ارشيف من :مقالات

تونس.. القطيعة بين ’النداء’ و’النهضة’؟

تونس.. القطيعة بين ’النداء’ و’النهضة’؟

في الوقت الذي اعتقد فيه الجميع أن الأزمة السياسية في تونس بصدد الحلحلة وأن هناك مفاوضات سرية بين الحزبين الكبيرين حركتي "نداء تونس" و"النهضة"، يفاجئ "النداء" التونسيين بإصدار بيان يدعو فيه إلى تشكيل حكومة جديدة لا تضم حركة "النهضة". و يبدو من خلال هذا التصعيد أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، مؤسس "النداء"، لم يغفر للحركة الإخوانية دعمها لرئيس الحكومة الندائي يوسف الشاهد "المتمرد" على رئيس الجمهورية والمستنجد بحركة "النهضة" للبقاء على رأس الحكومة بعد أن رغب قائد السبسي بإزاحته بمقتضى "وثيقة قرطاج 2" التي لم يكتب لها أن ترى النور بعد أن عطلت حركة "النهضة" المفاوضات المتعلقة بها.

 

الإستنجاد باليسار

ويبدو أن لرئيس الجمهورية النصاب الكافي لتشكيل حكومة جديدة بعد أن انصهر حزب "الإتحاد الوطني الحر" في حركة "نداء تونس" و انضم نوابه إلى كتلة "النداء" النيابية. يبدو أيضاً أنه سيستنجد بالجبهة الشعبية (تكتل أحزاب يسارية و قومية عربية) لتشكيل الإئتلاف الحاكم الجديد بالإضافة إلى أحزاب غاضبة من رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي شكل كتلة نيابية من بعض نواب هذه الأحزاب على غرار حزب آفاق تونس والحزب الجمهوري.

هل ستستجيب قوى اليسار لرئيس الجمهورية وهي التي رفضت سابقا المشاركة في الحكومة؟

لكن السؤال الذي يطرح، هل ستستجيب قوى اليسار لرئيس الجمهورية وهي التي رفضت سابقا المشاركة في الحكومة لأن برنامجها ليبرالي يحقق إملاءات صندوق النقد الدولي على حساب المسائل الإجتماعية التي طالما دافعت عنها دولة الإستقلال التونسية؟ وهل أصدر حزب "نداء تونس" بيانه بالإستناد إلى تطمينات نالها من "الجبهة الشعبية" أم أنها مبادرة منفردة تصب في خانة ما أعلنه رئيس الجمهورية في آخر حوار له من أنه فك الإرتباط مع حركة "النهضة"؟

تحالف استراتيجي

يرى مروان السراي الباحث في المركز المغاربي للبحوث والدراسات والتوثيق في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن "المتربع على عرش قرطاج لن يقطع مع حركة النهضة مثلما يبدو للبعض، وأن تحالفه مع "النهضة" هو تحالف استراتيجي لا محيد عنه". كل ما في الأمر بحسب السراي أن "الباجي يمارس ضغوطا على حركة "النهضة" لتتراجع عن دعمها لرئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي لم يغفر له سيد قرطاج في كل الأحوال تمرده عليه وهو الذي أتى به إلى القصبة (مقر رئاسة الحكومة) ولم يكن بارزا في الساحة السياسية".

يضيف الباحث التونسي "بإمكان النداء تكوين ائتلاف حاكم جديد لا يضم حركة النهضة لكن الحكومة المنبثقة عنه سيتعطل عملها بعد أن تنضم حركة النهصة التي تضم كتلتها قرابة السبعين نائبا إلى المعارضة. و لعل هذا ما جعل رئيس الجمهورية ومنذ البداية يفكر بطريقة براغماتية ويتحالف مع الحزب الثاني بحسب نتائج الإنتخابات ويستبعد بقية التحالفات. للباجي رغبة في أن تكون حكومته مدعومة بحزام يضم أكبر عدد ممكن من النواب".  
 

2018-10-29