ارشيف من :مقالات

ضحايا السيول يستغيثون بالهيئة العليا للإغاثة.. والاخيرة عاجزة!

ضحايا السيول يستغيثون بالهيئة العليا للإغاثة.. والاخيرة عاجزة!

في لبنان، عليك أن تتوقّع أي شيء يحصل إذا ما باغتك سيل أو عاصفة أو أي تغير مناخي. هشاشة البنى التحتية كافية لتنذرك بأسوأ العواقب. فقد تجد نفسك في منزل يفتقر أدنى مقومات العيش. قد تضطر لإلغاء مواعيد مهمة ربما، فالطريق غير سالك، وفيه ما فيه من فيضانات، بفعل البنى التحتية المهترئة. تماماً قد تجد "رزقك" من مزروعات وغيرها في خانة الكساد. ولعلّ تجربة البقاع الشمالي قاسية في هذا المجال. أهله ذاقوا الأمرين وشهدوا خسارات وأضرار لا يقوون على تحملها، خصوصاً أنّ معظمهم يعتاش على الزراعة. 

ولدى الحديث عن أضرار، سرعان ما نستحضر مهمة الهيئة العليا للإغاثة، سائلين عن تعويضاتها ليس في البقاع الشمالي فحسب بل في كل لبنان. ووفقاً لمعلومات موقع "العهد" الإخباري فإنّ قيمة الأضرار التي حصلت عامي 2017-2018 قدّرت بحوالى ثمانين مليار ليرة على مستوى مختلف المناطق اللبنانية، لم يُدفع منها قرشاً واحداً. يبلغ نصيب البقاع الشمالي منهم حوالى النصف، أي حوالى أربعين مليار ليرة لبنانية. وهو مبلغ كبير نسبياً إذا ما جرت مقارنته بأعداد العائلات المتضررة، والتي وجدت نفسها فجأة بلا مصدر رزق تعتاش منه، ولابعض بلا مأوى. فماذا عن التعويضات ولماذا لم تُدفع حتى الآن؟. 

لا يخفي عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي المقداد استياءه الشديد من المماطلة في التعويض على الأهالي. يؤكّد أنّ الصرخات التي نُطلقها في هذا الصدد مراراً لم تطلق حباً بالكلام، بل نابعة من "حرقة قلب" ووجع العائلات التي باتت تعتاش على الدين. بعض هذه العائلات، وفق ما يوضح المقداد، اضطر للاقتراض أملاً بالموسم المفترض لسداد ديونه. يلفت المقداد الى أنّ آلية مسح الأضرار لم تعد كما السابق من قبل الدولة، فالأضرار باتت كثيرة، ولاحظنا في الآونة الأخيرة ازدياد حدة السيول والعواصف، ما يدفع اتحاد البلديات الى القيام بالمهمة، عبر توثيق الأضرار وتصويرها، ليتم تسليمها بواسطة الجهات السياسية الى الهيئة العليا للإغاثة. يُشدّد المقداد على أنّ أضرار عام 2017، وأضرار سيول حزيران/ يونيو لهذا العام الكارثية لم يُدفع منها قرشاً واحداً، والآن نضيف اليها أضرار السيول الأخير، لتكبر المعاناة وتتوسّع. 

 

ضحايا السيول يستغيثون بالهيئة العليا للإغاثة.. والاخيرة عاجزة!

 

يأخذ المقداد ـ وهو ابن البقاع وعلى تماس مباشر مع معاناة الأهالي ـ، يأخذ على الجهات الرسمية تقاعسها غير المبرر. هناك حقوق للناس عليها دفعها، ولا يجوز المماطلة وجعل حياة المواطنين رهينة قرار سياسي من هنا أو هناك. لا ينكر المتحدّث أن هناك تقاذف مسؤوليات بين المعنيين في ملف التعويضات وحديث عن عجز مالي لا يقوى على تحمل المبلغ الكبير، لكن هذا لا يبرّر التحكم بمعيشة العائلات. يوضح المقداد أنّ الهيئة العليا للإغاثة ليست مستقلة ولا تملك ميزانية خاصة. قرارها رهينة قرار من رئيس الحكومة الذي يطلب بدوره من وزير المالية صرف قيمة تعويضات معينة. وهنا يشدّد عضو كتلة الوفاء للمقاومة على ضرورة وضع معاناة الناس في سلم أولويات السياسيين، فالأوضاع المعيشية على المحك، ولا يجوز صم الآذان عن صرخة المواطنين. 

البلديات تنفّذ أعمالاً ليست من مهامها 

أمام هذا الواقع المخزي الذي تعانيه العائلات، تعمد البلديات في البقاع الى سد الثغرات وتُنفّذ بعض المهام التي لا تقع ضمن إطار عملها، وليست من مسؤوليتها، وفق ما يؤكّد للعهد مسؤول العمل البلدي في حزب الله حسين النمر الذي يكرّر ما قاله المقداد لجهة تقاذف المسؤوليات الحاصل بين المعنيين والذي لم تكن نتيجته سوى حرمان الأهالي من حقها في التعويضات. يعكس النمر مشهد الاستياء العارم لدى الناس الذين تتنوع أوجه تضررهم بين منازل ومزروعات وبنى تحتية، فيما الأموال لا تزال رهينة القرار السياسي. يُطالب بضرورة الافراج عن التعويضات لأنّ العائلات لم تعد تحتمل تسويفاً، والبلديات لا تستطيع القيام بأعمال تفوق قدرتها ونطاق مهامها. 

 

ضحايا السيول يستغيثون بالهيئة العليا للإغاثة.. والاخيرة عاجزة!

 

بموازاة ذلك، حاول موقع "العهد" استطلاع رأي الهيئة العليا للإغاثة للوقوف على وجهة نظرها في هذا الملف، إلا أنّ المحاولات باءت بالفشل، على أمل أن يتم الإفراج عن المليارات الأسيرة، لتسيير أوضاع الناس وأمورها.

 

2018-10-27