ارشيف من :آراء وتحليلات

صواريخ المقاومة تبدد أوهام العدو

صواريخ المقاومة تبدد أوهام العدو

تميز الرد الصاروخي لحركة الجهاد الاسلامي على استباحة الدم الفلسطيني، والذي استهدف غلاف غزة، بكونه مفاجئا لقادة العدو وأجهزة التقدير لديه، وبسياقه النضالي والاقليمي، وبردة فعل العدو عليه.

فاجأ الجهاد الاسلامي العدو الاسرائيلي برده الصاروخي على مقتل وجرح المئات من الفلسطينيين خلال مسيرة العودة يوم الجمعة الماضي، تقديرات الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، امان، التي كانت تستبعد ردا كهذا في هذا التوقيت. بل وتعارض هذا الرد ايضا مع تقدير المؤسسة السياسية التي عبرَّ عنها وزير الامن افيغدور ليبرمان الذي تحدث عن جمعة أهدأ من سابقاتها. وهو ما يعني أن اسرائيل كانت تقدر بأن استباحتها للدم الفلسطيني لن تؤدي الى رد من قبل المقاومة تجنباً لتصعيد واسع، تسعى الى تجنبه. خاصة بعد سيل الرسائل التهويلية التي أطلقها قادة العدو وعلى رأسهم ليبرمان. خاصة وأن هناك رؤية بأن التنافس الداخلي في اسرائيل، قد يترجم تصعيدا دموياً في الساحة الفلسطينية.

حركة الجهاد خالفت كل توقعات العدو وتقديرات أجهزته الاستخبارية، فكان الرد مفاجئاً بكل ما للكلمة من معنى
لكن حركة الجهاد خالفت كل توقعات العدو وتقديرات أجهزته الاستخبارية، فكان الرد مفاجئاً بكل ما للكلمة من معنى، وبدَّد معه كل الاوهام التي كانت تستند الى تصورات مجافية للوقع، واسقط الرهان لدى قادة العدو على المفاعيل الردعية لتهديداتهم.

أتى الرد الصاروخي لحركة الجهاد ترجمة لاستراتيجية تتبناها المقاومة في غزة، بحماية النضال الشعبي الفلسطيني، التي أحد أبرز تجلياتها مسيرات العودة.  عبر تدفيع العدو أثمان في أمن مستوطنيه في مقابل استباحة دم المدنيين الفلسطينيين. وتأتي هذه الاستراتيجية في مقابل محاولة العدو فرض معادلة تسمح له بالتعامل مع المسيرات والبالونات الحارقة كما لو أنها عمليات عسكرية. إلا أن الاداء الفلسطيني استطاع حتى الان أن يفرض تمايزاً وحداً فاصلاً بين هذين النوعين من النضال.. وهو ما يمنحه مزيد من الهامش في الحركة ومواصلة هذا المسار.

حركة الجهاد ثبَّتت معادلة الردع، وعززت منسوب القلق لدى قادة العدو، واستطاعت أن تزرع فيهم حقيقة أن الدم الفلسطيني ليس مباحا
في ضوء ذلك، بات بالامكان القول أن حركة الجهاد ثبَّتت معادلة الردع، وعززت منسوب القلق لدى قادة العدو، واستطاعت أن تزرع فيهم حقيقة أن الدم الفلسطيني ليس مباحا لجنود جيش العدو.. مع ذلك، ينبغي التأكيد على أن ما جرى هو محطة، في سياق.. وديمومة مفاعيل هذه المحطات مرتبط بالاستمرار المدروس والهادف.

وتميزت ردود فعل العدو بأكثر من جانب. الاولى، تمثلت بحملة تضليلة تصدرها الجيش، بهدف تشويه خلفيات وأهداف حركة الجهاد.  أقرنها بتركيز ردوده العسكرية ضد حركة حماس تحديداً.

عمد جيش العدو الى توزيع مقولة أن اطلاق حركة الجهاد الاسلامي الصواريخ ضد غلاف غزة، كان بتعليمات من ايران وسوريا. وحاول من خلال ذلك طمس البعد الدفاعي والردعي لهذا الرد الصاروخي، وكونه انتقاما على مقتل المدنيين الفلسطينيين بالقرب من السياج الفاصل بين قطاع غزة والاراضي الفلسطينية المحتلة.  وهدف من وراء ذلك، ايضا الى محاولة تحريض سكان القطاع على هذا النوع من الردود الصاروخية، واعطائها أبعادا قليمية، وتجريدها من أبعادها الردعية والفلسطينية، هذا بالاضافة الى محاولة ايجاد شرخ بين فصائل المقاومة.

على خط مواز لكل ما تقدم، يصعب جدا الفصل بين هذه الجولة الصاروخية من ردود وردود مضادة، وما سبقها وما سيعقبها،  وبين حركة نضال الشعب الفلسطيني، ومقاومته، ضد مخططات تصفية قضيته، بل هي جزء لا يتجزأ منه. بهذا المعنى يصح وضع صليات صواريخ حركة الجهاد ايضا، الى جانب كافة أشكال المقاومة الشعبية والعسكرية، في عنوانها الكلي، في سياق مواجهة الحملة التطبيعية التي بادرت اليها دول الخليج.  بل إن جوهر مسيرات العودة، التي تهدف الى رفع الحصار، هي في الواقع ايضا جزء من مواجهة هذا المسار العدواني (التطبيع) الذي يستهدف الشعب الفلسطيني في قضيته ومستقبله ووجوده وحتى أمنه، كونه يشجع العدو على المزيد من العدوان العسكري.

2018-10-28