ارشيف من :نقاط على الحروف

’كل ارض كربلاء’ .. نيجيريا مثالا!

’كل ارض كربلاء’ .. نيجيريا مثالا!

 لا تختلف الأساليب القمعية الدموية التي جابهت بها قوات الأمن النيجيرية، قبل أيام قلائل، جموع محبي وأنصار الامام الحسين عليه السلام، من حيث الجوهر والمضمون عن الأساليب القمعية الدموية التي شهدتها أرض الطف في العاشر من شهر محرم الحرام من عام 61 هجرية، ولا تختلف عن الأساليب القمعية الدموية التي جابه بها حكام الجور والظلم والضلال على مر القرون الاربعة عشر الماضية، اتباع اهل البيت عليهم السلام في كل مكان.

 

ولاشك أن من يتابع المشاهد الاجرامية التي شهدتها العاصمة النيجيرية ابوجا مؤخرا، وأسفرت عن مقتل واصابة عشرات الأشخاص ممن كانوا في مسيرة سلمية لاحياء ذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام، لا بد أن يستحضر ما ارتكبه الأمويون والعباسيون وممن جاء بعدهم، من جرائم يندى لها الجبين، في اطار محاولاتهم ومخططاتهم لمحو ذكر اهل البيت عليهم السلام، والقضاء على كل ما يمت اليهم بصلة، والتاريخ حافل بالكثير من الحقائق والوقائع الفاضحة.

 

 من الناحية الزمنية، حينما نقترب قليلا من واقعنا المعاصر، نجد أن الطغاة في العصر الحديث لم يكونوا أقل دموية واجراما من اسلافهم في التعامل مع اتباع ومحبي وأنصار أهل البيت، وتكفي هنا الاشارة الى نظام حزب البعث العفلقي - الصدامي، الذي لم يترك أسلوبا دمويا الا وانتهجه من أجل طمس أي معلم من معالم الثورة الحسينية، وما انتهجته من فكر وسلوك وثقافة  في نفوس ملايين المسلمين وحتى غير المسلمين.

وغير نظام البعث - صدام، هناك أنظمة غير قليلة انتهجت ذات الأساليب واستخدمت نفس الوسائل، وبعض تلك الأنظمة سقطت وانهارت، مثل نظام الشاه محمد رضا بهلوي في ايران، وبعضها مازالت قائمة، وسوف تسقط وتنهار عاجلا أم آجلا.   

   ولعل ما حصل مؤخرا في ابوجا بحق اتباع ومحبي اهل البيت، لانهم كانوا يحيون احدى أهم وأبرز المناسبات الدينية، لا يختلف عن ما فعله نظام البعث - صدام ضد الكثير من العراقيين، على امتداد ثلاثة عقود من الزمن، لاسيما من الذين كانوا يحرصون على احياء اربعينية الامام الحسين عليه السلام، ولايختلف عما تقترفه حاليا انظمة الحكم الاستبداية في البحرين والسعودية وسواهما، ومع تنوع وتعدد واختلاف اساليب ووسائل القمع والتنكيل، فإن الدوافع والأهداف واحدة.

   والقضية المهمة هنا، التي لا يمكن تجاوزها والتغافل عنها، هي أن أنظمة الحكم في البلدان المشار اليها، ما هي الا أدوات تنفذ ما يملى عليها وما يخطط لها من قبل الدوائر السياسية والاستخباراتية الخارجية، مقابل ضمان بقائها واستمرارها في مراكز السلطة والقرار والنفوذ.

   وبالنسبة لما يجري في نيجيريا من استهداف للمسلمين ولاتباع اهل البيت بالتحديد، فإن هناك الكثير من الدلائل والمؤشرات تؤكد أن وكالة المخابرات المركزية الاميركية (CIA)، وجهاز المخابرات الاسرائيلي (الموساد)، وأجهزة استخباراتية أخرى، تقف وراء مجمل الحملات القمعية ضد أتباع أهل البيت في نيجيريا ودول أخرى، ناهيك عن الاستهداف الاعلامي بطرق ووسائل مختلفة، وكل ذلك يأتي في سياق دعم واسناد منهج التطرف في العالم الاسلامي وضرب واضعاف منهج الاعتدال.

   واذا كانت أنظمة القمع والاستبداد قد استهدفت رموزاً دينية ثورية كبيرة في العراق، مثل اية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر، وفي لبنان مثل اية الله السيد موسى الصدر، وفي ايران اسماء عديدة، فإنها اليوم تستهدف اية الله الشيخ عيسى قاسم، والشيخ علي السلمان في البحرين، وهي ذاتها التي قتلت الشيخ نمر باقر النمر في السعودية مطلع عام 2016، وقتلت الشيخ حسن شحاته في مصر في الرابع والعشرين من شهر حزيران-يونيو 2013، واستهدفت وما زالت تستهدف الشيخ ابراهيم الزكزاكي في نيجيريا. وهي ذاتها التي قتلت العشرات اضافة الى هؤلاء في دول اسلامية وغير اسلامية مختلفة، ضمن مخططات مدروسة ومحبوكة، وفي اطار توزيع المهام والادوار بين عدة قوى واطراف.

   والملفت أنه بينما تسعى أنظمة الاستبداد، ومن يقف ورائها ويدعمها، من خلال أساليبها القمعية الدموية بحق اتباع ومحبي اهل البيت الى تهميشهم واضعافهم واخضاعهم ومحو تاريخهم الناصع والمشرف، الا أن النتائج دائما تأتي عكس ما تطمح وتخطط وتريد، وما اتساع نطاق جبهة المقاومة، وتحقيقها الانتصارات المتلاحقة في أكثر من ميدان، الا دليل وبرهان دامغ على ذلك، ويخطئ من يتصور ان استهداف المؤمنين في ابوجا وقتل العشرات منهم سوف يضعف عزيمتهم وارادتهم، بل على العكس، سنشهد في الاعوام القادمة حضورا اشمل، واحياءا اوسع، وتفاعلا اكبر، وهذه هي صورة الامس واليوم والغد الحقيقية في العراق وايران والبحرين والسعودية وافغانستان وباكستان ونيجيريا، وفي كل مكان، ليتجسد ويتجدد الشعار الخالد.."كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء".

2018-11-05