحليلات

ماذا يعني فتح المعابر السورية مع الدول المجاورة ؟

ماذا يعني فتح المعابر السورية مع الدول المجاورة ؟

يوما بعد يوم، تقتنع الدول الغربية والاقليمية التي اعتدت على سوريا وعلى سيادتها وعلى شعبها، ان الاخيرة صمدت وانتصرت، وهي اقوى بكثير مما اعتقدوا، اولا بقدراتها الذاتية الاسطورية، وثانيا بصلابة والتزام حلفائها، بمختلف اتجاهاتهم كدول او كاحزاب، وحيث لم تعد تستطيع تلك الدول المعتدية على سوريا، التملص من هذه الحقيقة (سوريا انتصرت)، بدأنا نشهد الاجراءآت التي تترجم عمليا مظاهر السيادة السورية، وباساسها فتح المعابر الحدودية مع الدول المجاورة، وبشكل رسمي.
 
في الحقيقة، لا يمكن التوقف عند معاني فتح الحدود السورية مع الدول المجاورة من الناحية الاقتصادية فقط، كما يروج البعض ممن غفلوا الجوانب الاخرى الاكثر اهمية، فالاقتصاد مهم وضروري، وسلوك حركة البضائع مع سوريا دخولا او خروجا مهم ايضا، ولكن تبقى العناصر المعنوية التي تدخل ضمن اسس السيادة السورية هي الاساس، وهي المحرك الرئيس لموافقة الدولة السورية على فتح تلك المعابر الحدودية.

لناحية المعابر مع لبنان، والتي لم تُقفل طيلة فترة المواجهة الدامية على قسم غير بسيط من الحدود اللبنانية ـ السورية، بين الجيش العربي السوري وحلفائه من جهة وبين المسلحين (الارهابيين وغيرهم من جهة اخرى)، كانت هذه المعابر دائما خلال تلك المواجهة، شريان مهم ورئيس بين البلدين، جمع التبادل التجاري مع الحركة الاقتصادية وتواصل المواطنين السوريين واللبنانيين بالاتجاهين، والاهم ان هذا الشريان أمّن الطريق او المحور الرئيس للدعم العسكري والميداني الذي قدمته المقاومة اللبنانية (حزب الله) للدولة السورية.

من هنا، كانت اهمية المعابر السورية مع لبنان، ولكن تبقى برغم اهميتها، طبيعية وعادية بحيث لم تُقدم شيئا جديدا اليوم مقارنة مع الامس، حيث كانت دائما مفتوحة.
 
لناحية المعابر مع تركيا، لعبت تلك المعابر، وخلال كامل فترة الاحداث السورية، دوراً مؤذياً ومؤثراً بشكل جد سلبي على الدولة السورية، حيث كانت تُعتبر محاور الامداد والدعم والتجهيز للحرب على سوريا، بالعتاد  والاسلحة وبالاموال المدمرة وبالارهابيين الاجانب، او المحليين الذين طالما استعملوا الاراضي التركية كمنطقة ربط مع الداخل السوري، وحيث ما زالت هذه المعابر الشمالية اليوم تلعب تقريبا نفس الدور السلبي سابقا، مع انها تستعمل ايضا لنواح لوجستية لمصلحة المواطنيين السوريين، دون تأثير سلبي امني او عسكري على الدولة السورية، الى حد ما، فهي كما يبدو، تتحضر للعودة الى إدارة وسيادة الدولة السورية، بانتظار اكتمال التسوية الروسية التركية، والتي لن تكون خاتمتها ـ مهما اختلفت مناورة تظهيرها ـ الا بعودة السيادة السورية كاملة على الشمال السوري مع المعابر الحدودية مع تركيا.

لناحية المعابر مع الاردن، والتي ستُفتح قريبا جدا، مع اعلان ذلك بشكل رسمي متزامن بين الدولتين، السورية والاردنية، جاء الاخراج على هذا الشكل لفتحها، تماما كما ارادت الحكومة السورية ـ وكما يجب ان يكون قانونا وديبلوماسيا ـ تعبيرا عن اعتراف اردني رسمي بسيادة الدولة السورية بحكومتها وبرئيسها، الامر الذي طالما تحاشاه الاخوة الاردنيين طيلة فترة الحرب السورية، لضغوط خارجية لا شك، وايضا لنزعة عربية مشبوهة، راودت عددا من الدول العربية في وقت ما، ربما تخلصوا منها اليوم، وبعد ان لمسوا لمس اليد ، ان رهاناتهم على هزيمة الدولة والنظام في سوريا هي سراب ووهم بعيد المنال.

أما لناحية المعابر مع العراق، فربما تكون عند افتتاحها وعودتها كاملة الى رعاية وادارة الدولتين العراقية والسورية فقط، بالاضافة لكونها شريانا اقتصاديا وحيويا مهما لكل من لبنان وسوريا والعراق، ستكون المؤشر الاكثر تعبيرا عن اكتمال السيادة السورية على كامل جغرافيتها، والاهم من ذلك، ان عودتها المرتقبة هذه، ستكون المؤشر الرئيس على اعتراف الاميركيين بفشل رهانهم على قطع الامتداد الاستراتيجي بين دول محور المقاومة، من ايران الى لبنان مرورا بالعراق وسوريا، وبالتالي ستكون بوابة الحل الصحيح لنهاية الحرب على سوريا.

2018-10-15