ارشيف من :أخبار لبنانية
في الصحف: التشكيل بين اعتذار الحريري والحكومة القوية
سلطت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الضوء على مسار التشكيل الحكومي، وركزت على ما قاله رئيس الجمهورية ميشال عون في الذكرى الثانية لانتخابه، كما تناولت رفض الرئيس المكلف سعد الحريري توزير السنة في الحكومة بشكل مطلق، ليبقى السؤال المطروح هل يعتذر الحريري ويشكل الحكومة؟..
رفض الحريري المُطلق
بداية مع الأخبار التي قالت أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دخل السنة الثالثة من ولايته، وهو على تناغم تامّ مع الرئيس سعد الحريري في ما يتعلق بتأليف الحكومة. تناغُم يُقابله إصرار حزب الله على تمثيل النواب المستقلين في الحكومة، الأمر الذي يشي بحجم الاحتدام في هذه المسألة من دون معرفة إلى أين ستؤول الأمور، ولا سيما أن الحريري يتسلّح بموقف عون المتوافق معه، ما جعله يرفع سقفه يومَ أمس إلى حدّ رفضه تمثيل السُّنة في الحكومة بشكل مطلق، ومطالبته القوى السياسية بـ«البحث عن رئيس غيره». ففي حوار إعلامي مفتوح ومباشر عبر محطات التلفزة مع الزملاء نقولا ناصيف وسمير منصور وسكارليت حداد ورضوان عقيل، أكد عون رفضه تمثيل سُنّة فريق 8 آذار في الحكومة، لكونهم «أفراداً وليسوا كتلة». اعتبر أن «التأخير الحاصل في الحكومة نوع من التكتيك الذي يضرِب استراتيجية العهد الكبيرة». عون الذي أكد «أننا نريد حكومة وفقاً لمعايير محددة دون تهميش أحد، لا طائفة ولا مجموعة سياسية» رأى أن «بعض العراقيل غير مبرّرة، وأن كل دقيقة في تأخير تشكيل الحكومة تكلّفنا كثيراً».
كلام عون الذي اعتبر أنه «لا يُمكنه إجبار الناس على أن يكونوا من نفس رأيه وفي النهاية الأكثرية هي من تقرّر»، جاء ليختم نهاراً مليئاً بمشاورات حمَلت مواقف تصعيدية من مختلف الجهات المعنية بعملية تأليف الحكومة، وخاصة من جهة الرئيس المُكلّف سعد الحريري الذي أبلَغ كل من تواصل معه بأنه «لا يرفُض وحسب التنازل من حصته لحساب سُنّة 8 آذار، بل هو يمانع توزير ممثل عنهم ضمن أي حصّة تحتَ أي ظرف من الظروف». وكرّر «تهديده» بالقول: «إذا أصروا على الأمر فليبحثوا عن رئيس حكومة غيري». وفيما لم يُعرف ما إذا كان موقف الحريري جدياً، وعمّا إذا كانت لديه فعلاً النية للاعتذار، بقي حزب الله متمسّكاً بـ«حق حلفائه».
وأشارت الأخبار وبحسب مصادر رفيعة المستوى في فريق 8 آذار إلى أن «الجو الذي يصل من وادي أبو جميل فيه تصعيد كبير وتعنّت غير مسبوق، لكن حزب الله ثابت على ما تعهّد به لأصدقائه». ولفتت المصادر إلى أن «أحداً لم يتواصل مع الحزب منذ ثلاثة أيام»، لا من جهة الحريري، ولا من جانب التيار الوطني الحر. ورفضت المصادر الحديث عن خيارات في حال اعتذار الرئيس الحريري. من جهة أخرى، ظهر رئيس مجلس النواب نبيه برّي مستاءً جداً ممّا آلت إليه الأمور، وقد نقل النواب عنه بعد لقاء الأربعاء قوله: «إنني تكلمت مع من يجب أن أتكلم معهم في هذا الموضوع، وعملت اللي عليي، ولم يبقَ لنا سوى الدعاء للإسراع في تشكيل الحكومة».
