ارشيف من :مقالات

الشتوة الأولى في طرابلس: نعمة ونقمة

الشتوة الأولى في طرابلس: نعمة ونقمة

أولى بوادر الشتاء في طرابلس، كانت منذ أيام، حيث شهدت المدينة تساقط كميات كبيرة من الأمطار، للمرة الأولى لهذا العام. ومن المنتظر، بحسب توقعات الأرصاد الجوية، أن يحمل هذا الفصل معه المزيد من الأمطار التي ستهطل بغزارة خلال الأيام القادمة، وطيلة فصل الشتاء.

"هي بادرة خير"، بتلك العبارة استقبل مزارعو طرابلس والمنية والبداوي وعكار الشتوة الاولى، حيث أملوا، وتضرعوا الى الله، بالمزيد من المتساقطات، التي يعولون عليها لتروي الأراضي الزراعية وتملأ الآبار الجوفية، بعدما سجل في العامين الماضيين مئات حالات الجفاف في الآبار والينابيع التي تغذي البيوت والأراضي الزراعية، ما اضطر الكثير من الأهالي والمزارعين الى شراء المياه طوال أشهر الصيف.

موقع "العهد الإخباري" كانت له جولة على  المزارعين، بمن فيهم مزارعو الزيتون الذين بدأوا موسم القطاف. المزارع أحمد الحسين، استبشر خيراً، بكمية المتساقطات "نحن نعول دائماً على أول شتوة لقطاف معظم المواسم، أهمها موسم الزيتون". يتابع الحسين " بالإضافة الى موسم القطاف الذي يبدأ بعيد أول شتوة، فقد بدأ العديد من مزارعي الخضار في تجهيز أراضيهم وتهيئتها للزراعة، عبر  رش السماد وتجهيز البذور، لكي تصبح جاهزة وتتزامن مع بدء موسم تساقط الامطار".

الحفريات والأمطار تزيد من هموم المواطنين

إنتظار هطول الأمطار بفرح لدى المزارعين، يقابله قلق لدى آخرين في طرابلس، ممن يعيشون حكايات مأساوية، نتيجة الإهمال الذي  تظهر معالمه مع أول شتوة، إذ تتحول الطرقات الى ما يشبه برك المياه، جراء فيضان المسارب والقنوات والسواقي غير المجهزة أصلاً لاستيعاب تلك الكميات الكبيرة من مياه الامطار. أو لأنها مليئة بالأوساخ والتراكمات ما يمنع المياه من سلوك مجراها، ويدفع بها الى التراكم في الطرقات والشوارع، وهو ما يتسبب بزحمة سير خانقة. إضافة الى ذلك، يأتي الشتاء هذا العام، وقد غرقت معظم طرقات المدينة بالحفريات التي قطعت أوصال المدينة وأغلقت طرقاتها. وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول كيفية تخطي هذه العقبة عند أول شتوة؟

تلك الصورة،  دفعت بالعديد من أبناء طرابلس، الى رفع الصوت عالياً بوجه بلدية المدينة للإسراع في تحريك فرق الصيانة وورش التنظيف، لتنظيف قنوات تصريف مياه الأمطار والعبّارات والسواقي ومجاري الأنهر، عل ذلك يجنب المواطنين الكوارث خلال تساقط الأمطار، كما يحصل  في كل عام. وهمهم من ذلك، ان يمنعوا  تكرار ما حدث في الأعوام الماضية نتيجة تقاعس طواقم الصيانة في البلدية من القيام بعملها. وطالب الأهالي البلدية بتحريك الفرق سريعاً، لاجراء كشف ميداني لكافة الطرقات والشوارع وأقنية المياه، قبل  أن تحل الكارثة، وهذا الوقت الآن هو بمثابة  فرصة  للمسؤولين، من أجل معالجة المشاكل التي ستؤدي حتما الى كوارث داخل الشوارع.

ويشير الأهالي، الى أنه في حال لم تتحرك البلدية سريعاً، فإنهم سيكونون حتماً أمام تكرار للاضرار التي وقعت السنة الماضية. حيث فاضت شوارع طرابلس بمياه الامطار ما أدى الى تضرر الكثير من المنازل والمحال التجارية، وما زاد الطين بلة، ان كل المتضررين لم يحصِّلوا حتى الساعة، أية مساعدات أو تعويضات من هيئة العليا للاغاثة، التي اقتصر عملها على الكشف عن الاضرار فقط.

من جهتها، تشير بلدية طرابلس الى أن فرق الصيانة والاشغال أصبحت جاهزة لمواكبة فصل الشتاء هذا العام، وبحسب رئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدين، فإن ثمة  قرارا صدر، الى جميع العاملين في فرق الصيانة والتنظيف، ليكونوا على أهبة الاستعداد لاي طارئ يحدث خلال تساقط الامطار. كذلك أكد رئيس البلدية، أنه لا صحة للمعلومات التي  تتداول في المدينة، عن إمكانية عودة تراكم للنفايات في الشوارع، خاصة في فصل الشتاء، وتكرار ما حصل العام الماضي، إثر امتناع شركة "لافاجيت" عن جمع النفايات من شوارع المدينة وطرقاتها بالتزامن مع هطول الأمطار، ما أدى الى اختلاط المياه بالنفايات، وتلوث المياه بعصارات النفايات السامة وتسربها إلى باطن الأرض، والتأثير سلباً من الناحية الصحية على مياه الشرب والريّ معاً.

أمام هذا الواقع، بدأت تطرح تساؤلات جدية في طرابلس، عن جهوزية فرق البلدية واستعداداتها لمواجهة الأخطار الناجمة جراء المياه والعواصف، لكن التساؤل الأهم هو هل قامت البلدية بتحضير نفسها والقيام بواجبها قبل حلول الكارثة؟ سؤال حتماً ستجيب عليه الأيام القادمة.

2018-10-20