ارشيف من :أخبار لبنانية
في الصحف: لا حكومة.. والحريري مستمرٌ برفضه توزير السنة المستقلين
سلطت الصحف الصادرة صباح اليوم الضوء على المشهد السياسي الذاهب نحو التعقيد وليس الحل، وتناول بعضها عن لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون بالرئيس المكلف سعد الحريري في بعبدا بحثًا عن الحل في قضية استحقاق النواب المستقلين بالتوزير، الأمر الذي رفضه الحريري.
لا حكومة قريباً
بداية مع الأخبار، التي عنونت "لا حكومة قريباً"، موضحة أنها هي الخلاصة التي خرج بها كل الأطراف أمس، في ظل إصرار المعنيين بحل عقدة تمثيل سُنّة المعارضة، أي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وحزب الله، كل على موقفه. وهي الخلاصة التي ثبّتها اللقاء المسائي «غير المعلن»، الذي جمع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في قصر بعبدا أمس. رئيس الجمهورية يرفض أن يتمثل هؤلاء من حصته، وحزب الله مصرّ على احترام نتائج الانتخابات النيابية ووحدة المعايير، فيما رئيس الحكومة لا يزال عند المربع الأول، رافضاً، حتى يوم أمس، تقبّل جلوس سُنّة المعارضة معه على طاولة مجلس الوزراء، وهو ما يتضح من خلال استخفافه بمطالبهم، إلى حد عدم قبوله اللقاء بهم منذ الاستشارات النيابية التي عقدها في المجلس النيابي بُعيد تسميته. وعلمت «الأخبار» أن الحريري أبلغ عون أمس بأن تمثيل نواب سُنّة 8 آذار «مستحيل من حصّتي». وقال الحريري: «في السابق، احتسبوا فيصل كرامي وجهاد الصمد في تكتل (النائب السابق سليمان) فرنجية. وبعد ضمان الأشغال للأخير، صار كرامي والصمد في كتلة النواب السُّنّة المستقلين». ويتمسّك الرئيس المكلّف برفض أي معايير لاحتساب عدد وزراء الكتل النيابية، قائلاً: «أنا المكلَّف تأليف الحكومة، ولا أحد يفرض أي معايير عليّ».
وأضافت أنه بعد أن أشيع أول من أمس أن الحريري واجه العقدة الأخيرة أمام التأليف، بالقول: «فتشوا عن غيري»، وصلته إشارات عديدة تؤكد تمسك الجميع به رئيساً للحكومة. لكن حزب الله كان يلفت إلى أن من انتظر القوات لخمسة أشهر، لم يهدد خلالها يوماً بالانسحاب، كيف له أن يهدد بالاعتذار بعد يوم واحد من تيقنه من جدية مطلب تمثيل المعارضة السُّنية؟
أما بعد أن انتهى مفعول التهديد الحريري، فقد انتقل البعض إلى الإيحاء أنه بعد حلّ عقدة القوات، لم يعد الرئيس المكلف تحت الضغط من جراء تأخير الحكومة، وبالتالي فإن الحل عند رئيس الجمهورية وحزب الله، وهما الأكثر تعرضاً للضغط، وخاصة حزب الله، الذي أصرّ على تمثيل هؤلاء بعد أن حلت كل العقد.
في المقابل، يبدو حزب الله مطمئناً إلى أن الحريري يدرك أكثر من غيره أن الحزب وحركة أمل كانا أكثر من سهّل التأليف منذ اليوم الأول، من خلال خفض سقف مطالبهما إلى الحد الأدنى. أما الإشارة إلى وضع الحزب تحت الضغط، فلا تشكل بالنسبة إليه هاجساً فعلياً، ولا تجعله يقدم يتنازل عن المطلب الذي أبلغه للحريري منذ اليوم الأول للتأليف. وتذكّر مصادر مطلعة بأنه أثناء التشكيل كان الحزب يُتهم حيناً بعدم رغبته في تشكيل الحكومة بانتظار تثبيت الانتصار في سوريا، وانعكاسه على لبنان، وحيناً برغبته في الإسراع بتشكيل الحكومة لمواجهة العقوبات الأميركية عليه وعلى إيران، فيما الواقع يشير إلى أنه لا يزال هنالك عقدة بسيطة بحاجة إلى الحل، وعلى رئيس الحكومة المكلف أن يجد لها هذا الحل، أسوة بما فعل مع عقد التمثيل المسيحي والتمثيل الدرزي وحقيبة الأشغال. أما التوقيت، فلا يزال من المبكر الحديث عنه، في ظل اللاءات المرفوعة حالياً التي تؤخر البدء ببحث جدي عن الحلول.