لا شيء يُفسد العلاقة الاستراتيجية
بدورها قالت البناء أن المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون في الذكرى الثانية لانتخابه كانت محور الاهتمام السياسي والإعلامي، وقد تطرّق لقضايا سلاح المقاومة والنازحين السوريين وخطر توطين اللاجئين الفلسطينيين، في ظل الضعف المتزايد في الموقع العربي مع حملات التطبيع، كما تناول محاربة الفساد وقضايا اقتصادية ومالية، لكن الأهم كان ما قاله رئيس الجمهورية عن العقدة التي يراوح عندها تشكيل الحكومة، وهي قضية تمثيل النواب السنة المنتمين لقوى الثامن من آذار، حيث أيّد رئيس الجمهورية موقف الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري برفض تمثيلهم باعتبارهم أفراداً وليسوا كتلة، مضيفاً إعلان دعمه للحريري تحت عنوان رفض إضعاف رئيس الحكومة، بفرض تمثيل معارض له في طائفته، معتبراً ما قاله رسالة، بدا أنها موجهة بوضوح لحليفه الأقرب حزب الله، مضيفاً أن التمسك بمطلب تمثيل هؤلاء النواب تكتيك يضرب الاستراتيجية.
وأضافت أن مصادر متابعة لعلاقة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بحزب الله، توقعت أن تشهد الساعات المقبلة تواصلاً على مستوى عالٍ بين حزب الله ورئيس الجمهورية لتبادل الآراء وتنقية الأجواء وإعادة صياغة المواقف بين استكشاف فرص التفاهمات أو كيفية تنظيم الخلاف، مذكرة بأن العلاقة بين الرئيس وحزب الله شهدت تباينات سابقة لم تُفسِد عمق العلاقة الاستراتيجية بينهما، ومنها ما كان قبل شهور حول قانون الانتخابات النيابية، وتمّ تنظيم الخلاف وصولاً لصياغة التفاهم.
وأوضحت البناء أن عقدة تمثيل المعارضة السنية تحوّلت إلى أزمة حكومية مفتوحة وزادت المشهد الحكومي غموضاً وتعقيداً مع ما أوحاه كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن مسألة تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين، ما ظهر بأنّ العقدة الأخيرة أمام ولادة الحكومة عالقة بين مثلث بعبدا – بيت الوسط -حارة حريك، ففي حين كان رفض رئيس الجمهورية تمثيلهم من حصته معروفاً، فغير المتوقع كان إسناد عوني لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بقوله: «لقد تبيّن أخيراً مسألة تمثيل السنة المستقلين. إنّ العراقيل غير مبرّرة، واستعمال التأخير كتكتيك سياسي يضرب الاستراتيجية الوطنية التي نحن في أمسّ الحاجة اليها، ويفتح ثغرة في الوحدة الوطنية خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة». وقال: «هم أفراد وليسوا كتلة. لقد تجمّعوا أخيراً وطالبوا بتمثيلهم، نحن يهمّنا أن يكون رئيس الحكومة قوياً لأنّ المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة». وأضاف: «أضع الجميع امام مسؤولياتهم، فالجميع ضحّى في مكان ما وتنازل، ونأمل ان تحلّ العقدة الأخيرة في القريب العاجل». ونفى عون توجّهه والرئيس المكلف الى خيار حكومة الأمر الواقع، وقال: «الوضع ليس سهلاً، وأنا أقدّره جيداً، ولو رضيَ الجميع بأحجامهم لما حصلت أيّ مشكلة».
وفي سياق متصل، لفتت أن تأزُّم الوضع على المحاور الثلاثة دفع بوزير الخارجية جبران باسيل موفداً من الرئيس عون الى إجراء مروحة لقاءات واسعة، حيث تنقل بين بيت الوسط والضاحية الجنوبية في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة المستجدّة، وأكدت مصادر «البناء» أن «باسيل وفور خروجه من بيت الوسط توجّه الى حارة حريك حيث التقى مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا للتشاور في العقدة المستجدّة وعرض كلّ طرف وجهة نظره من هذا الأمر، إلا انه وبحسب المصادر لم يتوصلا إلى حلّ لهذه العقدة»،
وكان باسيل قد التقى الحريري في بيت الوسط، حيث غادر من دون الإدلاء بتصريح، لكن المعلومات تحدثت عن أنّ رئيس التيار الوطني الحر ناقش والحريري مسألة العقدة السنية وأبلغ الحريري باسيل رفضه توزير سنّة 8 آذار من حصته، في المقابل نقل باسيل للحريري مطلباً من الرئيس عون يقضي بإعادة توزيع المذاهب ضمن التشكيلة المقترحة لا سيما ما يتعلّق بالموارنة بعدما طلبت القوات التمثّل بمارونيين وأرثوذكسي وأرمني كاثوليكي وطالب عون تمثيل القوات بماروني واحد»، فقالت أوساط بيت الوسط «إنّ في هذه الحالة يبدو أنّهم «لا يريدون حكومة».
