ارشيف من :مقالات
هل للبنان من فتح المعابر مع سوريا.. ’نصيب’؟
على استحياء مرّ خبر الاتفاق السوري - الأردني على إعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي بين البلدين، على شاشة تلفزيون "المستقبل". "الحياء" الإعلامي الذي منع الشاشة الزرقاء من ذكر المنفعة الاقتصادية الكبيرة المرتقبة من إعادة تنشيط حركة التجارة والأفراد عبر هذا المعبر، لم يقابلها حياء على مستوى القرار السياسي لدى أصحاب الحلّ والعقد في تيار "المستقبل".
وفيما ينشغل الطقم السياسي اللبناني في تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب على الأفرقاء السياسيين، سُجّلت في الساعات القليلة الماضية خطوة متقدّمة في سياق إعادة ترتيب المشهد السياسي - السيادي العام في سوريا. شكّل إعادة فتح معبر جابر - نصيب، أولى مؤشرات إعادة الحرارة إلى خطوط التواصل بين دمشق وعمّان. عمّان التي باتت تتعاطى بواقعية أكبر مع التطورات الحاصلة في سوريا لجهة استعادة الحكومة هناك لزمام المبادرة على المساحة الأكبر من البلاد.
الواقعية الأردنية التي دفعت رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز، إلى القول إن بلده يرحّب بعودة السفير السوري وتبادل السفراء، وإن سوريا "جار يسعى الأردن إلى إعادة العلاقات معه"، لم تتسرّب بعد إلى رئيس الحكومة المكلّف في لبنان، ولا إلى فريقه السياسي - الإعلامي، على الرغم من تزايد عدد الوفود الرسمية اللبنانية التي تزور دمشق بشكل مطّرد.
وفي هذا السياق، تقول مصادر متابعة لجولات عدد من الوزراء اللبنانيين إلى دمشق في الآونة الأخيرة، إنه على الرغم من عدم وجود سياسة حكومية لبنانية رسمية واضحة بعد حيال طريقة التواصل والتعاطي مع الحكومة السورية حول الملفات العديدة المشتركة، ومنها الملفات الاقتصادية، إلا أن دمشق لن تعرقل مرور البضائع والشاحنات اللبنانية عبر معبر نصيب. وفي ظل الإيجابية السورية هذه، أتت الموافقة على استيراد الموز اللبناني في المهلة حتى أواخر شهر نيسان من العام المقبل. الإيجابية السورية هذه لا تعني أن دمشق ستقبل باستمرار "الوضع المبتور" بين البلدين، إلا أنها تنتظر تبلور الأمور على خطّ تشكيل الحكومة اللبنانية، لتبني على سياستها حيالها المقتضى المناسب. والمهلة المعطاة لمواصلة استمرار استيراد الموز اللبناني، قد تكون كافية لتبلور سياسة سورية مناسبة بشأن التعامل الرسمي المتبادل مع لبنان.
وفي حين تتحضّر 5 آلاف شاحنة أردنية لاستئناف حركة الشحن إلى سوريا وعبرها إلى لبنان وتركيا وأوروبا، يستعد المزارعون وسائقو الشاحنات في لبنان لاستئناف حركتهم، بمعزل عن المواقف السياسية التي أدّت إلى تكبّدهم خسائر بلغت نحو 10 مليارات دولار منذ إقفال المعبر قبل ثلاث سنوات.
في هذا الصدد، تعتبر السفيرة اللبنانية في الأردن ترايسي شمعون، أن إقفال معبر نصيب أضر باقتصاد لبنان كما الأردن، وتؤكد أن فتح الحدود هو "إنجاز يصب لمصلحة لبنان"، داعية اللبنانيين إلى تخطي الخلافات السياسية، لما فيه مصلحة لبنان واقتصاده.
مصادر اقتصادية لبنانية، تأمل أن يواكب المعنيّون في لبنان الانفتاح العربي - الغربي على سوريا إثر استقرار الوضع الأمني فيها إلى حدّ كبير. تضع المصادر الاعتبارات السياسية والخلافات الداخلية جانباً، وتتحدّث من زاوية الحاجة الماسّة للبنان للاستفادة من أية فرصة لتحقيق الانفراج الاقتصادي من خلال إعادة بثّ الروح في عجلة تصريف الإنتاج الزراعي والصناعي اللبناني إلى الخليج وغيره من الأسواق عبر الأراضي السورية، التي تعتبر المنفذ البري الوحيد للبضائع اللبنانية نحو الأسواق الخارجية.
الإسراع في تأمين كل الترتيبات اللازمة لدفع عجلة الشاحنات اللبنانية نحو المعابر السورية، ومنها إلى الأردن والخليج، حاجة لبنانية ملحّة بعيداً عن قيود المواقف المرتفعة السقف التي واكبت جنون مرحلة العدوان العالمي الذي واجهته سوريا في السنوات الماضية، والتي جعلت أطرافاً لبنانية كثيرة أسيرة لمواقفها تلك.
على أي حال، تبدو الفرصة مؤاتية لهذه الأطراف، وخصوصاً للرئيس المكلّف سعد الحريري، للاستفادة من اللحظة، حيث تتجه كل الأطراف في المنطقة والإقليم نحو التنسيق العلني والمعلن مع سوريا، على تخوم مرحلة إعادة الإعمار التي ستشهدها البلاد. وعليه، وكمخرَج لتلافي الإحراج، تقترح مصادر سياسية مواكِبة على الحريري، الإيعاز لفريقه السياسي والإعلامي، التزام الصمت الإيجابي حيال ملف العلاقة مع سوريا، مستفيداً من أمرين: انشغال السعودية في وحول أكثر من ملف شائك. والانطلاقة الجديدة التي ستؤمّنها له الحكومة المنتظر تشكيلها في بيروت، والتي سيكون عنوانها العريض اقتصادي من بوابة "سيدر".