ارشيف من :مقالات
حزب الله و’التيار’: الإختلاف لا يُفسد للود قضية
لطالما شكّلت العلاقة المتينة التي تربط حزب الله بـ"التيار الوطني الحر" مصدر قلق وإزعاج للبعض ممن يمتنهنون سياسة "فرّق تسد". لا يحلو لهؤلاء وحدة الحال التي جمعت الطرفين في الكثير من المواقف، سيما الاستراتيجية منها. فمنذ توقيع وثيقة التفاهم في 6 شباط/ فبراير 2006، ومنصات البعض لا تزال تطلق بعض الرشقات بين الحين والآخر، باتجاه هذه الوثيقة. تارةً يُقال أنّ التحالف على شفا الانهيار، وتارة أخرى يجري الحديث عن تأزم وعلاقة مشوّهة من الصعب ترميمها. وفي كل مرّة يكتشف هؤلاء المصطادون بالماء العكر أنّ العلاقة بين الطرفين أبعد من كل ما قيل ويقال، وأمتن من أي محاولات تفرقة، وحملات إعلامية مضلّلة، بدليل التناغم في المبادئ الاستراتيجية، التي شكّلت اللبنة الأولى لتفاهم 6 شباط.
عشيّة تدشين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سنته الثالثة من عهد الرئاسة، سُئل عن التأخر في تشكيل الحكومة، فقال "هناك عقدة برزت مؤخراً تتعلق بدخول السنة المستقلين. هذا الأمر سبب تأخيراً، والتأخير نوع من التكتكة السياسية التي تضرب استراتيجيتنا الكبيرة". عبارة قالها الرئيس، لتنطلق على إثرها الكثير من الشائعات التي سرت كالنار في الهشيم. سارع البعض الى قطف كلام عون والذهاب به بعيداً في اللعب على وتر العلاقة بين الطرفين. كمٌ هائل من العبارات استُخدمت في هذا الصدد للتصويب على العلاقة، وتنوعت بين اختبارٍ غير مألوف، فراق، قطيعة، رسائل مباشرة، وغيرها الكثير من عبارات التوظيف السياسي. فهل فعلاً تقف العلاقة بين بعبدا وحارة حريك على مفترق طرق؟!.
لا ترى مصادر متابعة لمسار العلاقة بين الطرفين "داعياً" لكل الجوقة الاعلامية التي حدثت عقب كلام الرئيس عون. الاختلاف بمقاربة بعض الملفات والخلاف في وجهات النظر لا يُفسد للود قضية. العلاقة متينة بين الطرفين، وتفاهم مار مخايل لا يزال صلباً. تُقارب المصادر القضية من زاوية أنّ التباين بالآراء بين الحلفاء مطلوب، وإلا يُصبح الحلفاء حزباً واحداً. ومن هذا المنطلق فإنّ كل حزب يتمايز عن الآخر ببعض المواقف لجهة بعض المواضيع الجزئية الصغيرة، وهذا ما حصل بين حزب الله و"التيار الوطني الحر". فصحيح أنّ كلام الرئيس عون يُبين بما لا يقبل الشك خلافه الواضح مع حزب الله لجهة مقاربة عقدة تمثيل السنة المستقلين، وهذا تفصيل صغير، برأي المصادر، وقضية جزئية، لكنّه لا يُدلّل أبداً على خلاف استراتيجي بين حارة حريك وبعبدا، كما حاول البعض تسويقه.
تُشدّد المصادر على أنّ الطرفين لا يزالا يلتقيان وبقوة عند خط القضايا الاستراتيجية، وعلى رأسها المقاومة. العلاقة في هذا السياق لم تتبدّل ولن تتغير، وهي تستمد ثباتها من المبادئ والعقائد الراسخة التي يؤمن بها الطرفان. تؤكّد المصادر أنّ الاختلاف الذي حصل لم يحدث للمرة الأولى. سبق وأن حدث على شاكلته، حيث برز في السابق تباين في وجهات النظر في مواضيع أخرى، ولم تتأثر العلاقة. تستشهد المصادر بكلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عن أن التيار لن يسمح بانهيار أي علاقة مع أي مكون لبناني مهما بلغت التضحيات، وانه لن يسمح بوقوع انفجار بين هذه المكونات. وتدحض المصادر الشائعات التي سرت لجهة انقطاع قنوات الاتصال بين الطرفين، وتؤكد أن الخط لا يزال مفتوحاً، ولم تنقطع الاتصالات أبداً.