إنكار الأحجام وتعطيل الحكومة: عناد الحريري
بدورها ركزت البناء عن أن الحكومة بدت تبيت ليالي في بيت الوسط بعدما باتت آخر لياليها في معراب، وبات واضحاً أن مسار إنكار معايير التمثيل في الحكومة على قاعدة نتائج الانتخابات النيابية جامعاً مشتركاً بين العقد التي تنقلت بين محطاتها الحكومة، بعدما عطّلها عناد النائب السابق وليد جنبلاط بقبول الشراكة في تمثيل طائفته، ثم ارتضى القبول بالواقعية في مقاربة الملف الحكومي، ليعود عناد رئيس القوات اللبنانية فيعطلها برفض القبول بحجم يوازي ويزيد قليلاً على حجم كتلته النيابية قبل أن يرتضي ما عرض عليه. وتستقر العقدة ذاتها اليوم عند الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الذي يُنكر على النواب الذين يمثلون بعددهم وحجم ناخبيهم ثلث طائفتهم أن يشاركوه ويشاركوا تيار المستقبل بتمثيلها في الحكومة، بينما تقول مصادر في قوى الثامن من آذار إن أصل المشكلة كان بالتخلي عن التوزيع السياسي للمقاعد الحكومية بين كتلتين نيابيتين متساويتين وتملكان تمثيلاً نيابياً في كل الطوائف، لقوى الثامن من آذار وقوى الرابع عشر من آذار، والذهاب للتوزيع الطائفي فتبخّر مفهوم حكومة الوحدة الوطنية وسقط تمثيل القوى اللاطائفية، ومُنح الطائفيون فرص تصنيع العقد وتعطيل ولادة الحكومة.
وأشارت إلى أن الأجواء الإيجابية التي رافقت مفاوضات ربع الساعة الأخير بإخراج الحكومة الى النور يوم أمس لم تكتمل كما كان متوقعاً، إذ إنّ الرياح جاءت معاكسة لسفن بعبدا وبيت الوسط، فحَلّت الذكرى السنوية الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون وبدأت السنة الثالثة من العهد وما زالت الحكومة أسيرة رفض الرئيس المكلف سعد الحريري تمثيل النواب المستقلين بعدما بقي أسير شروط القوات اللبنانية طيلة خمسة أشهر، ورغم أحقية تمثيل نواب اللقاء التشاوري استناداً الى نتائج الانتخابات النيابية فضلاً عن تأييد الرئيسين عون ونبيه بري لهذا المطلب. ما يدعو للتساؤل عن أسباب عدم اعتراف الحريري بهذه الحقيقة التمثيلية وحصر تمثيل الطائفة السنية به وبتياره فقط؟ وما يدعو للاستغراب أكثر هو أين مصلحة الرئيس المكلف بتعليق الحكومة والبلاد على وزير واحد بينما يحتفظ لنفسه برئاسة الحكومة وخمسة وزراء آخرين من تياره السياسي الى جانب 6 وزراء من حلفائه القوات اللبنانية والاشتراكيين؟ فهل وجود وزير من اللقاء التشاوري في الحكومة يشكّل تهديداً لموقعه الرئاسي أو معرقلاً لسياساته المالية والاقتصادية؟ وهل مَن نزل عن رضى القوات لتلبية مطالبهم لا يستطيع حل عقدة تمثيل وزير واحد؟
وكانت العقدة المتبقية «سُنّة 8 آذار» محل بحث ونقاش بين الرئيسين عون والحريري خلال زيارة قام بها الأخير الى بعبدا بعيداً عن الإعلام، وبحسب المعلومات فقد أبلغ الحريري عون «رفضه توزير سنيّ من خارج تيار المستقبل في الحكومة من حصّته»، مضيفاً ان «هؤلاء يشكّلون 8 في المئة فقط من الشارع السني، كما أنهم ليسوا كتلة واحدة ولا ينتمون الى حزب واحد»، مؤكداً أن «مَن يُصرّ على توزيرهم، فليوزِّرهم من حصته»، كما قدّم الحريري الى عون تشكيلة حكومية تتضمّن أسماء الأطراف المشاركة في الحكومة باستثناء أسماء وزراء حزب الله الذي رفض تسليم أسماء وزرائه قبيل حلّ عقدة تمثيل سنة المعارضة. ولفتت مصادر مقربة من الحريري لقناة الـ»أو تي في» إلى أن «الحريري قال لرئيس الجمهورية ميشال عون إنّ الصيغة الحكومية جاهزة بالحقائب، ولكن الأسماء غير مكتملة والجهود مستمرّة لاستكمالها». وقد طلب الحريري من عون المساعدة على إيجاد الحل المناسب لهذه العقدة. وبحسب المعلومات فقد نشطت الاتصالات لتأمين مخرج مناسب يُرضي الجميع. من جهة أخرى رفضت مصادر بعبدا رمي كرة العقدة السنية في ملعب رئيس الجمهورية، نافية توجّه عون الى حلّ العقدة عبر تمثيلهم من حصة رئيس الجمهورية.
