ارشيف من :مقالات

 العودة ’الطوعية’ للنازحين السوريين.. المبادرات تتوسّع 

 العودة ’الطوعية’ للنازحين السوريين.. المبادرات تتوسّع 

تُجمع مختلف القوى السياسية على أنّ أزمة النازحين السوريين تكاد تكون من أخطر القضايا التي يواجهها لبنان. قد لا يتسّع المقال لذكر التداعيات المتشعبة والخطيرة لهذه الأزمة، والتي باتت شبه معروفة للجميع، بدءاً من انتشار المخيمات العشوائية، وليس انتهاء بالآثار السلبية على الأوضاع الديموغرافية، الاقتصادية، الصحية والاجتماعية. الأرقام في هذا الصدد مُخيفة. العديد من الدراسات والأبحاث التي أجريت دقّت ناقوس الانذار من تفاقم الأزمة، ولكن للأسف لا من سميع ولا مجيب. دور وزارة  شؤون النازحين يكاد يغيب بالكامل لولا متابعة بعض الامور اللوجستية، رغم القرار الواضح والصريح من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بضرورة إعادة النازحين الى بلدهم. يرفض عون كل مماطلة أو مقايضة في هذا الملف الكياني. شاهدناه مؤخراً كيف رفع في الجمعية العامة أعباء النزوح السوري على خريطة لبنان، معبّراً عن الموقف "الساعي لتثبيت حق العودة الكريمة والآمنة والمستدامة للنازحين الى أرضهم". 

وفيما يخضع ملف إعادة النازحين السوريين للكثير من التجاذبات السياسية، ومحاولات البعض قطع طريق العودة والاصطياد بالماء العكر، لصالح حسابات اقليمية ودولية. كانت المبادرات الحزبية بتسهيل العودة الطوعية. حزب الله أول من خاض هذه التجربة اللافتة، والتي آتت أكلها، فشهدنا إعادة آلاف النازحين، بالتعاون مع الأمن العام اللبناني. تجربة حزب الله المشجّعة "فتحت عيون" "الحزب اللبناني الواعد"، وفق ما يؤكّد رئيسه الاستاذ فارس فتّوحي لموقع "العهد الإخباري"، فكان أن أطلق المشروع الوطني لإعادة النازحين السوريين الى بلدهم. يتمنى فتّوحي أن تُعمّم هذه التجربة على كافة الأحزاب. المبادرة التي أطلقها حزب الله بالتعاون مع الأمن العام مهمة جداً، وعلى الجميع ملاقاتها. يدعو فتّوحي للابتعاد عن الشعارات والانطلاق نحو العمل. "مختلف الأحزاب تئن اعلامياً من التواجد السوري، لكنها لم تملك الجرأة للتحرك على الأرض والمساهمة في معالجة هذه المعضلة التي تهدّد مجتمع بأكمله" كما يقول. 

 

 العودة ’الطوعية’ للنازحين السوريين.. المبادرات تتوسّع 

 

يُشدّد فتّوحي على أنّ العمل على إعادة النازحين لا يمكن إدراجه سوى في سياق الواجب والمبادة الوطنية الضرورية لانقاذ لبنان مما يواجهه من تداعيات خطيرة. واجب على أي حزب لبناني ملاقاة خطوة حزب الله، ودعوة رئيس الجمهورية الذي كان أول من أطلق عجلة العودة. يتحدّث فتّوحي عن استراتيجية حزبه، فيلفت الى أن لدى الحزب هيكيلة كاملة للمشروع، وهي خلاصة عمل امتدّ لأشهر. منسّقو الحزب المنتشرون في مناطق كسروان سيتوجّهون الى أماكن انتشار النازحين السوريين لاستطلاع الراغبين بالعودة وتعبئة طلبهم، لارساله الى الأمن العام، وعندما تأتي الموافقة، يعمد المنسقون الى الاتصال بالنازحين، وتأمين المتطلبات اللوجستية للعودة. وهنا يُشير فتّوحي الى أنّ الحزب استقبل 53 طلباً من مناطق في كسروان خلال أربعة أيام، آملاً أن تُعمّم التجربة الى مناطق خارج كسروان. وهنا يلفت الى أنّ لدى الحزب استراتيجية الانتشار، فهذه المبادرة تعني كل شخص لبناني. الهدف الأول والأخير يكمن في تسهيل العودة، ومساعدة السلطات اللبنانية المختصة للمساهمة ولو بالحد الأدنى في القضاء على هذه الأزمة الخطيرة. 
 
ليس من مصلحة أحد بقاء النازحين في لبنان. لازمة يكررها رئيس "الحزب اللبناني الواعد". برأيه، فإنّ بعض تحركات المجتمع الدولي التي عملت على دعم النازحين لإبقائهم في لبنان، هي خطوات "مدبّرة" مع أطراف في الداخل اللبناني، وغير بريئة. هناك جهات مشبوهة تعمل على إبقاء النازحين في لبنان لأسباب اقليمية ودولية، وهذا أمر مرفوض بتاتاً، ويجب أن لا يجري السكوت عليه. يسأل فتّوحي أولئك المهتمين بدعم النازحين في لبنان بدل تشجيعهم على العودة، لماذا لا يجري دعم هؤلاء النازحين بعد عودتهم؟، أليسوا مهجّرين، بعضهم فقد منزله، والبعض الآخر خسر عمله؟. يُطالب فتّوحي الجميع بعدم السكوت عن هذه المهزلة التي تحمل نوايا خبيثة لن يكون نتيجتها سوى إغراق لبنان في المشاكل أكثر فأكثر. 

إذاً، اتخذّ حزب الله المبادرة لما فيه مصلحة الوطن، فلاقاه "الحزب اللبناني الواعد" في منتصف الطريق، عسى ولعلّ تفتح هذه الخطوة عيون الأحزاب الأخرى للمساهمة في تأمين عودة طوعية مشرّفة للنازحين.

2018-10-17