ارشيف من :مقالات

’العهد’ يلتقي الدفعة الأولى من محرري السويداء

’العهد’ يلتقي الدفعة الأولى من محرري السويداء

اختُطِفوا في الفجر وحُرِروا في فجر آخر، وبين الفجرين طال الظلام حتى جاء الإنعتاق على يد رجال الجيش العربي السوري، الذين حشروا التنظيم التكفيري في المربع الأخير من تلول الصفا وأرغموه على عزل المواطنين المختطفين في مربعات صغيرة، ليقتنص الجيش حالة الإرتباك التي عاشها مقاتلو التنظيم التكفيري وينجح في التسلل إلى المكان محررا الأسرى.

في مبنى المحافظة، وقبل طلوع الشمس، كان المحافظ وقائد الشرطة ينتظران المواطنين المحررين مع حشد كبير من ذويهم مواطنين جاؤوا ليطمئنوا على مصير أبنائهم الذين لا يزالون قيد الأسر. يتحلق أطفال السيدة عبير شلغين حولها وكأنهم لم يتحسسوا بعد نسائم الحرية. الشعر "المحلوق على الصفر" لإبنها يعرب الجباعي جعله عاجزا عن كسر قضبان الخوف الذي زرعه الإرهابيون حين جزوا الأمان من قلبه. احتاج وبقية اخوته وقتاً كافياً لمعرفة أن الوجوه المحدقة بهم في مبنى المحافظة هي وجوه صديقه، شجعه على ذلك وصول أقاربه للمكان، وأهازيج الإحتفاء التي أطلقتها النسوة المرحبات بالمحررين والتي عرف بحسه الطفولي أنها لا يمكن أن تَهدُر هكذا بوجود التنظيم التكفيري.

هنأنا السيدة عبير بسلامتها فردت بابتسامة حملت عناوين شتى للحزن. سألناها عن مكان إقامة المخطوفين هناك فأجابت بأن الجميع أقاموا في غرفة كبيرة تحت الأرض لا تصلح للسكن الإنساني نهائياً. حول معاملة الدواعش للمخطوفين قالت "الوجوه كانت عابسة وكالحة،  يبدو أن انشغالهم بالمعارك مع الجيش السوري لم يمنحهم الوقت الكافي للتنكيل بنا، لكننا كنا نعيش حالة من الرعب في كل لحظة، فنحن لدينا أفكار مسبقة عنهم وعن إجرامهم وشاهدنا ما فعلوه سابقا بأسراهم في أكثر من مكان حول العالم"، مضيفة "شكل أولادي همي الأول والأخير، ورغم ثقتنا بجيشنا والقيادة فإنني كنت أخاف من يوم يسوقوننا فيه إلى الإعدام، لم أكن أعرف ماذا كان ليحدث لو أصاب أحد أولادي مكروه وأنا عاجزة عن فعل شيئ، لو قتلوني قبلهم فهذه مصيبة ولو قتلوهم قبلي فهذه ستكون مصيبة أكبر، الحمد لله أننا عدنا بخير ونسأل الله وقيادتنا أن تبذل قصارى جهدها من أجل تحرير بقية المخطوفين الذين عاشوا معنا ولا يزالون كامل هذه المآساة".

’العهد’ يلتقي الدفعة الأولى من محرري السويداء

المحررة رسمية أبو عمار شرحت لموقع "العهد" الإخباري كيف ساقهم الدواعش من منازلهم إلى أماكن الخطف في عمق البادية "كل من كان يقصر في المشي كانوا يقتلونه حتى لا يؤخر انسحابهم، شعرت لأكثر من لحظة بأنني قد ألقى هذا المصير، بدا واضحا بعد احتجازنا عندهم أنهم حريصون على بقائنا أحياء لأننا قد نكون فرصة نجاتهم الوحيدة من خلال المفاوضات وربما لهذا السبب لم يقوموا بإيذائنا جسديا".

مخطوفون على قيد الإنتظار ووعود حكومية بالفرج

بعد تهنئة المحررين بسلامتهم، جلس في الركن رجل في العقد الخامس من العمر لم يملك أن يحبس دموعه، وهو ينظر إلى الفرح المرتسم على الوجوه، اقتربنا بحذر وحياء منه لنسأله عن حاله، كان رجلا ممن كتب له أن يخرج صبيحة ذلك اليوم المشؤوم من بيته قبل حلول الفجيعة لترده الأخبار تباعا عن اقتحام الدواعش للبيت وقيامهم بخطف زوجته وكامل أطفاله ليوزع رجاءه في كل مكان "أتكل على الله أولا وأخيرا وعلى الجيش والقيادة وعلى الدول المتعاونة وحزب الله المقاوم في تحرير كامل أسرتي".
   
أمين فرع حزب البعث العربي الإشتراكي في محافظة السويداء فوزات شقير أكد لموقع "العهد" الإخباري بأن ما شاهده على وجوه هؤلاء المواطنين المحررين لم يكن مفاجئا له "هؤلاء الدواعش لا يعرفون من الإنسانية أي شيئ فهم وحوش وكفرة وقتلة وسفاكوا دماء".

محافظ السويداء عامر العش أوضح لموقع "العهد" الإخباري أنه تم تنفيذ عملية عسكرية محكمة ودقيقة وتمكنت فيها القوات السورية من تحرير هؤلاء المختطفين وستتم محاصرة المتبقي من فلول "داعش" في تلول الصفا لتحرير باقي المختطفين وعودتهم سالمين ان شاء الله إلى أهلهم في محافظة السويداء".

الأمل يتسع

تحرير الدفعة الأولى من مختطفي السويداء ترك انطباعا إيجابيا لدى الأهالي، ولا يزال التنظيم التكفيري يحتجز عددا من النساء والأطفال في آخر معاقله في تلول الصفا بريف السويداء الشرقي.

2018-10-20