اللواء: ذكرى العهد الثانية دون حكومة
ومن جهتها عنونت اللواء حول بلوغ العهد مرور الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية، من دون حكومة العهد الأولى، في ما يشبه الغصة، موضحة أن الفرصة، بعد يوم على لقاء بعبدا التشاور بين الرئيسين عون والمكلف سعد الحريري، لم تكن تبدو متاحة، على الرغم من الزيارة التي قام بها إلى بيت الوسط وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، والذي حرص على تقديم بعض الاقتراحات، علّه يصل إلى تسوية، تسبق إطلالة الرئيس عون، عبر شاشات التلفزة، في حوار اعلامي، بدا فاتراً، ولم يغص في اجابات ولا حتى في أسئلة، تتناول عمق المأزق، وتداعياته الخطيرة، في ضوء «حركة البنك الدولي» الذي دفع بالرئيس نبيه برّي إلى دق جرسه حول الوضع الاقتصادي الخطير، معتبراً انه قام بما عليه، وتكلم مع من يجب ان يتكلم معهم في ملف تشكيل الحكومة، وما آلت إليه الأمور حتى الآن.. مكتفياً بالدعاء، في اشارة توحي بوصول المحاولات الجارية إلى حائط مسدود، فالرئيس المكلف ماضٍ برفضه سنة 8 آذار الذين لديهم ستة نواب موزعين على كتل ممثلة في الوزارة ككتلة التنمية والتحرير (النائب قاسم هاشم)، والوفاء للمقاومة (النائب الوليد سكرية)، واللقاء الوطني (النائب فيصل كرامي) إلخ.. وحزب الله ماضٍ في تمسكه بتوزير نائب من حلفائه،وفي حين ان النائب كرامي أكّد انه «لن تكون هناك حكومة من دون النواب السنة المستقلين»، محذراً من خلخلة في الشارع.
ولفتت إلى تلميح الرئيس عون إلى أن الخلافات بشأن الحكومة «ليست سهلة» مشيراً إلى انه على خلاف مع حليفه حزب الله حول عقبة تمثيل النواب السنة. وقال الرئيس عون في حوار اعلامي نقلته شاشات التلفزة لمناسبة الذكرى الثانية لانتخابه رئيساً للجمهورية: إن العراقيل التي «يتم اختلاقها ليست في مكانها وغير مبررة»، في حين استبعد الحريري التنازل عن أحد مقاعده الوزارية، وكان أحد الحلول الوسط أن يسمي عون أحد السنة المتحالفين مع حزب الله ضمن مجموعة من الوزراء الذين يسميهم الرئيس، وقال عون «نحن يهمنا أن يكون رئيس الحكومة قويا وليس إضعافه لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة». كما رأى عون «اننا بلد ديمقراطي متعدد أكثر من اللازم، والحكومة يجب ان تكون وفق معايير محددة من دون تهميش لا طائفة ولا مجموعة، ولو رضي الجميع بأحجامهم لما حصلت أي مشكلة».
وأوضحت "اللواء" أن الرئيس عون، لم يكن يرغب في ان يدخل الحوار معه في موضوع «العقدة السنية»، لكنه حينما طرح عليه السؤال، اكتفى بإجابة مختصرة عليه، غير ان مصادر مطلعة في قصر بعبدا، قالت ان الرئيس سيجري تقييمه في ما خص هذه العقدة المستجدة، لدرس كل خطوة يمكن اتخاذها وانعكاساتها، لا سيما في ما يتعلق بالتوازن داخل الحكومة، ولم تستبعد ان تحصل في لحظة معينة تسوية في الملف الحكومي تعيد الأمور إلى نصابها.