عون يستهل الذكرى-3 بلا حكومة
ومن جهتهتا تحدثت اللواء عن ان مراسيم الحكومة لم تصدر الأحد الماضي، ولا الاثنين ولا الثلاثاء، موضحة أنه من الصعب ان تكون الولادة اليوم، حيث تحل الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية، والذي من المتوقع بقوة ان يتناول في «حواره المفتوح» عبر وسائل الإعلام، تحت عنوان «سنتان من عمر وطن» مساء اليوم ما طرأ من جديد، تمثل بعقدة تمثيل السنة المستقلين كشرط من شروط ولادة الحكومة، ومن حصة الرئيس المكلف سعد الحريري حصراً.
وتأتي الإطلالة التلفزيونية للرئيس عون، بعدما كان اللبنانيون ينتظرون طوال الأسبوع الفائت ومطلع الأسبوع الحالي ان تكون الحكومة هدية عشية بدء السنة الثالثة من عهد الرئيس عون.
واستبق إطلالة رئيس الجمهورية، وفقاً لما اشارت إليه «اللواء» في عددها أمس زيارة قام بها الرئيس الحريري إلى قصر بعبدا، حيث عقد لقاء على مدى ساعة ونصف، كانت عقدة تمثيل سنة 8 آذار والشروط المرتبطة بها، هي الطبق الرئيسي على طاولة اللقاء التشاوري، الذي تناول:
1- أسباب رفض الرئيس المكلف توزير أحد سنة المقربين من حزب الله، كما شرح له، وفقاً لمصادر مطلعة مسألة توزير احد النواب السنة من حصة رئيس الجمهورية.
2- مصادر العرقلة، ومخاطرها، وكيف حاول تذليل عقدها واحدة تلو الأخرى، على أساس ان «القوات اللبنانية» وافقت على المشاركة بما عرض عليها، فضلاً عن مبادرة النائب السابق وليد جنبلاط إلى وضع 5 أسماء دروز بين يدي رئيس الجمهورية، ليختار واحداً منهم كوزير ثالث..
3- وعرض الرئيس المكلف على رئيس الجمهورية الصيغة الحكومية الجاهزة على مستوى الحقائب وتوزيعها، وان الصيغة لم تكتمل لأن حزب الله رفض تسليم أسماء وزرائه الثلاثة، بانتظار حل عقدة سنة 8 آذار..
وتوقفت مصادر نيابية معنية عند تحرك نواب سنة 8 آذار، والتوقيت المريب، وتبني حزب الله للمطالبة بتوزير أحدهم من حصة تيّار المستقبل، ورأت هذه المصادر في هذا الطلب محاولة صريحة ومباشرة «لاذلال رئيس الحكومة»، وذكرت المصادر بأنه عندما كان فريق 14 آذار يشكّل الحكومة لم يكن يحاول ان يكون التمثيل الشيعي من شخصيات قريبة من 14 آذار وتيار المستقبل، من حصة حزب الله، أو حركة أمل. وحذرت المصادر نفسها من مخاطر اختراق الوضع، على النحو الجاري.
وكشفت مصادر اللواء ان الرئيس الحريري أظهر صلابة في مواجهة التحدي الجديد، انطلاقاً من تقديم شرح مقنع في ما خص رفضه تمثيل سنة 8 آذار، الذين وصلوا إلى المجلس بدعم مباشر من حزب الله، وان الأرقام التفضيلية التي جمعوها من أصوات السنة، لا تتجاوز 8٪ من مجموع الأصوات. وأشارت إلى ان مواقف الرئيس الحريري تلقى دعماً سياسياً ونيابياً واسعاً، لا سيما لجهة دعم رؤساء الحكومات السابقين.
وعلى الرغم من محاولات التشويش، استدركت المصادر بأن الرئيس المكلف لا يزال يعمل على خط تأمين ولادة الحكومة العتيدة، من دون المسّ بصلاحياته..وبالتالي فإن العقدة الجديدة، لم تحبط الرئيس المكلف، وان رئيس الجمهورية سيجري ما يلزم من اتصالات، كذلك رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مع حزب الله لرؤية ما يتعين فعله.
كما أفادت المصادر أن الرئيس الحريري، بموجب هذه القناعة لا يستطيع أيضاً، سوى ان يعتبر نفسه غير معني بتمثيل هؤلاء، وان الذي أوجد هؤلاء النواب، عليه ان يجد حلاً لتمثيلهم في الحكومة من حصته، وليس من حصة «المستقبل» الذي ما يزال يعتبر نفسه هو الممثل الشرعي للسنة في لبنان، مهما قيل خلاف ذلك، ومهما كانت النتائج التي اظهرتها الإنتخابات الأخيرة.