ارشيف من :مقالات
تمثيل النواب السنة: هل يخضع الحريري؟
فيما لا يزال رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يثابر على حل العقد التي تحول دون الإعلان عن الحكومة، ومع ما يشاع عن شبه حلول بدأت تلوح في الأفق، وما رافقها من مؤشرات إيجابية توحي بأن تشكيل الحكومة بات قاب قوسين أو أدنى، يرفض الرئيس المكلف الاعتراف بوجود شريك أساسي في حصته الوزارية السنية، وهو لطالما أصر على عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات النيابية، والتي أدت الى فوز 10 نواب سنّة من خارج نسيج تيار "المستقبل".
لا تزال العقبات السياسية تحول دون إقدام الحريري على تقديم أسماء الوزراء في الحكومة المقبلة، وبدأت تطفو الى السطح عقبة تمثيل النواب السنة من خارج تيار "المستقبل"، خصوصاً أن الرئيس المكلف لا يزال حتى اليوم، يرفض طرح الموضوع على مائدة البحث أو إعطاء حصة وزارية للنواب السنة، على قاعدة وزير لكل أربعة نواب، وإذا ما أصر الحريري على موقفه، فلن تكون الحكومة المقبلة حكومة وحدة وطنية جامعة.
لم تكن نتائج الانتخابات النيابية التي جرت منذ قرابة 6 أشهر، كما يشتهي تيار "المستقبل" ورئيسه، إذ أفرزت النتائج فوز 10 نواب سنّة من أصل 27 نائباً سنّياً في البرلمان من خارج خيمة "التيار الأزرق"، وهو ما أدى الى تراجع عدد نواب كتلة "المستقبل"، والتي تضم مسلمين ومسيحيين، من 33 نائباً إلى 20 نائب فقط. بالإضافة الى ذلك وفي عودة بسيطة الى قراءة في الأرقام، تظهر النتائج أن النواب الـ10 السنة، حازوا قرابة 45 % من أصوات الناخبين السنّة في لبنان، وهذه النسبة انتزعها هؤلاء من عباءة استئثار الحريري في تمثيل الطائفة السنية على مدى عشرة أعوام، وهو ما يعطي الحق الطبيعي للنواب المعارضين بتمسكهم بالتمثيل في الحكومة.
أين الحريري من قاعدة التوزير؟
قبل الانتخابات النيابية كانت كتلة الحريري النيابية تضم 33 نائباً، وعلى هذا الأساس كانت تحظى وتستأثر بالتمثيل الكامل من حصة الطائفة السنية، وبقيت على ذلك المنوال مدة عشر سنوات. لكن اليوم، ومع تراجعها إلى 20 نائبا، فمن الطبيعي أن يتراجع عدد ممثليها في الحكومة، وفق القاعدة التي وضعها الحريري بنفسه. لكن وعلى ما يبدو أن الحريري قد استثنى نفسه من تلك القاعدة، وهو يصرّ على حصر تمثيل السنّة في الحكومة بتياره الأزرق فقط، والقفز فوق نتائج الانتخابات، وهو ما تسبب ببروز العقدة السنّية التي كان يمكن تجاوزها لو تعاطى الحريري معها بواقعية.
من جهتهم، يصر النواب السنة من خارج التيار على عدم تخطيهم في التشكيلة الحكومية، ويعتبرون أن حجة الرئيس المكلف غير ناجحة في عدم تصنيفهم على أنهم حزب سياسي، بل "تجميع نواب"، وهم ردوا على الحريري بالقول "اننا نواب نمثّل الطائفة وشرائح وطنية واسعة من الشعب اللبناني وان الخفّة في كيل الاهانات لنا هي اهانة للطائفة ولمن نمثّل" ، متمنين على الحريري: "ان يخفّف من توتّره ويواجه الحقيقة بصلابة وحكمة رجل دولة مسؤول، وقد تكون الحقيقة مرّة عليه لكن هذا لا يقلّل على الاطلاق من كونها حقيقة عليه التعامل معها بهدوء وروّية تحفظان لموقع رئاسة مجلس الوزراء هيبته التي نحرص عليها جميعاً".
مما لا شك فيه أن الرئيس الحريري لم يعد وحده من يمثل الشارع السني، وهو بات له من يشاركه قرابة نصف التمثيل، وبالتالي فإن تمثيل النواب السنة من خارج التيار الازرق في الحكومة هو حق، لا يحتاج الى منّة من أحد، فهل يرضخ الحريري للأمر الواقع ويعطي شركاءه في تمثيل الطائفة حقهم الطبيعي، ويكون بذلك قد فتح كوة في جدار العلاقة المتردية معهم، أم أن الحريري ما زال يصر على ممارسة الأحادية السنية المتمثلة في تياره، ولن يعترف، أقله بينه وبين نفسه، أن الانتخابات الأخيرة أظهرت وجود ثقل سني خارج "المستقبل"؟